في كتاب جديد صدر عن أكاديمية المملكة المغربية، قدّم الأكاديمي التونسي محمد الحداد “موضوع الإصلاح والنهضة بطريقة مبتكرة”، كاشفا، وفق تقديم المؤلف: “عمليات التوظيف والتحريف التي لحقت بهذا الموضوع ويفسر دوافعها (…) ثم معالم نظرية جامعة في الإصلاح الديني تتفاعل مع مكتسبات العلوم الإنسانية والاجتماعية وإشكالياتها ومفاهيمها”، قبل وقوف لدى “الإصلاح العربي الإسلامي خاصة؛ فطرح جملة من مسائله وقضاياه، وسلط عليها منهجه في الحفر التأويلي ليمهد لتاريخ جديد، نقدي ومنفتح، لهذه الفترة الحساسة والمصيرية من التاريخ العربي الإسلامي”.
بعنوان “المدخل إلى دراسة النهضة والإصلاح في العصر العربي الحديث”، ضمّ الكتاب، الصادر في 227 صفحة، سلسلة من سلسلات “الحلقات العلمية لأكاديمية المملكة المغربية”، قدمها محمد الحداد بين يناير وأكتوبر 2023، في موضوع “الإصلاح في مجتمعات المسلمين في العصر الحديث.. سياقات ظهور وانتشار علاقات جديدة بالماضي وبالموروث الإسلامي”.
ومن بين ما ذكره الكتاب أن “موضوعَ الإصلاح موضوعٌ وازن في الثقافة العربية والإسلامية الحديثة، وهو يرتبط بأكثر القضايا تعقيدا في الوجدان الفردي والجماعي، إذ يطرح العلاقة بين الماضي والحاضر، والمقدس والدنيوي، والأنا والآخر”.
وتابع الحداد: “لقد تراكمت آلاف الكتب والمقالات والمحاضرات والمقررات المدرسية في هذا الموضوع، وأصبح من حق البعض أن يتساءل عن جدوى مواصلة الخوض فيه، وهذا شعور لكنه غير سديد؛ لأنه لا يقوم على تقييم موضوعي لهذه الكتابات. إنها كثيرة فعلا؛ لكنها في الغالب يكرر بعضها البعض ولا تضيف كثيرا للمعرفة، وهي في الجزء الأكبر منها تعامل عاطفي مع الموضوع”.
ثم أردف الأكاديمي قائلا: “هذا الوضع مفهوم، لأن فترات البدايات هي دائما أكثر الفترات التي تعسر دراستها؛ بالنظر إلى طابعها الوجداني واضطراب المعلومات حولها. والعصر الموسوم بالإصلاح هو بداية العصر الحديث في المجتمعات العربية والإسلامية”.
ويعِدُ هذا المنشور الجديد قُراءَه بتقديم “آخر ما توصل إليه الباحث في موضوع اشتغل عليه أكثر من ثلاثين سنة”.
ومحمد الحداد “أستاذ التعليم العالي بجامعة قرطاج التونسية، وهو متخصص في الدراسات الحضارية والأديان المقارنة. حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون بباريس، وهو أستاذ كرسي اليونسكو للدراسات المقارنة للأديان من 2004 إلى 2016، ونشر العديد من الكتب منها ‘حفريات تأويلية في الخطاب الإصلاحي العربي’، ‘محمد عبده’، ‘ديانة الضمير الفردي’، ‘البركان الهائل’، ‘قواعد التنوير’، ‘الإسلام والعصر الحديث’، وله ترجمات ومنشورات باللغات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يرى النور ضمن سلسلة من منشورات أكاديمية المملكة المغربية، تتضمن “العروض التي قدمت في إطار الحلقات العلمية المنظمة من لدن الأكاديمية لفائدة الطلبة الدكاترة المنتمين إلى الجامعات المغربية”.