أخبار عاجلة
روايات خير الدين في مجموعة مغربية -

السلع العامة وفشل السوق

السلع العامة وفشل السوق
السلع العامة وفشل السوق

كلمة السلع تشمل أيضا الخدمات. إنه لا قيام للمدنية والحضارة بدون السلع العامة. ويقصد بها في علم الاقتصاد وبلغة مبسطة كل سلعة لا تقبل الاستبعاد. أي أن طبيعة هذه السلعة تجعل استهلاك أو استعمال الفرد منها لا يتسبب في استبعاد غيره من المشاركة في الاستهلاك أو الاستعمال. من أسهل الأمثلة: الأمن والسلامة العامة، والإذاعة العامة، والبنية التحتية، والطرق أو زفلتتها، أو توفير خدماتها كالإنارة والصيانة.

هذه السلع يحتاجها طبعا البشر. لكن السوق لا توفرها، أو ما يعبر عنه أحيانا بفشل السوق في توفيرها. ومن ثم فإنه لا يمكن للمرء أن يحصل على احتياجاته منها في السوق. وتبعا، تتدخل في توفيرها الحكومات أو جهات أخرى مرخصة ذات علاقة واهتمام. كيف تحصل على مال لتوفيرها؟ موضوع خارج المقال.

هناك ثلاث صفات للسلع العامة:

الصفة الأولى: وجود خصائص في السلعة، ما يجعل توفيرها من جهة محددة هو الخيار الأحسن.

الصفة الثانية: طبيعة السلعة تحمل تأثيرات وأبعادا خارجية أو إضافية، بحيث تجعل أسعارها لا تعكس تكاليفها على أو منافعها للمجتمع، أو تجعل تكلفتها عالية جدا، زائدة عن مقدرة المستهلكين.

الصفة الثالثة: الاستفادة من السلعة يتصف بأنه غير تزاحمي. استعمال سلعة بعينها من قبل فرد لا يمنع من استعمال آخرين منها -نفسها- في الوقت نفسه.

من نتائج الصفات السابقة، أن السوق وحدها لا يحقق استقرار الاقتصاد. وللعلم، هذا من أسباب وقوع أزمات مالية. ظن ويظن كثيرون أن حصول استقرار في الاقتصاد يحققه اقتصاد السوق لوحدها. والاستقرار يعني توازن العرض والطلب، ما يغني عن الحاجة إلى تدخل الحكومات.

الافتراض السابق لا تعززه بنية الاقتصادات، وخاصة في العصر الحديث. مثلا: في اقتصادات قائمة على السوق، يلحظ لجوء دول إلى توسيع الائتمان بزيادة عرض النقود بحرية واسعة وتساهل في القيود. هذه النوعية من الزيادة النقدية يقابلها زيادة الخصوم مثل: الديون في القوائم المالية. وينتج من هذه العملية حصول غلاء وضعف في الاستقرار الاقتصادي.

مثال آخر: التوسع والتطور الصناعي والتقني منذ القرن الـ19 الميلادي، حفز منشآت إلى تكوين تكتلات لتسهيل أعمالها وزيادة أرباحها. وقد جنحت هذه التكتلات إلى التضييق على دخول المنافسين، بهدف إبقاء الأسعار أعلى من الأسعار التنافسية، وهي عملية تسمى تقنيا "الممارسات السعرية غير العادلة". وقد تلجأ هذه التكتلات إلى خفض الأسعار دون التكلفة لفترة مؤقتة بغرض الإضرار بالمنافسين الصغار ومحاولة إجبارهم على الخروج من السوق.

تلك الأحداث دفعت المشرعين في دول كثيرة إلى إصدار قوانين مكافحة ممارسات سعرية غير عادلة. هناك مصادر أخرى لتشوهات السوق، وأهمها، وجود صعوبات في الحصول على المعلومات (أو الاستفادة منها) وخاصة لسلع بعينها، ووجود تأثيرات خارجية.

حدود السلع العامة وتمويل الحصول عليها، وتمويل استمرارها، كانت ومازالت في نقاشات الناس، ونقاشات ذوي التوجهات الفكرية، وأهل التشريع وأهل الاقتصاد. وتحوي النقاشات خلافات واسعة في الآراء. خلاصة رأي فئة، جعل كل السلع عامة. بمعنى آخر، الحل عند هذه الفئة سيطرة الدولة على كل وسائل الإنتاج. بينما يرى آخرون العكس تماما، وهو تضييق التدخل الحكومي في الاقتصاد إلى أكبر قدر ممكن. وبينت التجارب أن كلا الرأيين فاشلان. وقد سبق إلى بيان الفشل اجتهادات فقهية عبر القرون. إن حدود السلع العامة في الوسط. ويلحظ أن هذا الوسط في اتساع مع مرور الوقت لمزيد من السلع العامة، والدخول في التفاصيل يطول. وبالله التوفيق.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق «المركزي» المصري يسحب 1.4 تريليون جنيه سيولة من البنوك بعاند 27.75%
التالى بنك التعمير والإسكان يستعرض رؤية تحقيق الازدهار الاقتصادي في مصر