أنعشت التساقطات المطرية التي هطلت بغزارة نهاية الأسبوع المنقضي، ويُرتقب أن تستمر خلال هذا الأسبوع، آمال الفلاحين في المغرب باستقبال موسم فلاحي ليس كسابقيه، مُحفزة إياهم على المرور الفعلي إلى مباشَرة أنشطة الحرث والبذر والزرع، خصوصا في مناطق الأراضي البورية.
التساقطات المطرية والزخات الرعدية، التي زارت جهات مغربية عديدة بعد توالي أشهر شديدة الحرارة، تعدّ بالغة الأهمية نظراً لتوقيتها وكذا تتابُعها خلال شهرَيْ شتنبر وأكتوبر، معلنةً تباشير موسم زراعي واعد.
وجاءت الأمطار الأخيرة متزامنة مع تغيير جديد على هرم الوزارة الوصية بتعيين أحمد البواري وزيراً لقطاعات الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات؛ كما تزامنت مع إشرافه، السبت الماضي بسهل سايس بجهة فاس- مكناس، على “الانطلاقة الرسمية” للموسم الفلاحي 2024/2025، حيث اتُخذت “تدابير خاصة بالنسبة لكل سلسلة من سلاسل الإنتاج من أجل تقويتها وإعادة إنعاشها، بتشاور مع مهنيي القطاع”، وفق بلاغ لوزارة الفلاحة.
وحسب المعطيات الرسمية، التي كشفتها الوزارة الوصية بهذه المناسبة، “سيتم تموين السوق الوطنية بما يناهز 1,26 مليون قنطار من البذور المعتمدة للحبوب الخريفية بأسعار بيع تحفيزية ومُدَعَّمة بانخفاض 3 إلى 5 بالمائة مقارنة بالموسم الفلاحي 2023/2024”.
أما “البرنامج الوطني للزرع المباشر”، برسم هذا الموسم الفلاحي، فسيُخصص مساحة 260 ألف هكتار بهدف الوصول إلى مليون هكتار في أفق 2030، تورد معطيات رسمية مؤكدة، مشيرة إلى “مواصلة التأمين الفلاحي متعدد المخاطر المناخية للحبوب والقطاني والزراعات الزيتية عبر برنامج التأمين متعدد المخاطر الخاص بالأشجار المثمرة لتأمين حوالي 50 ألف هكتار”.
ولضمان موسم ناجح قررت وزارة الفلاحة “الحفاظ على دعم اقتناء بذور وشتائل الطماطم المستديرة والبصل وبذور البطاطس لهذا الموسم”.
الزراعات الخريفية
قال نور الدين فاضل، عضو الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء- سطات، إن “التساقطات المطرية التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة ساهمت في انتعاش الزراعات الخريفية”، مسجلا أن ذلك يدفع نحو “تحسين وتعزيز المردودية، بل كان لها الدور الإيجابي المطلوب من قبل الفلاحين، الذين كانوا يعانون من نقص في المياه نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في مثل هذه الفترات المهمّة من الموسم الفلاحي خلال السنوات الفارطة”.
“من هنا كانت النتيجة الأولية لهاته التساقطات جدّ إيجابية في توفير المياه الجوفية وانتعاش الفرشة المائية واستغلالها في الأيام المقبلة في مختلف الأنشطة الفلاحية والزراعية”، يضيف الفاعل المهني في تصريح لجريدة هسبريس.
وأشار فاضل إلى “التأثيرات الإيجابية للتساقطات المطرية الأخيرة على مستوى إنتاج الخضروات والفواكه الموسمية وعلاقتها بالقدرة الشرائية للمستهلك”، لافتا إلى أنها ستؤدي إلى “انخفاض تكلفة إنتاجها بالمقارنة مع السنة الفارطة، إذ ستكون أقل بكثير”، وخلص إلى أن “الرابح الأكبر من هاته التساقطات سيكون هو الفلاح”.
مؤشر أمل
أكد الخبير الفلاحي محمد الدرقاوي فرضية التأثير الإيجابي للتساقطات المطرية والثلجية في هذه الفترة من السنة على محيط وبيئة الإنتاج الزراعي والمنظومات الفلاحية برمّتها. وقال في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية: “هذه الأمطار مؤشر على الأمل لتشجيع الفلاحين على مباشرة أنشطتهم بهمّة ونشاط، لكنها ليست كافية، خاصة أنها جاءت بعد أشهر جافة شديدة الحرارة”.
وتابع الدرقاوي، الذي كان باحثاً في المعهد الوطني للبحث الزراعي، قائلا إن “إعلان الوزارة استمرارها في توفير دعم الفلاحين بالنسبة لسلسلة الحبوب والقطاني وكذا توفير الأعلاف المدعّمة مؤشر إضافي آخر يرفع منسوب الأمل لدى المزارعين والفلاحين المعتمدين على منتوجات الأراضي البورية”.
وتابع قائلا: “أثر تساقطات شهريْ أكتوبر وشتنبر تتمثل، عادة، في تخفيف العبء عن سلاسل إنتاجية مهمة جدًا في الخُضر أمام الطماطم والبصل والبطاطس”، مبرزا أن “مختلف أنواع القطاني تبقى مستفيدة بشكل كبير من التساقطات المهمة خلال مراحل نموها ونضجها”.
وأضاف أن “شهر نونبر يبقى واعدًا أيضا في حال استمرار هذه التساقطات بالانتظام نفسه وتوزعها على مختلف المناطق الفلاحية”، مشيرا إلى ضرورة تكثيف المواكبة الرسمية والاستعانة بأحدث حلول البحث الزراعي والتقنيات في مجال الرّي والمياه والبذر والزرع المباشر بما يكفل رفع المردودية بأقل التكاليف”.
وأوضح أن “التساقطات في هذه الفترة الخريفية عاملٌ يساهم بقوة في توفير الكلأ والأغطية النباتية لفائدة مربي المواشي، فضلا عن تزويد الفرشة المائية”.