حفّز انخفاض درجات الحرارة بمختلف مناطق المغرب، موازاة مع فترة “الليالي” وسقوط ثلوج بالمناطق المرتفعة، عددا من جمعيات المجتمع المدني على الانخراط بدورها في الجهود الوطنية الرامية إلى تقديم مساعدات للفئات الاجتماعية المتضررة من البرد، سواء كانت عبارة عن أغطية أو مواد غذائية أو حتى مساعدات ذات طبيعة طبية.
وانتشرت بعض الجمعيات، خلال الآونة الأخيرة، بمناطق متفرقة من المملكة ساعية إلى تقريب مساعداتها المختلفة من المواطنين الذين يعانون كل سنة من تداعيات موجة البرد خلال هذه الفترة بالذات، بما ينضاف إلى مختلف التدابير والخطط التي كشفت عنها السلطات الحكومية في الإطار نفسه، مع استمرار المديرية العامة للأرصاد الجوية في الكشف عن نشرات إنذارية تخص تساقطات مطرية وثلجية كذلك.
وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، قد أوضح، في نونبر الماضي بمجلس النواب، أن “المخطط الوطني لمكافحة آثار البرد لهذا الموسم يستهدف حوالي 872 ألفا من الساكنة، في إطار 169 ألف أسرة تقطن بحوالي 2014 دوارا، وتابعة لما يصل إلى 241 جماعة ترابية على مستوى 28 عمالة وإقليما”، مفيدا بأنه “تم تقسيم المناطق المعنية إلى مستويات حمراء وصفراء وبرتقالية”، ومسجلا عددا من التدابير الحكومية التي لها علاقة بالجانب الصحي، بما فيها التي تهم مواكبة الحوامل.
من جهتها، كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أعلنت هي الأخرى عن برنامج “رعاية 2024/2025” الذي يروم تعزيز الخدمات الصحية على مستوى 31 إقليما بحوالي 8 جهات بالمملكة، وكذلك ضمان استمرارية هذه الخدمات لدى الساكنة المتضررة من موجات البرد، وذلك إلى غاية 30 مارس المقبل.
وقال حْساين وزني، رئيس جمعية “أخيام” بإملشيل، إن “التحركات التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني وقِواه الحية تبقى مهمة ومعززة للمجهودات الحكومية والرسمية التي يتم الكشف عنها في هذا الإطار؛ بالنظر إلى صعوبة هذه الفترة من السنة، ونحن في بداية شهر الشتاء بكل آثاره على شرائح واسعة من المجتمع، خصوصا على مستوى البوادي والمناطق المرتفعة، بما فيها إملشيل”.
وأوضح وزني، في تصريح لهسبريس، أنه “تم في نهاية الأسبوع الماضي تنظيم قافلة تضامنية تشمل مساعدات من أغطية وملابس شتوية ومواد غذائية، إلى جانب مساعدات ذات طبيعة طبية وأخرى تهم توفير الماء الصالح الشرب، والتي استفاد منها ما مجموعه 375 أسرة، تضم ساكنة دواوير تَيْدرت وأغالن وتمزاغرتْ، والتي تعد ذات طبيعة جغرافية صعبة”.
وزاد: “تكون لدينا كفاعلين مدنيين وجمعويين كل سنة استراتيجية تخص هذه الفترة بالذات بالنظر إلى قساوتها من الناحية المناخية، ونحن نعرف دائما معاناة ساكنة إملشيل مع انخفاض درجات الحرارة”، مفيدا بأن “التمويل هو ذاتي ونتيجة لتنسيق مع شركاء جمعويين آخرين، ولم يكن نتاجا لدعم عمومي معيّن، على الرغم من أهميته”.
واستدرك قائلا: “لكن في مناسبات سابقة كان هناك دعم من جهات حكومية؛ لكن مسألة التنسيق مع السلطات المحلية والإقليمية عادة ما تكون دائما، بالنظر إلى أن ذلك يساهم في ضمان السلاسة وتجنب كل المشاكل التي يمكنها أن تصادف مسار القوافل التضامنية”، معيدا التشديد على أن “التكاثف بين المخططات الحكومية والمبادرات الجمعوية أمر مطلوب ويحقق أكبر استفادة في صفوف الساكنة”.
وقال كريم جوهر، فاعل جمعوي بالدار البيضاء: “نواصل الاشتغال حاليا على قافلة تضامنية تهم ما يصل إلى 470 أسرة تتوزع تقريبا على 15 دوارا بجماعة بونرار بإقليم تارودانت، وهي القافلة التي اشتغلنا على توفير كل ما تشمله خلال الأسابيع الماضية، حتى تكون ذات وقع إيجابي نسبي في هذه الفترة بالذات”.
وأضاف جوهر، في تصريح لهسبريس، أن “هذه المسألة تتم المواظبة عليها منذ أزيد من أربع سنوات، حيث تكون القوافل عادة ذاتية ويتم اقتراحها من قبل أعضاء الجمعية؛ فيما تكون أخرى بمثابة ردّ فعل وجواب على نداءات خاصة تكون قادمة من بعض الدواوير التي تعاني في أوقات البرد، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة تيديلي خلال السنة الماضية”.
وبيّن المتحدث، الذي يرأس جمعية “صحبة الخير”، أن “التمويل على العموم يكون ذاتيا ونتيجة مساهمة مجموعة من الأفراد، خارج أية مساهمة للمؤسسات الرسمية التي تكون هي الأخرى ذات برنامج خاص بها يستهدف أكبر عدد من المناطق”، مبيّنا أن “هذه الممارسات التضامنية تكون ذات وقع إيجابي على عدد من الأسر التي تعاني من صعوبة البرد”.
وزاد: “نواظب كل سنة بالقيام بالمبادرة نفسها، حتى في فترة ما قبل تأسيسنا لهذه الجمعية، حيث يتم التحضير لهذه الفترة من خلال إطلاق حملة تحسيسية لإثارة انتباه الأفراد الراغبين في المساهمة في التخفيف عن الفئات التي تعاني من آثار البرد”، مبيّنا أن “آثار هذه الأخيرة تكون ذات آثار سلبية على ساكنة الجبال والبوادي الواقعة بالمرتفعات”.
وذكر المتحدث أن “التنسيق يكون مع السلطات المحلية بخصوص التراخيص وكل التصريحات الواجب توفرها من جانب قانوني، وهو مهم في نهاية المطاف، بغرض إنجاح التدخلات التي يتم القيام بها على مستوى مجموعة من المناطق؛ بما فيها أزيلال والأطلس المتوسط ووسط المملكة كذلك”.