بعد أن عوّلت المملكة المتحدة على أول عبّارة خضراء تُبنى في البلاد لخفض انبعاثات النقل البحري خلال عملية نقل السيارات بين جزر إسكتلندا، انتهى الأمر بمفاجأة غير متوقّعة.
وتلقّى مترقبو العبارة صدمة مع الكشف عن تقدير حجم الانبعاثات الذي تطلقه، مقارنة بالعبّارات العاملة بالديزل.
وبحسب تحديثات تقنيات النقل البحري الأخضر لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تُشير المعلومات الأوّلية حول العبّارة "غلين سانوكس Glen Sannox" إلى أنها تعمل بالوقود المزدوج، وتجمع بين العمل بوقود الغاز المسال والديزل البحري منخفض الكبريت (Marine Gas Oil).
وواجهت العبّارة تحديات جمة منذ بدء الحديث عنها عام 2017، ورغم ذلك فقد كان المسؤولون في المملكة المتحدة وإسكتلندا يعدّونها داعمة لأهداف تغير المناخ وصديقة للبيئة.
ويطلق مصطلح "العبّارات" عادة على السفن التي تنقل الأشخاص والسيارات من شاطئ لآخر أو ضفة لأخرى، ولمسافات قصيرة بين نقطتين مائيتين.
مواصفات العبّارة "غلين سانوكس"
تتضمّن مواصفات العبّارة "غلين سانوكس" العمل بوقود مزدوج، وتتسع لعدد أكبر من السيارات؛ نظرًا إلى كبر حجمها.
وتعد "غلين سانوكس" أول عبّارة خضراء تُبنى في المملكة المتحدة، وتصنف -منذ الكشف عنها قبل 7 سنوات- بأنها ذات انبعاثات منخفضة، وصديقة لقطاع الشحن والنقل البحري.
ورغم المواصفات التي تنبئ بمستقبل واعد للعبّارة؛ فإنها واجهت اتهامات بالمبالغة في الحديث حول تقنياتها الخضراء من قِبل الداعمين لها.
ويمكن تفسير ذلك بالنظر إلى أن تسيير العبّارة بالوقود المزدوج يحتاج إلى محركات أكبر تسهم بإطلاق انبعاثات غاز الميثان الذي يفوق ثاني أكسيد الكربون تأثيرًا في معدلات الاحتباس الحراري.
ويرجّح البعض أن أحد أسباب ارتفاع البصمة الكربونية للعبّارة هو حجمها الكبير الذي يتسع لسيارات أكثر.
وذهب البعض الآخر إلى تسبب وقود الغاز المسال نفسه في رفع تقدير الانبعاثات الكربونية للعبارة، مع اكتشاف أنه لم يعد وقودًا صديقًا للمناخ كما كان يعتقد سابقًا.
ولم يقف الأمر عند ذلك، بل على مدار سنوات بنائها استهلكت العبّارة المخصصات المالية المرصودة لها.
انبعاثات العبارات الخضراء
تعد انبعاثات العبارات الخضراء هاجسًا يلاحق تطورها وانتشارها، وكان من الصادم الإعلان عن حجم انبعاثات يصل إلى 10.391 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون تطلقه "غلين سانوكس" سنويًا، بما يضرب مواصفات العبارة المرتقبة في مقتل.
ولا تنحصر الصدمة في حجم الانبعاثات المتوقع من "غلين سانوكس" بصفتها عبّارة خضراء، بل إن الأمر يبدو أكثر سوءًا إذا ما قورنت بحجم انبعاثات عبّارة "إم في كاليدونيان MV Caledonian" العاملة بالديزل والتي تبلغ من العمر التشغيلي 31 عامًا وتستعد للتقاعد.
ويصل حجم انبعاثات العبارة بالديزل إلى 7.723 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفق تحليل أجرته كالماك (CalMac) الاسم التجاري لشركة كالماك فيريس المعنية بتشغيل عبّارات الركاب في الساحل الغربي لإسكتلندا، ونقلت نتائجه بي بي سي.
بدورها، دافعت شركة كاليدونيان ماريتايم أسيستس (CMAL) الإسكتلندية التابعة للحكومة عن "علين سانوكس" بصفتها عبّارة خضراء صديقة للبيئة.
وانتقدت الشركة مقارنة عبّارتها بالعبّارة العاملة بالديزل، واتهام الأولى بإطلاق انبعاثات أكبر، موضحة أن حجم الانبعاثات الكبير يرجع لحجمها الأكبر.
صدمة الغاز المسال والميثان
تبرهن أنواع تقنيات الوقود الحديثة يومًا بعد الآخر على أنها بديل غير مدروس، من بين ذلك صدمة الغاز المسال والميثان.
وتوقّع محللون أن انبعاثات استخراج الغاز المسال المستورد من "المنبع" ومعالجته قد ترفع إجمالي انبعاثات العبّارة الخضراء إلى ما يفوق العبّارات المشغلة بالديزل.
ومن جانب آخر، فإن توسعة حجم العبارة لاستيعاب سيارات أكثر لم يؤثر في الانبعاثات فقط، بل أضر بالبنية التحتية، وفق مدوّنة ديلي سكبتك البريطانية.
ولا يُرَجَّح أن يتسع ميناء أردوسان لعبارة خضراء بحجم عبارة "غلين سانوكس"؛ ما يتطلب إعادة تطوير الميناء بالكامل ويضيف تكلفة وانبعاثات جديدة لحسابات العبارة صديقة البيئة.
وواجهت مرحلة بناء العبّارة تحديات؛ من بينها: التحديات الهندسية والتنظيمية التي واجهت العبّارة في حوض البناء البريطانية "فيرغسون" قبل تسليمها.
وتكمن أزمة العبّارة "غلين سانوكس" -المتوقع ربطها البر الرئيس في إسكتلندا بجزيرة أران- في تسبب محركات الوقود المزدوج بإطلاق غاز الميثان الذي يحمل ضررًا أكبر.
وكانت التقديرات الأولية تشير إلى أن انبعاثات العبارة -التي تستعد للتشغيل شهر يناير/كانون الثاني الجاري- ستكون أقل من عبّارات طريق "أران" بنحو 400 طن سنويًا، لكن يبدو أن هذه التقديرات باتت في مهب الريح الآن، خاصة أن تحليل شركة "كالماك" لم يتضمن حسابات انبعاثات الميثان.
واقترح خبراء أن الخيار الأمثل لتجنب انبعاثات العبّارة المتوقعة، هو تشغيلها بالغاز الحيوي (Biogas)، المنتج من المخلفات العضوية، أو كهربة العبارات بالكامل وتسييرها بالبطاريات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- مواصفات "غلين سانوكس" كعبارة خضراء صديقة للبيئة، من مدونة ديلي سكبتك البريطانية.
- العبّارة "غلين سانوكس" العاملة بالوقود المزدوج تطلق انبعاثات تفوق عبّارات الديزل، من تحليل لـ"بي بي سي".