على بُعد حوالي 11 كيلومترا من مدينة “الحمامة البيضاء”، في الجماعة القروية صدينة، يقع مصنع “لافارج هولسيم” بتطوان، وهو أحد فروع المؤسسة العريقة في صناعة الإسمنت بالمغرب، والذي راكم 20 سنة من العمل شمال البلاد، مرسخا بذلك تقليدا جديدا ينحو إلى خدمة التنمية المستدامة بالقرى والمناطق المجاورة للمعمل الذي يغطى 54 هكتارا من تراب الإقليم.
وسط الآليات والبنيات اللوجستية الضخمة، يشرح القائمون على المصنع طرق ووسائل اشتغال المعمل لممثلي وسائل إعلام وطنية ومحلية، من بينها جريدة هسبريس الإلكترونية، قادتهم في رحلة استكشاف للتعرف على الفرع الرائد في إنتاج الإسمنت من بين فروع المجموعة المنتشرة بالمغرب.
يحكي مصطفى الزعيمي، مدير مصنع لافارج هولسيم تطوان، باعتزاز عن تجربة المصنع الذي يستخدم مجموعة من التقنيات الحديثة لتعزيز وتطوير أدائه، حيث أكد أن المصنع هو الأول في العالم الذي يمتلك مزرعة ريحية يستعملها في إنتاج الإسمنت.
وأضاف الزعيمي، في تصريح لهسبريس على هامش الزيارة الاستكشافية للمصنع، أن صناعة الإسمنت من الصناعات التي تستهلك الطاقة بشكل كبير، و”هذه المزرعة توفر لنا أكثر من ثلثي احتياجات المصنع من الطاقة الكهربائية، والثلث المتبقي نتزود به من طرف شركاء محليين”، معتبرا أن جهود المصنع مكنتنا من توفير 96 في المائة من حاجياته من الكهرباء من مصادر خضراء.
وبخصوص معدل الإنتاج السنوي من الإسمنت للوحدة الصناعية الضخمة، أكد الزعيمي أن الطاقة الإنتاجية لمصنع تطوان تقدر بـ”مليون و600 ألف طن، ولدينا أحدث الخطوط المجهزة بتقنيات حديثة تمكننا من التحكم في جودة المنتوج والطاقة التي تستعمل ونستغلها أحسن استغلال”.
كما أشار المتحدث ذاته إلى أن المصنع يعمد إلى إحراق الأطنان من النفايات المطاطية أو الخشبية أو الورقية، إذ يسعى المصنع إلى تخليص البيئة من هذه النفايات التي إن “رميت في البيئة تظل لمئات السنين، وفي الوقت نفسه نستفيد منها لأنها توفر لنا نسبة من احتياجاتنا للطاقة الحرارية”.
وزاد الزعيمي موضحا: “خلال السنة الماضية، حرقنا على مستوى جميع المعامل في المغرب، ما يقارب 200 ألف طن من النفايات، وهي كمية قليلة بالنسبة لنا؛ لأننا في حاجة إلى كميات أكثر من أجل تعويض الطاقة الحرارية التي نستوردها من الخارج بأسعار باهظة”، معتبرا أن هذا “الإجراء سيمكننا من خفض الفاتورة الطاقية وكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى الحفاظ على العملة الصعبة في البلاد”.
وسجل الزعيمي أن الشركة تمتلك رؤية وسياسة واضحة في التنمية المستدامة، مؤكدا أنها تشتغل على محاور ومبادرات متعددة مع الساكنة المجاورة للمعمل، إذ يساهم هذا الأخير بشكل مباشر في تنمية المنطقة المجاورة له.
وتفيد المعطيات التي أعلنها مسؤولو المصنع في هذا المجال بأنها تتوزع بين دعم التعاونيات النسائية المحلية والتي أثمرت نتائج مهمة على مستوى تثمين وتسويق عدد كبير من النباتات الطبية المعروفة بالمنطقة، فضلا عن تشجيع تعليم الخياطة والطرز، إلى جانب دعم المدارس والنقل المدرسي لفائدة أبناء القرى المجاورة للمعمل.
وفي هذا السياق، جرى، اليوم، تدشين قسم نموذجي في ثانوية عزيز الحبابي بصدينة، المجاورة للمعمل، حيث أكد مدير المصنع “أننا نحاول من خلالها محاربة الهدر المدرسي الذي يشكل عائقا في تربية أبنائنا”، معربا عن فخر المؤسسة بالمبادرات التي تقوم بها لفائدة الساكنة المجاورة.
وزاد الزعيمي موضحا أنهم في معمل “لافارج هولسيم” يعتبرون أنفسهم “مسؤولين عن التنمية المباشرة بالقرى المجاورة، ونحاول المساهمة في تنمية بلادنا بشكل عام”.
ومثلت الخطوة التزاما من المعمل بدعم التعليم في المنطقة، إذ يهدف المشروع الذي تم إطلاقه العام الماضي في مناطق عديدة بالمملكة إلى “تزويد المدارس المجاورة بمعدات معلوماتية من النوع الممتاز من حواسيب ثابتة ومحمولة وسبورات تفاعلية وطابعات وأجهزة عرض، وكذا الربط بشبكة الإنترنيت، مما يتيح للتلاميذ الاطلاع على مجموعة متنوعة من المصادر التعليمية عبر الإنترنيت بشكل يمكنهم من إغناء معارفهم عبر منحهم معلومات إضافية وفيديوهات تثقيفية وبرامج محاكاة تفاعلية”.
من جهتها، اعتبرت زينب بنونة، مديرة التواصل والمسؤولية الاجتماعية بمجموعة “لافارج هولسيم المغرب”، خلال هذه المحطة، أنه في إطار مسؤولية المقاولة الاجتماعية “نساهم في تقليص الفجوة الرقمية بين المناطق القروية والحضرية، وتقدم مؤسستنا للشباب الأدوات والفرص اللازمة لبناء مستقبلهم”، مشددة على أن “هذه المبادرة تجسد رغبتنا في أن نكون طرفا فاعلا في تطوير المجتمعات المحلية المجاورة لمصانعنا”.
وإلى جانب مجال التعليم، سجلت بنونة أن المؤسسة التي تمثلها تقدم أيضا “الدعم اللازم للتعاونيات وحاملي المشاريع الشباب في المجتمعات المحلية المجاورة لمصانعنا من أجل تحقيق مشاريعهم المقاولاتية؛ وذلك عبر توفير ورشات التكوين اللازمة ومواكبة تطوير مشاريعهم من مرحلة إنشاء تعاونياتهم ومقاولاتهم الصغرى إلى مرحلة تسويق منتجاتهم”. كما يهدف هذا الدعم إلى “تعزيز وقعه الإيجابي الاقتصادي والاجتماعي على محيطهم عبر تحقيق استقلالهم المادي”، تختم المسؤولة ذاتها.