بالرفض وسيل من الانتقادات قابلت الجمعيات المُدافعة عن حقوق المستهلكين المغاربة توجه مهنيي قطاع التصوير بالمملكة نحو إقرار زيادة “مُوحدة” في أثمنة خدماتهم المُرتبطة بصور التعريف بجميع أنواعها بدءًا من شهر نونبر المُقبل، وفقًا لما أعلنه تنظيمهم المهني، السبت.
وكشفت الهيئة العليا لمهنيي التصوير بالمغرب، في بيان رسمي اطلعت عليه جريدة هسبريس الإلكترونية، أنه ستتم “مراجعة لائحة الأثمنة المتعلقة بالخدمات المقدمة للزبائن ابتداءً من شهر نونبر من السنة الجارية”، حيث سَتُقر زيادة قدرها عشرة دراهم في أثمنة صور التعريف بجميع أنواعها، لتنتقل من 30 درهمًا حاليًا إلى 40 درهمًا.
وبرر التنظيم، الذي يلتئم ضمنه الآلاف من مهنيي ومهنيات التصوير بالمغرب، هذه الزيادة بكونها نتيجة للارتفاعات المهولة والمتتالية لأسعار جميع المواد الأولية ومستلزمات ومعدات التصوير الفوتوغرافي، لافتًا إلى أنها تهدف أيضًا إلى “مُواكبة التطور الحاصل في مهنة التصوير وضمانًا للاستمرارية في تقديم الخدمات للزبناء بالجودة المعهودة”.
ورفض حُماة المستهلك هذه الخُطوة، التي “تلجم المنافسة” وتُشكل “خرقًا واضحًا وجليًّا” لمقتضيات القانون المتعلق بحرية الأسعار والمُنافسة، سيما المادة 6 منه، التي تنص على حظر “الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية، كيفما كان شكلها وأيًا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عنها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما، ولا سيما عندما تهدف إلى (…) عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها”.
وانتقد هؤلاء، في حديثهم لجريدة هسبريس الإلكترونية، “ممارسة الابتزاز والحيف بحق المستهلك المغربي بالنظر إلى أن هذه الزيادة لا تملك مُبررات مُقنعة”، لافتين إلى أن “مستلزمات ومعدات التصوير لا يتم تغييرها يوميًا أو شهريًا؛ والكاميرا التي هي أداة العمل الرئيسية في القطاع، تتراوح مدة “تهلكتها” (صلاحيتها) بين ثلاث وخمس سنوات، فيما القطاع لا يعتمد على مواد أولية مشمولة بالغلاء من قبيل المحروقات على سبيل المثال”.
“خرق وحيف”
بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، سجّل بدايةً أن “قرار الهيئة ينطوي على خرق لمقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة رقم 104.12، الذي يمنع الاتفاق على الزيادة في الأسعار أو خفضها، خُصوصًا أن قطاع التصوير حر، ولكل مهني الحق في اعتماد التسعيرات المُناسبة وفق تقديره لتكاليف الخدمة شريطة إشهار لائحة الأثمنة”، مشيرا أن “المستهلك المتضرر في هذه الحالة له الحق في اشتكاء الهيئة إلى مجلس المنافسة من أجل القيام بتحقيقاته وتحرياته في الموضوع، واتخاذ الإجراءات اللازمة”.
ورفض الخراطي، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، “هذه الزيادة الوشيكة وغير المبررة في أثمنة صور التعريف بالنظر إلى أن القطاع لا يعتمد على أي من المواد المشمولة بالغلاء من قبيل المحروقات على سبيل المثال”، مُضيفًا أنه “حتى الزيادة في كُلفة اليد العاملة لا تشكل مبررًا لهذه الزيادة، بالنظر إلى أن محلات التصوير لم تعد تعتمد كما قبل على عدد كبير من العاملين، وبالنظر إلى أن هذه الزيادة تهم جميع القطاعات بالمغرب”.
واستغرب “دفع الهيئة بغلاء مستلزمات ومعدات التصوير ضمن مُبررات الزيادة، إذ إن هذه المعدات لا يتم تغييرها يوميًا أو شهريًا أو سنويًا؛ فبالنسبة للكاميرا، على سبيل المثال، فإن معدل/ مدة التهلكة Le Taux d’amortissement يتراوح بين ثلاث وخمس سنوات”، مُضيفًا “من هذا المنطلق فإن هذه الزيادة لا تعدو كونها ابتزازًا وحيفًا في حق المستهلك المغربي من قبل أُناس لا يملكون حسًّا وطنيًّا ولا يولون اعتبارًا للسلم الاجتماعي”.
وانتقد رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك ما أسماه “تحول الزيادة في أسعار المواد والخدمات الحيوية في المغرب إلى مُوضة، إذ ما إن يُسجل ارتفاع في الأثمنة في قطاع ما حتى يلجأ مهنيو القطاع الآخر إلى رفع أثمنة مُنتجاتهم وخدماتهم ولو كان سعر موادها الأولية ما زال مستقرًا، مما يعكس في نهاية المطاف أن السوق المغربية لم يتم ضبطها والتحكم فيها بعد”.
“لجم المنافسة”
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، أكد بدوره أن “الهيئة سالفة الذكر ليست هي المنظمة المهنية التي تدعو مُنتسبي قطاعها إلى زيادة موحدة في أسعار خدماتهم أو مُنتجاتهم”، لافتا إلى أن ذلك “خرق واضح لمقتضيات المادة 6 من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة”. وتساءل في هذا الصدد “هل هذه المنظمات على علم بما يمكن أن يطالها من غرامات كبيرة جدًا تصل في بعض الأحيان إلى 4 ملايين درهم؟”.
وسجّل مديح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “إبقاء المُنافسة رائجة داخل هذا القطاع يفرض على الهيئة إفساح المجال لكل مهني ليحدد التسعيرة التي يراها مُناسبة باستحضار المنطقة التي يشتغل بها والقدرة الشرائية لزبنائه؛ ففي نهاية المطاف هناك مهنيون يمكن أن يجدوا في 20 درهمًا لصورة التعريف الواحدة ثمنا مُناسبًا لهم بالنظر إلى أن زبناءهم ذوو قدرة شرائية ضعيفة، كما ثمة آخرون بإمكانهم أن يعتمدوا حتى سعر 100 درهم لأن المنطقة التي يشتغلون بها تضم زبناء قدرتهم الشرائية قوية”.
وأبرز رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك أن “هذه الزيادة لا تأخذ بعين الاعتبار أن القطاع لم يعد بالحيوية والأهمية التي كانت لديه في السابق، إذ بات الكثير من الأشخاص في الوقت الحالي قادرين على إخراج صور التعريف الخاصة بهم بجودة عالية باستخدام التطبيقات المتطورة في هذا المجال”، مُضيفًا أن “هناك بالفعل مجالات يصعب فيها الاستغناء عن خدمات المهنيين، ولكنها ليست كبيرة إلى الحد الذي يُبرر هذه الزيادة”.