علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن مصلحة التحقيقات ومعالجة المعطيات وتتبع الأنشطة الرقمية، التابعة لمديرية المراقبة لدى المديرية العامة للضرائب، حولت إلى فرق المراقبة لدى المديريات الجهوية بمختلف مناطق المملكة، قائمة بأسماء وهويات ملزمين مصنفين ضمن “الأشخاص الذاتيين” (personnes physiques)، بينهم أطباء ومحامون ومهندسون وأصحاب مهن حرة آخرون، جرى التثبت من وجود تناقض كبير بين تصريحاتهم الضريبية ونمط عيشهم، إذ تجاوزت نفقاتهم داخل وخارج المغرب مستوى مداخيلهم المدلى به للإدارة الجبائية في شكل تصريحات محاسبية موثقة بفواتير ومستندات.
وأفادت المصادر ذاتها بأن أغلب الملزمين الواردة هوياتهم في القائمة المذكورة، متمركزون على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، جرى تتبعهم من قبل مصالح المراقبة الضريبية على مدى أشهر طويلة، بعد استشعار شبهات تصريحات مغلوطة أدلوا بها ضمن وثائقهم المحاسبية المقدمة للإدارة الجبائية، موضحة أن أبحاثا فتحت بشأن مداخيلهم ونفقاتهم بناء على وقائع الاشتباه المشار إليها، وتمكن المراقبون بالاستناد إلى حق الاطلاع على الحسابات البنكية والمعاملات المسجلة لدى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسح الطبوغرافي ومراكز تسجيل السيارات، من ضبط عمليات شراء عقارات غير مخصصة للاستعمال المهني (شقق وفيلات وأراض)، ومنقولات بمبالغ مهمة، همت خصوصا سيارات ويخوتا، وكذا تحويلات إلى حسابات جارية مشتركة، وعمليات شراء بواسطة بطاقات بنكية خارج المملكة.
وأضافت المصادر ذاتها أن عملية تحديد هوية المتهربين، الذين ثبت تناقض مداخيلهم مع نمط حياتهم ومستوى إنفاقهم العام، خضعت لمجموعة معايير احترازية، همت عدم توصلهم بعائدات عن استفادتهم من إرث أو توصلهم بهبات من أقارب، وذلك في سياق توجيههم نحو إثبات وضعيتهم الجبائية الحقيقية، من خلال التبرير بالوثائق والمستندات على إشعارات المراجعة الضريبية لمصدر دخلهم الذي يغطي المستوى العالي لنفقاتهم خلال سنوات محاسبية، جرى التصريح فيها بمداخيل ضعيفة أو عجز مالي، مؤكدة أن المعنيين بالمراجعة تجاوزت نفقات بعضهم 3 ملايين درهم (300 مليون سنتيم).
واستندت مصالح المراقبة الضريبية إلى مقتضيات المادة 216 من المدونة العامة للضرائب، من أجل افتحاص وضعية الملزمين المشتبه في تهربهم من أداء المستحقات الضريبية بذمتهم، التي تنص على إمكانية قيام الإدارة الجبائية بفحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين من أجل التحقق من تناسب دخولهم مع نفقاتهم وموجوداتهم النقدية، مع قيامها لهذه الغاية بتقييم إجمالي للدخل السنوي للشخص الذاتي، والأخذ بعين الاعتبار موجوداته النقدية المودعة في حساباته البنكية أو الحسابات البنكية لكل شخص آخر تربطه به صلة، عندما يكون الشخص الذاتي المذكور هو المستفيد الفعلي من هذه الحسابات، ولنفقاته المحددة، فيما يخص مجموع أو بعض الفترة غير المتقادمة.
يشار إلى أن تدقيقا سابقا للمديرية العامة للضرائب استهدف ملزمين ينشطون في بعض المهن الحرة، بعد التوصل بمعطيات حول لجوئهم إلى اقتناء لوحات فنية لادخار أموالهم فيها، خصوصا أن غالبيتهم يتعاملون بالأوراق النقدية “الكاش”، ولا يصرحون برقم معاملاتهم الحقيقي، إذ يدخرون الباقي في أعمال فنية لتفادي إيداع هذه الأموال في البنوك حتى لا يكتشف أمرهم، فيما يتعلق بتصريحاتهم الضريبية حول الدخل.