تحرز صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر تقدمًا قويًا، إلى حدّ جذبهما -بجانب عدد من الصناعات الأخرى كثيفة استهلاك الطاقة مثل البتروكيماويات- كبريات الشركات العالمية لنقل أنشطتها إلى القاهرة.
وتوسعت القاهرة خلال السنوات الأخيرة في إنتاج وتصدير هذه الصناعات على حدّ سواء، بما يضعها ضمن كبار المصدرين على مستوى العالم.
وكشفت تحديثات صادرات الأسمنت التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) وفق بيانات تتبع السفن، أن القاهرة سجلت رقمًا قياسيًا خلال العام الماضي 2024، رغم عدم إعلان البيانات الحكومية والرسمية محليًا حتى الآن.
وبالتوازي مع هذه الطفرة، بات التساؤل حول النمو المتوقع لحجم انبعاثات الصناعات كثيفة الاستهلاك وإجراءات الحدّ منه ضروريًا، خاصة أن مصر تعدّ أكبر اقتصادات شمال القارة الأفريقية.
تطورات صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر
تشكّل تطورات صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر أحد المحركات الأساسية في دعم نمو البلاد الاقتصادي، وفق الاعتبارات الحكومية للقاهرة.
وسجلت صادرات الأسمنت والأسمدة والكيماويات لأكبر اقتصادات شمال أفريقيا نموًا بنسبة 350% منذ عام 2019، وزادت الصادرات إلى الضعف منذ عام 2022 حتى العام الماضي 2024.
وصدّرت القاهرة خلال العام الماضي 9.7 مليون طن متري من الأسمنت والمادة الخام المستعملة في إنتاجه (الكلنكر)، حسب بيانات كبلر لتتبّع السفن.
وتُشير هذه الأرقام إلى معدل صادرات قياسي، إذ يفوق صادرات عام 2022 بـ3 أضعاف.
ولم يقتصر نمو صادرات العام الماضي على الأسمنت فقط، إذ زادت صادرات الأسمدة أيضًا إلى 8.3 مليون طن، بما يعادل زيادة قدرها 70% مقارنة بصادرات عام 2022.
وفيما يتعلق بالإنتاج، لم تعلن الحكومة المصرية بعد إنتاج الأسمنت والأسمدة خلال العام الماضي.
وكان إنتاج عام 2023 قد شهد إنتاج 50 مليون طن من الأسمنت، و3.5 مليون طن من أسمدة النيتروجين وحجز لمصر المركز السادس عالميًا ضمن كبار المنتجين، حسب بيانات دولية نقلتها رويترز.
شركات أوروبية تستثمر في الأسمنت المصري
شرعت شركات أوروبية تستثمر في الأسمنت المصري، بنقل أعمالها إلى القاهرة والمشاركة في تحديث بعض المصانع والمنشآت.
ومثال على ذلك النقلة التي أجرتها شركة "هايدلبرغ" الألمانية التي تعدّ أكبر منتجي الأسمنت في العالم، إذ أوقفت إنتاج مصنعها في مدينة هانوفر خلال العام الماضي، وانتقلت لتركّز نشاطها في مصنع "أسمنت حلوان".
وأجرت الشركة بعض التحديثات على مصنع حلوان، شملت التركيز على تقليص استهلاك الطاقة عبر الاستفادة من الحرارة المطلقة خلال العمليات.
وأتاح وجود "هايدلبرغ" في السوق المصرية تعزيز مستويات الإنتاج، بالاستفادة من حجم نمو الصناعة وصادراتها.
وتعدّ الشركة الألمانية واحدة فقط من الشركات العالمية المنتجة للأسمنت التي اتخذت القاهرة وجهة جديدة لأعمالها.
وتزامنت طفرة الأسمنت والأسمدة في مصر مع تراجع إنتاجهما في أوروبا، ما دفع عددًا من الشركات لاستغلال تكلفة الإنتاج المنخفضة في أفريقيا ونقل أعمالها.
ودفعت وتيرة نمو الصناعات الثقيلة في مصر -التي تشمل تكرير النفط ومعالجة الغاز الطبيعي بجانب الأسمنت والأسمدة والكيماويات وغيرها- نحو توفير فرص عمل جديدة بشركات القطاع الخاص.
ودعمت الحكومة هذه الصناعات عبر: فرض تسعير ثابت لإمدادات الغاز اللازم للتشغيل، ما ساعد في تقليص تكلفة الإنتاج النهائية، وتشجيع مشروعات البنية التحتية، ورفع سعر الأسمدة المحلية.
انبعاثات صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر
شغلت انبعاثات صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر المعنيين بالبيئة والمناخ، خاصةً أن طفرة الإنتاج والتصدير تشير إلى ارتفاع متوقع لمستويات التلوث.
ولم تعلن الهيئات ذات الصلة -حتى الآن- التداعيات المناخية المتوقعة لزيادة إنتاج وصادرات الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، لنقص البيانات الواردة من محطات الكهرباء والمصانع.
وقدّرت وكالة الطاقة الدولية تسبُّب إنتاج طن واحد من الأسمنت في إطلاق ما يتراوح بين 0.8 و0.9 طن ثاني أكسيد الكربون، ووقوف إنتاج طن الأسمدة النيتروجينية الواحد وراء إطلاق 2.6 طن من ثاني أكسيد الكربون.
وتُشير هذه التقديرات إلى اقتران طفرة صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر (سواء في الإنتاج أو الصادرات) بتداعيات هائلة من التلوث، خاصة أن إنتاج الطاقة وصناعاتها المختلفة في القاهرة تسبَّب في إطلاق 279 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، عام 2023.
وفي حين تفرض السوق الأوروبية معايير عالية للتحكم في الانبعاثات، أرجع محللون نقل شركة "هايدلبرغ" الألمانية نشاطها لمصنع أسمنت حلوان المصري إلى معايير قياس الانبعاثات غير الصارمة في البلاد.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: