شمل التعديل الحكومي حقيبة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حيث خلف أمين التهراوي، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، البروفيسور خالد آيت الطالب، في خطوة غير متوقعة.
وجرى، اليوم الخميس بمقر الوزارة سالفة الذكر بالرباط، توديع البروفيسور خالد آيت الطالب تحت التصفيقات وبالدموع؛ بالنظر إلى الكفاءة العالية التي كان يتميز بها الوزير السابق، وخصوصا نجاحه في تدبير جائحة “كورونا” وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية.
وتسلم أمين التهراوي، القادم من عالم المال والأعمال، مفاتيح الوزارة، هو الذي شغل منصب مدير ديوان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة الحالي، عندما كان وزيرا للفلاحة والصيد البحري، ويعتبره الكثيرون شخصية غير معروفة في عالم السياسة.
وكان البروفيسور خالد آيت الطالب، خريج كلية الطب والصيدلة بالرباط، قد شغل العديد من المناصب والمسؤوليات وصولا إلى تعيينه على رأس قطاع الصحة في حكومة سعد الدين العثماني الثانية في أكتوبر 2019، قبل أن يغيب عن تشكيلة النسخة الأولى لحكومة عزيز أخنوش؛ لكنه عاد سريعا في أكتوبر 2021، بعد إعادة تعيينه على رأس الوزارة نفسها خلفا لنبيلة الرميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، باقتراح من رئيس الحكومة الحالية.
تحديات قطاع الصحة
تزامنت فترة تولي ابن مدينة أكادير لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية في النسخة المعدلة من حكومة العثماني الثانية مع مواجهة المغرب لأزمة صحية طارئة واستثنائية، ممثلة في تفشي فيروس كورونا بالمملكة في عام 2020. وقد فرضت هذه الأزمة تحديات كبيرة على المنظومة الصحية الوطنية، التي نجحت في تدبير الجائحة بفضل خبرة آيت الطالب وطاقمه الوزاري، وفقا لآراء الكثيرين.
الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في الثامن من شهر شتنبر من العام الماضي، مخلفا خسائر بشرية ومادية فادحة، كان هو الآخر أحد الملفات التي تعامل معها وزير الصحة والحماية الاجتماعية السابق؛ مما فرض تعبئة كافة الإمكانيات البشرية واللوجستية للقطاع الصحي في المغرب لإنقاذ ضحايا هذه الكارثة والتعامل مع تداعياتها، التي ما زالت تلقي بظلالها على عدد من المتضررين.
كما أشرف آيت الطالب، بتوجيه حكومي، على تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس، وإطلاق عدد من الإصلاحات والمشاريع التي شملت إصلاح القطاع الصحي الوطني؛ مثل تعميم التأمين الصحي الإجباري، وإقرار قانون المنظومة الصحية، وإحداث المجموعات الصحية الترابية التي تراهن عليها الحكومة لتعزيز جاذبية الوظيفة الصحية، واعتماد أنماط مبتكرة من التدبير تماشيا مع احتياجات المواطنين المغاربة. جاء ذلك في إطار الرهان أيضا على تحقيق السيادة الصحية والدوائية.
الفترة التي قضاها آيت الطالب على رأس الوزارة لم تخلُ من مناوشات بين هذا القطاع الحكومي وبين الأطر والمهنيين في القطاع، الذين خاضوا إضرابات ونظموا وقفات احتجاجية عديدة، رفعت شعار “الكرامة”، وطرحت مجموعة من الملفات المطلبية التي انتهت جزئيا بتوقيع محضر اتفاق بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ونقابات القطاع في 23 يوليوز الماضي. وأقر هذا الاتفاق زيادات شهرية لفائدة الأطر التمريضية والإدارية والتقنية في القطاع الصحي، إضافة إلى الزيادات الأجرية المقررة في إطار اتفاق جولة أبريل 2024 بين الحكومة والمركزيات النقابية.
ملفات ثقيلة
وعلى الرغم من الإنجازات الحكومية التي تحققت في قطاع الصحة، فإن العديد من الملفات ما زالت تنتظر أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية الجديد، القادم من عالم المال والأعمال.
وتستلزم هذه الملفات مضاعفة الجهود لتنزيل مشروع الدولة الاجتماعية؛ عبر تعزيز العرض الصحي بالمغرب وإدماج التكنولوجيات الحديثة في هذا القطاع، إضافة إلى تقليص الفوارق المجالية في الولوج إلى الخدمات الصحية.
ويعد الرهان على الموارد البشرية وتحفيزها ركيزة أساسية لأي إصلاح، إضافة إلى مواجهة ظاهرة هجرة الأطر التي تعيق تنفيذ السياسات الصحية. وستضع هذه الملفات وغيرها الوزير الجديد تحت أنظار المواطنين المغاربة الذين يأملون تحسين ولوجهم إلى خدمات الرعاية الصحية.
وأعادت الملامح الأولى لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة الاحتقان إلى قطاع الصحة، إذ تضمن بنودا تعاكس ما تم الاتفاق والتوقيع عليه يوم 23 يوليوز 2024، وفق النقابات القطاعية التي دعت إلى التراجع عن بعض البنود المتعلقة بمقتضيات تهم الوضعية القانونية والوظيفية لمهنيي الصحة.
وأعرب أمين التهراوي، خلال تسليم السلط، عن امتنانه للملك على الثقة الملكية السامية التي وضعها فيه، مؤكدا أن قطاع الصحة يعد إحدى ركائز ازدهار وتنمية المجتمع.
كما أعرب عن شكره لآيت الطالب على المجهودات التي بذلها على رأس الوزارة، مؤكدا عزمه على مواصلة هذا الزخم، إلى جانب فرق الوزارة كافة، من أجل الاستجابة لانتظارات المواطنين على أفضل وجه، وتجويد قطاع الصحة والحماية الاجتماعية بالمملكة.