دخلت فعاليات نسائية على خط مشروع قانون المالية الذي لا تزال مناقشته التفصيلية جارية على مستوى اللجان بمجلس النواب، إذ أكدت أن الميزانيات التي يتضمنها مشروع النص المالي ذاته “لا ترقى إلى مستوى التطلعات وما هو مأمول في الأساس، على الرغم من أهميتها”.
وأوضحت الأصوات النسائية ذاتها أن “مفهوم مقاربة النوع يجب أن يكون حاضرا في الأساس في أذهان راسمي ميزانيات كل قطاع وكل وزارة على حدة، إذ إنّ تنزيل كل التوافقات الوطنية بخصوص المساواة بين النساء والرجال يحتاج في الأساس إلى ميزانيات وأثر مالي على مستوى قانون المالية لكل سنة”.
في هذا الصدد، شددت “منظمة النساء الاتحاديات” على ضرورة “إدماج مقاربة النوع الاجتماعي عند إقرار قانون المالية والميزانيات القطاعية، تطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية؛ فهذا المطلبُ ينبعُ من واقع موضوعي تُظهره الإحصائيات الرسمية والتقارير المختلفة التي تشير إلى أن النساء يعتبرن ضحايا لقوانين المالية المتعاقبة التي لا تراعي الفجوات بين النساء والرجال”.
وتأسّفت الهيئة ذاتها، في بلاغ لها، لـ”كون الإطار العام لوضع الميزانية قد غفل الأوضاع الاجتماعية والمهنية والأسرية للنساء والتي تستدعي دعما يوازي الأدوار التي يضطلعن بها، رغم إدراج بعض القطاعات مقاربة النوع الاجتماعي”، حسب تعبيرها.
كما اعتبرت أن “تغييب مقاربة النوع الاجتماعي في مشروع قانون المالية أو الاكتفاء بذكرها بدون ترجمتها إلى أرقام تدل على تقليص الفجوة بين النساء وبين الرجال على مستوى العدالة الاجتماعية يعد مخالفة لأحكام الدستور وتناقضا بين الخطابات الحكومية المعلنة حول حقوق المرأة”.
وقالت بشرى عبدو، فاعلة نسائية مديرة “جمعية التحدي للمساواة والمواطنة”، إنه “في الأساس يجب أن تكون مقاربة النوع حاضرة ضمن مشروع قانون المالية على مستوى الميزانيات الفرعية الخاصة بكل وزارة على حدة، حيث إن هناك قطاعات ذات أولوية من المفروض أن تُكيّف خطتها الميزانياتية لكل سنة مع متطلبات النوع الاجتماعي”.
وأضافت عبدو، في تصريح لهسبريس، أن كل هذا يجب أن يحدث موازاة مع رفع الدولة لشعارات محاربة العنف ضد النساء ومكافحة التمييز وإدماج العنصر النسوي مؤسساتيا واقتصاديا واجتماعيا كذلك”، لافتة إلى أن “تطبيق كل توجهات الدولة بخصوص المرأة والنوع الاجتماعي من الأولوية أن يكون مقرونا بتخصيص حصص مالية للتنزيل، بما سيجعلنا وقتها أمام تطبيق صريح للشعارات المرفوعة اليوم”.
وزادت الفاعلة النسائية سالف الذكر: “الاعتمادات المالية التي تشملها الميزانيات القطاعية كل سنة في إطار قوانين المالية ليس بالمطمئنة إلى حدود الساعة؛ وهو ما يرتبط بإشكالية عقليات ربما لم تستوعب بعد الأولوية التي يجب أن تحظى بها مسألة إرساء أسس المساواة المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية بين الرجال والنساء على أرض الواقع”.
وتابعت المتحدثة ذاتها: “يجب أن نصل إلى مرحلة يتم فيها الاعتراف بمبدأ جندرة الميزانية، حتى نقول وقتها إن قضايا النساء تنال نصيبها من اهتمام متخذي القرار الميزانياتي؛ لأنه لا تنزيل للمساواة بدون ميزانيات”.
في سياق متصل، أوضح أمينة التوبالي، فاعلة في قضايا المرأة والطفولة، أنه “رغم وجود التفاتة ميزانياتية لقضايا النوع الاجتماعي والنساء فإنها ليس بالكافية من أجل تنزيل كل ما يتعلق بتوجهات الدولة بخصوص السياسات الوطنية بخصوص العنصر النسوي”.
وكشفت التوبالي كذلك لهسبريس أن “إنصاف النساء يحتاج إلى ميزانيات، بما سيساهم كذلك في ترقيتهن بمقرات شُغلهن وتمتيعهن بمناصب المسؤولية كذلك؛ غير أننا نظل مؤمنات بأن تحقيق المناصفة في أبهى تجلياتها يحتاج إلى مشروع مجتمعي يتم تدعيمه بميزانيات، على أساس أن تكون المرأة هي الأخرى تقبل بنفسها أن تكون في صلب هذه الإصلاحات خصوصا على المستوييْن الإداري والاقتصادي”.
وأعادت الفاعلة في قضايا المرأة والطفولة التشديد على أن “الميزانيات التي تخص هذا الجانب في مختلف السنوات الماضية لم تكن ترقى إلى المستوى المطلوب، على الرغم من أهميتها في نهاية المطاف مقارنة مع ما سبق من سنوات؛ فالأجدر أن نتوفر على عقلية مؤمنة بالفصل التاسع عشر من دستور البلاد وبما يتطلبه تنزيل مضمون هذا الفصل من مقاربة قانونية وحقوقية ومجتمعية وميزانياتية كذلك”.