يتولى محمد سعد برادة، منذ الأربعاء الماضي، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلفا لشكيب بنموسى، إثر التعديل الحكومي الأخير، في وقت يواجه فيه القطاع احتقانا متواصلا وملفات عالقة تركها الوزير السابق وراءه دون أن تجد طريقا إلى حل نهائي.
وبالرغم من الكثير من الملاحظات المثارة إعلاميا حول وزير التعليم المعين حديثا، لا سيما بشأن طبيعة تكوينه البعيد عن مجال التعليم ثم استثماراته المرتبطة بالصناعات الغذائية والدوائية والبناء، يحتفظ رجال ونساء التعليم بأمل انفراج أزمة القطاع مع تعيين وزير جديد.
في هذا السياق، قال عبد الله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي: “كشغيلة تعليمية وحركة نقابية، ننتظر من الوزير الجديد لقطاع التربية الوطنية الالتزام بتطبيق الاتفاقات السابقة، خاصة تلك التي تمت في 10 و26 دجنبر 2023، دون أي تعديل أو تراجع”.
وأضاف غميمط، ضمن تصريح لهسبريس، أن على الوزير محمد سعد برادة “معالجة وضعية العاملين في قطاع التعليم الأولي الذين تجاوز عددهم أربعين ألفا ويعيشون في ظروف مأساوية بسبب نظام الوساطة المتبع عبر الجمعيات والمؤسسات الوسيطة”.
وتابع: “نطالب كذلك بالاهتمام بالمدرسة العمومية، بدءا من تقليل عدد التلاميذ في الأقسام إلى عشرين تلميذا كحد أقصى في جميع المستويات، الابتدائي والإعدادي والثانوي”، داعيا إلى إلغاء مدارس الريادة في الابتدائي “لأنها لا تمثل بديلا حقيقيا، وقد تؤثر سلبا على جودة التعليم والتعلمات”.
وفيما يتعلق بظروف العمل، دعا الفاعل النقابي ذاته إلى “تخفيض ساعات العمل في مختلف المستويات التعليمية والإعلان عن هذا التعديل في أقرب وقت ممكن”، مشددا على “ضرورة تفعيل التعويضات التكميلية للأطر التعليمية مع صرفها بأثر رجعي منذ بداية عام 2024، بالإضافة إلى تفعيل تعويضات الأطر المشتركة والمتصرفين”.
وطالب الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي بـ “الإسراع في حل الملفات العالقة مثل ملف الأساتذة المتعاقدين، والدكاترة، ومسألة الترقيات، والزنزانة 10، إذ إن هذه الملفات تتطلب جرأة والتزاما لمعالجة جدية لضمان حقوق الشغيلة التعليمية وتحقيق العدالة في قطاع التربية الوطنية”.
من جانبه، اعتبر عبد الوهاب السحيمي، عضو تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، أن وزير التربية الوطنية الجديد “مطالب بتصحيح أخطاء سلفه، السيد شكيب بن موسى، فيما يتعلق بالاستماع إلى التنسيقيات والفئات المتضررة في قطاع التعليم”، مشيرا إلى أن “المشكلة التي واجهناها سابقا هي اقتصار الحوار مع جهات لم تكن قادرة ولا آمنة في نقل هموم العاملين في القطاع، مما أدى إلى احتجاجات واسعة، بينها الإضراب الشهير”.
وتابع السحيمي في حديث لهسبريس: “اليوم، لتفادي تكرار هذا السيناريو، يجب أن يحرص الوزير الجديد على الاستماع إلى كل الأطراف المتضررة بشكل مباشر”، مذكرا بأن “الدستور المغربي ينص على المقاربة التشاركية، ونحن الآن في عام 2024 حيث توجد العديد من الوسائل التي تسهل الإنصات والإشراك الفعلي، وينبغي على الوزير أن يعتمد هذه الآليات، خصوصا تجاه التنسيقيات والفئات المتضررة التي ما زالت تواجه الأسباب نفسها الداعية إلى الاحتجاج والإضراب كما في السنوات السابقة”.
واعتبر المصرح لهسبريس أنه “من الواضح أن هناك نقصا في الثقة بين الشغيلة التعليمية والنقابات؛ فقد أصبحت النقابات، في نظرنا، جزءا من المشكلة بدلا من أن تكون جزءا من الحل، القيادة النقابية، للأسف، لم تستطع نقل مشاكل الشغيلة التعليمية كما يجب، ونتيجة لذلك نشهد غياب الثقة المتزايد بين العاملين والنقابات”.
لذلك، يضيف السيحيمي، “يجب على الوزير أن يتفادى الاقتصار على الحوار مع النقابات وحدها، وأن يركز على الفئات التي لها تأثير فعلي وقدرة على الحشد، والتي تتجلى في التنسيقيات”، مذكرا بأن “الإضراب الشهير العام الماضي، على سبيل المثال، لم يكن بدعوة من النقابات، بل كان نتيجة ضغط الفئات المتضررة التي لم تجد في النقابات صوتا يمثلها، كما أنها النقابات لم تستطع كبح هذه الاحتجاجات”.
وخلص عضو تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات إلى دعوة الوزير محمد سعد برادة إلى أن “يتوجه مباشرة إلى أصل المشكلة، وأن يبني تواصلا مع الفئات المتضررة والتنسيقيات، أما إذا اختار الاكتفاء بالاستماع إلى النقابات، فسوف يكرر الخطأ نفسه، وعليه حينها تحمل المسؤولية كاملة عما سيترتب عن ذلك من نتائج”.