عاش عبد العظيم الميس، البطل المغربي في رياضة الملاكمة، قصة أشبه بالأفلام الهوليودية في سبيل تحقيق حلم طفولته الذي تمثل في أن يصبح واحدا من أقوى الملاكمين في العالم. وبعد رحلة صعبة إلى أوروبا، تحقق له جزء من هذا الحلم.
لم يفكر الميس في خطورة قرار هجرته السرية عبر “قوارب الموت” لتحقيق طموحه والصعود إلى أكبر الحلبات الأوروبية. فبعد سنوات من التألق في المغرب، وخاصة في مسقط رأسه مدينة آسفي حيث حصد وصافة بطولة المملكة في بداياته، تعرض لإصابة على مستوى الكتف. رفض مسؤولو الجامعة الملكية للملاكمة التكفل برعايته الصحية، مما دفعه إلى مواجهة واقع مرير شبيه بما يعانيه آلاف الشباب الحالمين بالنجاح في الرياضات الفردية.
في حديثه لـ”هسبورت”، كشف الميس أنه تلقى دعوة من أحد الأندية الهولندية للتكفل بعملية جراحية لإصابته، إلا أن تأشيرة الدخول رفضت بسبب عدم حصوله على الموافقة من الجامعة الوصية. اضطر الميس حينها لملاحقة حلمه عبر الهجرة “السرية” مستقلا قاربا خشبيا في رحلة محفوفة بالمخاطر نحو مدينة قادش الإسبانية في عام 2019.
وأكد الميس بنبرة حزينة أنه لا ينصح الشباب بالهجرة بهذه الطريقة، التي كادت أن تودي بحياته وحياة من كان معه. وقال إنه اتخذ قرار الهجرة بشكل متهور مع زملائه نحو مدينة مولاي بوسلهام، وعاشوا ساعات صعبة قبل الوصول إلى وجهتهم.
استقر الميس مع بعض الأصدقاء ولم ينسَ الهدف الذي رسمه قبل وصوله إلى أوروبا. عمل بجد وتدرب لساعات مع أحد أندية العاصمة مدريد، ثم سافر إلى هولندا وبلجيكا بحثا عن فريق محترف للانضمام إليه. وقد نجح في ذلك عندما تبنته إحدى الجمعيات البلجيكية وتكفلت بإجراء عملية جراحية ناجحة، مما أعاد إليه الأمل في تحقيق مساعيه ليصبح بطلاً في الملاكمة.
بعد اجتياز مرحلة العلاج والتأهيل، وقع الميس عقدين احترافيين؛ الأول في ألمانيا، لكنه لم ينجح بسبب “جائحة كورونا”، قبل أن يعود إلى بلجيكا ويخوض خمسة نزالات قوية تحت لواء الاتحاد الدولي للملاكمة في مختلف دول أوروبا، فاز بها جميعًا، منها أربعة بالضربة القاضية وواحدة بقرار الحكام، وكان آخرها هذا الشهر ضد الكولومبي نيستور غونزاليس.
لا يزال الميس يمتلك طموحات كبيرة ولديه أجندة مليئة بالنزالات مع أبطال من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ودول رائدة في هذه الرياضة. يتطلع إلى رفع راية الوطن مستقبلاً، ويأمل في الحصول على الدعم المادي من المسؤولين المغاربة، ذلك أن تكاليف المعسكرات، التنقل، وبرامج التغذية تعدّ من أهم المحفزات للملاكم لمواصلة النجاح.
وتابع الميس قائلاً: “تلقيت دعمًا معنويًا من قنصلية المغرب بهولندا، أشكرهم على ذلك، لكن يحز في نفسي أنني ألعب أمام أبطال تتوفر لهم جميع الإمكانيات، لكن مستواهم ضعيف جدًا. طموحي كبير، وسأواصل العمل والاجتهاد لكي أتوج بأكبر عدد من الأحزمة في المستقبل”.