في أول حديث له عقب مصادقة الحكومة على النتائج التي توصل إليها الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي أشرفت عليه المندوبية السامية للتخطيط على مدار شهر شتنبر الماضي، عدّ شكيب بنموسى، الذي جرى تعيينه على رأس المندوبية خلفا لأحمد الحليمي، المغرب من البلدان التي تستجيب معاييرها في هذه العملية لتلك المنصوص عليها دوليا، معتبرا أنه “لاحظ وجود ترابط حقيقي بين عمل المندوبية والمعايير الدولية”.
وأفاد بنموسى، خلال مناقشة ميزانية المندوبية لسنة 2025 في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أن “المغرب يكون سباقا أحيانا لاستدماج المعايير الجديدة للأمم المتحدة على مستوى القيام بعملية الإحصاء”، مسجلا أنها “تتجدد باستمرار، والمملكة تساهم في المحافل الدولية في تطوير هذه المعايير. ولهذا، السنة المقبلة ستكون هناك معايير جديدة والمندوبية تشتغلُ من أجل إضافتها لمنهجية العمل، وهذا ما يمنح العمل بعدا إيجابيا”.
وفي سبيل الدفاع عن الأعمال الإحصائية التي تقوم بها المندوبية، فرّق بنموسى “المؤشرات والتحليلات”، معتبرا أن المؤشرات يمكن أن “تخضع لتحليل أي جهة وفق مرجعيتها، وطبيعي أن يكون هذا التحليل الذي يمكن أن تجرّ إليه أي جهة”، معطيات محايدة وصامتة، مبرزا أنه “يجب أن نتفق حول المنهجية ومسار العمل وهذا ليس صعبا، لأن هناك معايير دولية تبقى هي نقطة انطلاق أي عمل من هذا النوع”.
ووصف المتحدث المندوبية بأنها “رأسمال غير مادي”، مبرزا أن “الأمر ليس مرتبطا بالآليات ومناهج العمل، أو التجهيزات وغيرها، بل انطلاقا من وجود كفاءات وطنية توفّرها للبلد”، مشددا على أن “هذا من القضايا الأساسية، ولا بد أن نحافظ على هذه الجاذبية التي نتوفر عليها. فالعمل الإحصائي يبقى هو نفسه في كل مكان في العالم لكن اللمسة المغربية أو غيرها (هي التي تهيّئ شروط) الاستثمار في هذه الكفاءات”.
وزاد: “هناك اتجاه لاستقطاب شباب جدد بتكوين متميز، ولكن في الوقت نفسه نحتاج الحفاظ على الكفاءات الموجودة في الوقت الحالي داخل المندوبية”، مضيفا أنه في هذه الظرفية يتم التفكير في صيغ وحلول لتفعيل هذا التوجه، من ضمنها مدى إمكانية طرح نظام أساسي.
وفي تلميح إلى ضرورة نهاية “التصدّع” الذي كان يلازم المندوبية في علاقتها مع الحكومات المتتالية في ما كان يعرف بـ”حرب الأرقام”، قال المندوب السامي للتخطيط إن المؤسسة اليوم تحتاج أن تشتغل مع المؤسسات الوطنية، بما الحكومة والبرلمان، وكل أجهزة الحكامة التي تحتاج إلى معطيات”، معتبرا أن هذا سيحافظ للمندوبية على مصداقيتها واستقلاليتها، ولكنه يسعف في الوصول إلى منهج مشترك حول ما الذي نريده.
ولفت رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد إلى ضرورة توفير المندوبية النتائج والمؤشرات التي تتطلبها منهجية كل مؤسسة من أجل القيام بدورها المؤسساتي، مضيفا أن “المؤشرات والدراسات التي تجهزها المؤسسة يجب أن يكون استعمالها أسهل في المستقبل من طرف مختلف الفاعلين، سواء كانوا مواطنين أو مراكز بحثية أو مختبرات أو معاهد تينك-تانك، في ظل حفاظ صارم على المعطيات الشخصية التي تتسم بالسرية التامة”.
كما أشار المندوب السامي للتخطيط إلى قلّة الدراسات التي توفرها المندوبية على المستوى الجهوي، موردا: “سيكون هناك تفكير في هذا الجانب، وستكون هناك دراسات تنطلق من خصوصية كل جهة”، خالصا إلى اعتبار “هذا بمثابة الحل الذي يوفر مؤشرات وأرقاما ذات مصداقية على الصعيد الجهوي، وهذا يعني أن كلفة الإحصائيات الوطنية سترتفع إذا عملنا على تذكيتها وتطعيمها بالبعد المحلي”.