طموحٌ إلى تعريف القرّاء الشباب بإرث محمد خير الدين، أحدِ أبرز الأقلام المغربية باللغة الفرنسية، يحضر في مبادرة جدّدت نشر سبعة أعمال له، عن دار “نشر الفنك” المغربية، بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج وأكاديمية المملكة.
وفي مجموعة يوحّدها عنوان “روايات من المغرب والعالم” يجد القارئ باللغة الفرنسية روايات “أكادير”، “أنا الحادُّ الطباع”، “النّبّاش”، “رائحة المانتيك”، “حياة، وحلم، وشعب دائم التيهان”، “أسطورة وحياة أكونشيش”، و”كان يا مكان…”.
صفاء الوالي، عن “دار الفنك للنشر”، قالت لهسبريس: “إن هذا المنشور آخر مشروع لنا؛ فقد اخترنا سبع روايات للراحل محمد خير الدين ووضعناها في مجموعة أنيقة جدا، وقد لقيت في المغرب رواجا كبيرا، لأن أدب خير الدين تراث كبير جدا”.
وتابعت الوالي: “نشرت الروايات بشراكة مع مجلس الجالية لتثمين تراث كُتّابنا في المهجر؛ لأنهم لقوا رواجا كبيرا في الخارج، ودور النشر الفرنسية أعطتهم مكانتهم، لكن في بلدنا، خاصة في صفوف الجيل الحالي، يوجد من لا يعرف محمدا خير الدين؛ وبالتالي هذا نوع من إعادة تملك كاتبنا مغربيا، ليعرف الجيل الجديد أدبه وتراثه”.
يذكر أن مجموعة خير الدين التي تجدّد إصدارها في طبعة مغربية تروم وفق المؤسسات المشرفة عليها: “إحياء ذكرى أحد نوابغ الأدب المنشور بالفرنسية (…) الشاعر الأديب محمد خير الدين”.
وأرفق كل عمل من الأعمال الصادرة بتقديم خاصّ، إضاءةً لموضوعاته، وعالمه الأدبي، وسياقات حياته و”تسليحِه الكلمات”. ووفق تقديم رائعة خير الدين “أكادير”: “ليست هذه إعادة نشر، بل الروايات السبع تشكل إعادة ترميمِ للذاكرة”.
ومحمد خير أحد أبرز الكُتاب المغاربة في النصف الثاني من القرن العشرين، رأى النور بتافراوت سنة 1941 ورحل عن دنيا الناس بالرباط سنة 1995، بعد عودته للمملكة من مقامه بفرنسا، التي كان أحد الأعلام الكاتبين بلغتها بها عبر مجلّات من بينها “الأزمنة الحديثة” لصاحبها جون بول سارتر، الأكاديمي الفرنسي المتخصص في الفلسفة، الذي اختير للظّفر بجائزة نوبل للآداب، وعُرف تقديرُه لقلم خير الدين.
وكانت لخير الدين، سنوات ستّينيات القرن الماضي، مشاركات في مجلة “أنفاس” التي صدرت أعدادها بين اللغتين العربية والفرنسية، وهي إحدى أبرز المجلات الثقافية المغربية أثرا بعد الاستقلال، وكان يشرف عليها قبل منعها الرّسمي الأديب والشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، المتوَّج بجائزة “غونكور” الأدبية الرفيعة في مجال الأدب المكتوب باللغة الفرنسيّة.
ومحمد خير الدين أحد أبرز الكتاب المغاربة الذين عرفوا بأسلوب عيشهم البوهيميّ، وبكتابات ومواقف ناقدة لنظام الأشياء القائم سياسيا واجتماعيا ولُغويا، وبنمط حياة غادَر فيه الوظيفة القارّة للتفرّغ للكتابة، ولم تفلح لا باريس ولا الرباط في ترويضه، قبل أن يغادر دنيا الناس في سنته الرابعة والخمسين بالعاصمةِ التي كان يراها “باهتةً، غيرَ مُلهِمَة؛ وخرابُ شالّة (…) حيث روحُ الرومان والمرينيّين، ينبض بالحياة أكثر منها”.