بدا عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية الدبلوماسي المصري، متحفظا ومحبطا في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية حول الواقع العربي في ظل الحرب المدمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر منذ أزيد من عام، على هامش مشاركته في ندوة “قيم العدالة والنظم الديمقراطية”، ضمن فعاليات الدورة الـ45 من موسم أصيلة الثقافي الدولي نهاية الأسبوع المنصرم.
واعتبر موسى أن الغضب المكتوم داخل العالم العربي إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية، يمكن أن ينفجر في أي وقت إذا استمرت إسرائيل ومن يدعمها في فرض واقع معين على العالم العربي والمنطقة بالقوة.
وعبر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عن استيائه من الصمت العربي المطبق إزاء ما يجري في المنطقة، ودعا الدول العربية إلى البحث عن صيغة جديدة من التضامن العربي الرصين لمنع “الاستسلام” للضغوط ووضع الأمور في نصابها من حيث إحقاق الحقوق وتحقيق السلام.
كما شدد موسى على أن المملكة العربية السعودية ومصر مطالبتان باتخاذ المبادرة وقيادة موقف موحد بمن هو مستعد من الدول العربية لبلورة وإعلان موقف مما يجري، مؤكدا أنه لا يعقل أن يتحدث نتنياهو عن نظام إقليمي جديد سيكون هو “النجم الساطع فيه”، معتبرا أن هذه مسألة “تضحك وتبكي”، وطالب بإعلان موقف عربي من هذا الكلام يؤكد أن أي نظام إقليمي قادم لا يمكن أن يكون إلا إذا كانت دولة فلسطين جزءا منه، وأي شيء غير ذلك سيؤدي إلى فوضى كبيرة في المنطقة، قبل أن يفضل إنهاء الحوار وعدم الإجابة عن أي سؤال آخر.
نص الحوار:
كيف يقيم عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية الوضع العربي في ظل حرب الإبادة الجماعية الجارية في غزة؟
لا شك عندي أن الغضب هو الشعور الذي يتشارك فيه كل فرد عربي أو عربية. وحالة الغضب لدى الشارع العربي كبيرة جداً، بعضها أو ربما معظمها مكتوم، وأعتقد أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه، وإذا استمرت إسرائيل ومن يحمي إسرائيل في فرض أوضاع على العالم العربي والمنطقة، (أعتقد) أن هذا الصمت أو الغضب الصامت أو المكتوم سوف ينفجر.
وآثار ما يجري سواء في فلسطين والنضال الفلسطيني أو بالنسبة لباقي أجزاء العالم العربي، تدفع إلى تصميم الكثير منا على ضرورة تعديل الموقف الحالي والعودة إلى صيغة جديدة من التضامن العربي الرصين الذي يمنع الاستسلام للضغوط ويضع الأمور في نصابها من حيث إحقاق الحقوق وتحقيق السلام.
البعض يتحدث ربما عن تواطؤ أو نوع من الخضوع العربي للإرادة الغربية، هل ترى أن الأمة العربية وصلت إلى درك سحيق من المهانة بلغت حد منع أنظمة لشعوبها من التظاهر نصرة لفلسطين؟
أعلم بهذا الانطباع واسع المدى عما عبرت عنه. إنما التوافق لا يعني الخنوع. التوافق الذي ندعو إليه هو توافق ليتمكن العرب من اتخاذ موقف صامد ضد أي محاولات استعمارية، أو محاولات لإخضاعه ودفعه إلى التسليم بمخططات أجنبية.
كيف ذلك؟
مثلا، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتحدث عن نظام إقليمي جديد سيكون هو النجم الساطع فيه. وهذه مسألة تضحك وتبكي، لأن أي نظام إقليمي يقوم على قاعدة “الجينوسايد” (الإبادة الجماعية) لا يمكن أن يكون نظاما إقليميا. ويجب أن نكون واضحين في هذا الأمر، لأن النظام الإقليمي القادم، إذا كان هناك نظام إقليمي قادم بالفعل، يجب أن تقوم في ظله دولة فلسطين، وأي أمر آخر في هذا الشأن سيكون مدعاة لفوضى كبرى في المنطقة، إن لم تحدث اليوم سوف تحدث غدا.
بماذا تطالب الدول العربية وقادتها إذن في هذا الباب؟
أنا أدعو إلى توافق عربي. توافق عربي بمن هو مستعد أن يكون مشاركا فيه، لأنه ليس شرطا أن تكون 22 أو 21 دولة حاضرة فيه، إنما يكفي أن تكون هناك مجموعة من الدول مصرة على الحفاظ على الكرامة السياسية للعالم العربي.
هل يعني هذا أنكم ترون أن البعض تخلى عن هذه الكرامة؟
لا. لكن هناك جهود كبيرة ليجعلوا العرب يخضعون ويتخلون عن هذه الكرامة، أنا لا أعتقد أن العرب تخلوا عن هذه الكرامة أبدا أو سوف يتخلون عنها.
لكن ماذا تقصد بتوافق عربي بمن هو مستعد؟
عندما أذكر هذه المسألة، يحضر في ذهني فورا المملكة العربية السعودية ومصر، لقيادة موقف يقوم على صياغة وجهة النظر العربية في مستقبل المنطقة.
لا يصح أن نسمع من “اللي يسوى واللي ميسواش” (في إشارة إلى نتنياهو) الحديث عن مستقبل المنطقة، وأين هو موقفنا نحن العرب من ذلك؟ لأننا نمثل الأغلبية في هذه المنطقة ويجب أن يكون لنا موقف. وأنا أدعو عددا قليلا من الدول العربية لتجتمع لقيادة هذا الموقف، وفي مقدمتها مصر والسعودية.
انطلاقا من تجربتكم الدبلوماسية الطويلة، هل يخيفكم هذا الصمت العربي؟
هو يدهشني وفي الوقت نفسه يؤسفني، ولكن أنا أعتقد أنها مرحلة مؤقتة ولن تستمر.