تحتاج كوريا الجنوبية إلى الإسراع في خطط التحول نحو الطاقة المتجددة، خاصة لتلبية احتياجات قطاع التقنية لديها، بما فيها الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
وتشكّل المصادر المتجددة نسبة محدودة في توليد الكهرباء لدى كوريا الجنوبية، بلغت 10% عام 2023، وهو ما يقل كثيرًا عن المتوسط العالمي (30.25%) والآسيوي (26.73%).
ورغم وجود الطاقة النووية -بقوة- بمزيج توليد الكهرباء الكوري (30%)، فإن كثافة الكربون في شبكة الكهرباء تبلغ 430 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط/ساعة.
وفي هذا الصدد، دعا تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من قطاع التقنية من جهة، وخفض الانبعاثات من جهة أخرى، بدلًا من بناء محطات لتوليد الكهرباء بالغاز.
عكس الاتجاه
تخطط شركات كورية مثل هانيانغ (Hanyang) وهانوا إنرجي (Hanwha Energy) لبناء محطات للكهرباء تبلغ قدرتها 4 آلاف و700 ميغاواط تعمل بالغاز المسال، بحسب تقرير نشره معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
كما تعطي كوريا الجنوبية الأولوية لتوليد الكهرباء بالغاز المسال والمفاعلات النووية الصغيرة، في حين تُركز العديد من الدول والشركات على الطاقة المتجددة، لتلبية الطلب المتزايد من الذكاء الاصطناعي.
الإصرار على هذا الاتجاه سيضع كوريا الجنوبية في وضع محفوف بالمخاطر الاقتصادية؛ إذ إن تزويد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالكهرباء المولدة من الغاز ومن ثم إطلاق انبعاثات كربونية قد يضر بالاستثمارات لديها، مع أهداف شركات التقنية لتحقيق الحياد الكربوني.
كما أن معايير الطاقة المتجددة وتقليص الانبعاثات التي تبنتها العديد من المبادرات والمؤسسات مثل مبادرة آر إي 100 (RE100)، وآلية تعديل حدود الكربون الأوروبية، قد توقف تدفق الاستثمارات في قطاع التقنية الكوري.
وفي مقابل رؤية معهد اقتصادات الطاقة، ترى مؤسسات أخرى أن الغاز الطبيعي والطاقة النووية هما أجدر المصادر لتلبية الطلب على الكهرباء المتزايد من الذكاء الاصطناعي، نظرًا إلى الموثوقية، خاصة في ظل الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة والحمل الكهربائي الكبير الذي يحتاج إليه قطاع التقنية.
الذكاء الاصطناعي متعطش للكهرباء
ترى وكالة الطاقة الدولية أن الاستهلاك الضخم للكهرباء من جانب الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في أثناء عمليات التشغيل، سيزيد من الطلب على الطاقة المتجددة.
وتتوقع الوكالة الدولية تضاعف صافي زيادة توليد الكهرباء المتجددة في قطاع الذكاء الاصطناعي إلى 262 تيراواط/ساعة بحلول عام 2026 مقارنة بعام 2023.
وأرجعت ذلك إلى ارتباط العديد من شركات التقنية بمبادرات دولية تلزمها بالتحول نحو المصادر المتجددة، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
على سبيل المثال: مبادرة "آر إي 100"، هي مبادرة دولية تضم مئات الشركات، وتهدف إلى تلبية 100% من الطلب على الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2050.
ويظل التقدم الذي أحرزته الشركات الكورية في هذه المبادرة ضئيلًا،ط؛ إذ حققت شركات مثل "إس كيه هاينكس" حصة 30% فقط من الطاقة المتجددة، في حين انخفضت حصة سامسونغ إلى أقل من 10%.
عواقب وخيمة
تشكّل صناعة الرقائق الإلكترونية أكثر من 20% من إجمالي صادرات كوريا الجنوبية، في حين تبرز الولايات المتحدة خامس أكبر وجهة تصدير لهذا القطاع.
كما أن أميركا موطن لنحو 428 شركة عضوة في مبادرة "آر إي 100"؛ لذا ستكون هناك عواقب وخيمة إذا لجأت شركات التصنيع الأميركية الكبرى إلى الاستغناء عن موردي الرقائق من الشركات الكورية والبحث عن شركات أخرى ملتزمة بتقليص انبعاثاتها الكربونية.
وسيزيد الأمور تعقيدًا وجود قائمة من القوانين المتعلقة بالحد من الانبعاثات الكربونية تعتزم الولايات المتحدة تمريرها، مثل قانون رسوم التلوث الأجنبي التي تفرض مزيدًا من الأعباء على المنتجات ذات الانبعاثات المرتفعة.
الأمر لا يقتصر على السوق الأميركية، فأوروبا ستنفذ آلية تعديل حدود الكربون بحلول 2026، من خلال فرض ضرائب على السلع المستوردة بناءً على حجم انبعاثات الكربون.
وعندما تشمل هذه الآلية قطاعي الرقائق والذكاء الاصطناعي، فإن شركات الكورية الجنوبية عالية الكربون ستواجه عواقب مالية كبيرة.
طريق الخروج من الأزمة
يمكن لكوريا الجنوبية تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من قطاع الرقائق الإلكترونية ومراكز البيانات، مع استمرار قدراتها على المنافسة عالميًا، في حال مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات، وفق الهدف العالمي المتفق عليه في (كوب 28).
ويرى التقرير أن مضاعفة سعة الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ستُلبي الطلب المتوقع على الكهرباء بالكامل من قطاعي الذكاء الاصطناعي وتصنيع الرقائق الإلكترونية.
وفي هذه الحالة، ستصل الزيادة الصافية في توليد الكهرباء المتجددة إلى 113.4 ألف غيغاواط/ساعة بحلول نهاية 2030 مقارنة بعام 2023.
وسيكون هذا المستوى المتوقع من توليد الكهرباء المتجددة أكثر من كافٍ لتلبية الزيادة الصافية المتوقعة في الطلب على الكهرباء، التي تُقدر بنحو 53.2 ألف غيغاواط/ساعة عام 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..