أوصت ندوة علمية نظمتها جمعية التراث والفلكلور، السبت، حول دور الفن والإبداع في إحلال السلام والتقارب بين المجتمعات، بنقل تجربة هذا المهرجان العالمي للفلكلور إلى الأقاليم الجنوبية، خصوصا مدينتي العيون والداخلة، والتأكيد على دعم الجوانب الثقافية، والتربية على القيم الحضارية الوطنية بالنسبة للناشئة، من خلال البرامج التعليمية والأنشطة الإشعاعية.
وخلصت تدخلات المشاركين في هذا اللقاء العلمي إلى ضرورة تشجيع المنتوج الفني والسنيمائي والوثائقي الذي يتناول الأمجاد الوطنية، ونقل هذا التاريخ إلى الأجيال الحالية، سواء تعلق الأمر بالأحداث الكبرى مثل أمجاد الملوك والسلاطين الذين تعاقبوا على حكم المملكة أو الشخصيات الوطنية والقيادات التاريخية أو تعلق بالمعالم التاريخية وإحياء التراث الحضاري العريق لبلادنا.
وخلال هذه الندوة التي نظمت انطلاقا من شعار الدورة السادسة للمهرجان العالمي للفولكلور بمراكش “إرث السلام” بمشاركة أكثر من 18 دولة عبر العالم، أكد يوسف حسني، رئيس الجمعية، على أهمية الفن والإبداع في إشاعة أفكار التسامح والسلام في العالم، على اعتبار الثقافة والإبداع من المداخل الناعمة للتقارب بين المجتمعات، والتأسيس لجبهة عالمية تسعى إلى مواجهة أفكار التطرف والعنف التي أصبحت ظاهرة تخترق هذه المجتمعات بمختلف مرجعياتها وتوجهاتها الدينية والفكرية والسياسية.
من جهته، أبرز عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الحوار والتفاهم بين الشعوب من شأنه أن يؤدي إلى تبديد العديد من تمثلات سوء الفهم الكبير، الذي بدأ يطبع مع الأسف قطاعا مهما من الناس ولم تسلم من هذه المعضلة المتفاقمة حتى بعض النخب.
وتابع البلعمشي موضحا أن من حق دعاة العيش المشترك والتفاهم بين المجتمعات والشعوب وترسيخ قيم القبول المتبادل لمختلف الثقافات والحضارات أن يحلموا بغد أفضل؛ بل من واجبهم أن يتحملوا مسؤولية تطهير مجتمعاتهم من ظواهر العنف والتطرف بكل أشكالها فكرا وممارسة.
وأوضح محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، أن الطريق شاق ومعقد، لتحقيق الغايات المثلى في إحلال الأمن والسلام، وإشاعة الأفكار المفضية إليه، لا سيما أن الوضع الدولي الراهن لا يساعد على ذلك، بفعل تنامي الصراعات والحروب وانتشار بؤر التوتر في مختلف مناطق العالم.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن الثقافة والإبداع والفنون تظل أحد أهم المداخل وأكثرها نجاعة لبناء جسور التواصل بين الشعوب والامم وتلاقح الثقافات، خاصة أن الفن يعزز التقارب بين الأفراد ويهدم الهوة بينهم بغض النظر عن الانتماءات والخلفيات الثقافية، كما يساهم في تحرير الفرد من المعتقدات واليقنيات السائدة من خلال تحرير واستكشاف الذات، وتحرير العقل والابتعاد عن الشوفينية.
وفي مداخلة له خلال هذه الندوة، تحدث نوفل العواملة، الإعلامي في قناة “ميدي 1 تي في”، عن السياق الذي يعيش على وقعه العالم والذي تطبعه الحروب والصراعات في رقع جغرافية مختلفة واصفا الحديث في النسخة السادسة من هذا المهرجان الدولي عن الفن والإبداع في التقريب بين الشعوب ونشر السلام بالخطوة الشجاعة من قبل اللجنة المنظمة؛ لما في ذلك من إيمان راسخ بقدرة المبدعين على نشر القيم الإنسانية التي تجمع ولا تفرق.
وأضاف العواملة أن التاريخ أكد على نهل الحضارات الإنسانية من بعضها البعض منذ آلاف السنين، حيث تعتبر الثقافة مفتاحا للتعارف بين الشعوب.
وحول دور الإعلام في هذا المجال، تحدث الإعلامي في قناة “ميدي 1 تي في” عن أهمية هذا القطاع في منح المبدع منصة قادرة على نشر القيم المشتركة وخلق بيئة حاضنة تعرف الناس حول العالم على إبداعات لا تؤمن بحدود الجغرافيا أو بانتماء عرقي أو ديني يسود على حساب الآخر.
وفي الختام، ضرب المتحدث ذاته المثال بتجربة المنتخب الوطني في مونديال قطر حين تحول “أسود الأطلس” إلى حديث العامة والخاصة في الصحافة العالمية بسبب قيم “تمغربيت” التي أبهرت العالم أجمع.
حري بالذكر أن هذه الندوة تميزت أيضا بحضور الموسيقار السوري العالمي مازن الأيوبي، الذي أكد على ثراء الفن المغربي بمختلف روافده. ودعا، خلال كلمة له، إلى بذل مجهود أكبر لوصول الموروث الثقافي والفني المغربي إلى المشرق العربي المتشوق إلى الانفتاح أكثر على إبداعات المغاربة وفي كل المجالات.