لم تعد ساكنة إقليم اشتوكة آيت باها تطيق حجم الخسائر البشرية والمادية التي تنجم عن توالي حوادث السير على الطريق الوطنية رقم 1، في المحور العابر لإقليم اشتوكة آيت باها، خاصة بين إحشاش سيدي بيبي وقنطرة وادي ماسة، حيث سقط ضحايا من مختلف الفئات العمرية في مشاهد أليمة، تحولت فيها أجساد إلى أشلاء.
وإذا كانت عوامل عديدة تفاقم حوادث السير، من أبرزها العامل البشري، مع ما يرتبط بذلك من سلوكات السائقين، ضمنها السرعة الزائدة والتجاوز المعيب والسياقة تحت تأثير الكحول وعدم احترام قواعد السير وغير ذلك، فإن البنية التحتية الطرقية هي الأخرى غير بريئة في مواصلة التسبب في حصد مزيد من الأرواح على الطرقات.
بإقليم اشتوكة أسقطت آيت باها حوادث المرور عشرات القتلى في الآونة الأخيرة، وذلك في طريق وسمت لدى الرأي العام المحلي بوصف “طريق الموت”، وهو الوصف الدال على حجم ما يشهده هذا المحور من مآس، إذ ترملت نساء ورجال وتيتم أبناء، وأصيب شبان بعاهات وتبخرت أحلام بريئة؛ ورغم كل هذه المآسي المستمرة في الزمان والمكان ظلت أصوات الساكنة تتردد على مسامع المسؤولين من غير أن تستطيع تحريك ظمائرهم.
ومن أجل لفت الانتباه إلى هذه الوضعية المقلقة الناجمة عن توالي هذه الحوادث المميتة، خاصة بعد حادثة أودت بحياة ثلاثة أشخاص دفعة واحدة بمركز أربعاء أيت بوالطيب، على المحور نفسه، راسل رئيس المجلس الجماعي لإنشادن وزير التجهير والماء مطالبا بإحداث مدار طرقي بمدخل المركز، وذلك “للأهمية البالغة لهذا المشروع في حماية أرواح المواطنين وتحسين حركة المرور وتفادي العدد الكبير من حوادث السير التي يشهدها المركز بشكل متكرر”.
وأوردت المراسلة، التي اطلعت عليها هسبريس، أن “مركز أربعاء آيت بوالطيب يشكل نقطة تجمع مهمة للمواطنين والمركبات بسبب موقعه الإستراتيجي، إذ يعد ممرا رئيسيا لعدة اتجاهات وطرقات حيوية، وقد لوحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع ملحوظ في عدد حوادث السير على هذا المحور، ما نتجت عنه خسائر بشرية ومادية كبيرة، إلى جانب تأثيرات سلبية على حركة المرور والبيئة والسلامة العامة”.
من جانبها انتفضت جمعيات وهيئات حقوقية بجماعة سيدي بيبي، في السياق ذاته، بعد سقوط عدة ضحايا بـ”نقطة الموت”، إحشاش سيدي بيبي، التي شهدت مصرع عاملتين زراعيتين دهسا تاركتين أطفالا مكلومين، انضافتا إلى العديد من زميلاتهما من ضحايا لقمة العيش اللواتي سقطن وهن في طريقهن إلى الضيعات الفلاحية، إذ احتجت بالمكان وراسلت الجهات المسؤولة طالبة تدخلها العاجل لوقف النزيف.
إلى ذلك سبق للمنظمة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فرع سيدي بيبي، أن عبرت عن قلقها إزاء “الوضع المزري والمقلق الذي آلت إليه الطريق الوطنية رقم 1 بمدخل دوار إحشاش، جراء كثرة الحوادث التي تخلف العديد من الضحايا، إذ تحولت إلى مصدر قلق لساكنة المنطقة ومستعملي الطريق”.
وعبر الفرع الحقوقي، ضمن بيان صادر عنه، عن استنكاره “مماطلة المسؤولين، وعلى رأسهم مسؤولو المجلس الجماعي، الذي سبق أن قدم وعودا من أجل التدخل لإحداث مدار طرقي بهذه النقطة السوداء، لكن كل تلك الوعود أصبحت في خبر كان، ما شعرت معه الساكنة بخيبة أمل كبيرة، واعتبرت هذه المماطلة قمة العبثية واحتقارا ممنهجا لها”.
جمعية نور الحق للتنمية والأعمال الاجتماعية بالجماعة ذاتها، وأمام الوضع نفسه المتسم باستمرار ضحايا حوادث السير المميتة بهذا المحور، راسلت المديرية الإقليمية لوزارة التجهيز والماء لاشتوكة إنزكان، لتجدد لها المطلب الملح متمثلا في إنجاز مدار طرقي بدوار إحشاش، بعد أن ذكرت في مراسلتها بمعاناة المواطنين مع النقطة السوداء ومشاكل عبور الطريق بها، حيث أنهيت حياة الكثير من السكان من مختلف الأعمار.
وفي جواب للإدارة المعنية موجه إلى الجمعية سالفة الذكر اكتفت المصالح الإقليمية لوزارة التجهيز والماء، ضمن مراسلة اطلعت عليها هسبريس، بالإخبار بكون المشروع التنفيذي الخاص بمدار طرقي في النقطة الكيلومترية 882 على الطريق الوطنية رقم 1 في طور المصادقة، “وستقوم المديرية ببرمجة إنجازه مستقبلا”.
سيناريوهات ومشاهد مماثلة تتكر بكل من مدخل البويبات وكوحايز والنواصر بجماعة إنشادن، وقهوة سالم ومدخل الزنيبي وأيت أحمد بجماعة بلفاع، وسيدي عبو بجماعة ماسة؛ أما جماعة سيدي بيبي فكان لها النصيب الأوفر منها؛ فرغم تشديد إجراءات المراقبة الطرقية من طرف مصالح الدرك الملكي بفعل تكثيف دوريات شرطة المرور وتعزيز المجموعات المتنقلة لمراقبة السير والمجهودات التي تبذلها كوكبة الدراجات النارية التي تجوب الإقليم طولا وعرضا لزجر مخالفي السرعة، يبقى تحسين حالة البنية الطرقية، خاصة إحداث مدارات بالنقط السوداء، السبيل إلى خفض مستوى النزيف.