يدخل السعي الحكومي لدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “CNOPS” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي “CNSS” منعطفا جديدا بعد انتهت الحكومة، ممثلة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، من تعديل مسودة مشروع قانون رقم 54.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة.
الصيغة الجديدة من مشروع هذا النص تأتي أسابيع قليلة بعد الضجة التي أثارتها النسخة الأولى منه في صفوف التعاضديات والمركزيات النقابية كذلك. وهو النص ذاته الذي ترمي الحكومة من خلاله لاعتماد هيئة تدبير واحدة لأنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وإنهاء نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة.
وبموجب هذا النص، فإنه “سيتم إسناد مهمة النظر في جميع المسائل المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاعين العام والخاص ونظام التأمين الخاص بغير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك وكذا بأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والبت في القضايا المرتبطة بها لمجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
ونصت الوثيقة ذاتها، التي تحمل توقيع وزير الصحة الجديد، أمين التهراوي، على “أنْ تنقل إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مجموع الأصول والخصوم ومجموع الأرصدة المودعة في الحسابات البنكية وكذا مرجوعات التعويضات عن ملفات المرض من حسابات نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في القطاع العام وأنظمة التغطية الصحية الأساسية الأخرى المدبرة من قبل كنوبس”.
كما نصت على “مراجعة الزيادة عن نسب التأخير في دفع الاشتراكات المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بغاية توحيدها مع نسب الزيادة عن التأخير في دفع الاشتراكات المتعلقة بنظام الضمان الاجتماعي”، فضلا عن “إمكانية إسهام الهيئة المكلفة بالتدبير جزئيا أو كليا في تمويل الخدمات الوقائية المتعلقة بالفحوصات الطبية والتتبع الصحي والتوعية الصحية المرتبطة بالبرامج ذات الأولوية المندرجة في إطار السياسة الصحية للدولة”.
الوثيقة التي من المنتظر أن يتدارسها ويصادق عليها المجلس الحكومي، أشارت كذلك، بخصوص نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة، إلى أنه “تبين أن لا حاجة لهذا النظام في ظل السياق الحالي لتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، حيث أصبح بإمكان جل الطلبة المغاربة الاستفادة من التغطية الصحية باعتبارهم من ذوي الحقوق”.
وفي شتنبر الماضي، قررت الحكومة تأجيل المصادقة على إدماج “كنوبس” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بهدف “تعميق النقاش”، حسب ما جاء على لسان مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وذلك بعد الجدل الذي أثارته هذه الخطوة الحكومية في صفوف التعاضديات والمركزيات النقابية كذلك، التي وصفت وقتها المشروع الحكومي بـ”التراجعي”.
وقال العثماني مولاي إبراهيم، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، إن “ما تم تعديله على مستوى مسودة القانون رقم 54.23 أتى بعد تشاور من قبل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مع التعاضديات التي انتدبت ممثلا عنها وقدمت ملاحظاتها وتم اعتمادها من قبل مسؤولي الوزارة، وهو الأمر الأساسي في هذا الصدد مقارنة مع ما سبق”.
وأكد العثماني، في تصريح لهسبريس، أن “الملاحظات التي قدمتها التعاضديات تمت ترجمتها على مستوى مسودة مشروع القانون الذي سيتم تداوله على مستوى المجلس الحكومي؛ فهذه الملاحظات تخص أساسا التعاضديات وليس النقابات، وهو أمر مهم بعدما تمت الاستجابة لما أثير النقاش حوله في وقت سابق”.
وكشف المتحدث أن “التعديلات شملت الأمور المتعلقة بالحقوق المكتسبة لمستخدمي كنوبس وامتيازاتهم، فضلا عما يتعلق بالتنسيق بين التعاضديات في القطاع العام في تسجيل منخرطيها، ثم كل ما يخص التدبير المفوض لملفات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض”، متابعا: “بخصوص المرحلة الانتقالية التي كانت محددة في 9 أشهر، تم تعديلها لتصير اليوم محددة في 5 سنوات، ما يراد منه استغلال هذه الفترة الزمنية من قبل التعاضديات بغرض تطوير نفسها والانكباب على مسايرة الحداثة في تدبير أمور المنخرطين”.
في سياق متصل، ذكر المسؤول ذاته أنه “تمت الإشارة كذلك إلى الإبقاء على مكتسبات التعاضديات التي تم تحقيقها قبل تنزيل القانون 65.00 في سنة 2005″، موردا أن “كل هذه التعديلات تمت في عهد الوزير السابق خالد أيت الطالب”.
وشدد رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية على أن “الأمور صارت واضحة بالنسبة لنا كتعاضديات، على الرغم من إمكانية وجود رأي آخر لدى المركزيات النقابية بخصوص أن كل ما له علاقة بالشأن الاجتماعي يجب أن يمر أساسا عبر الحوار الاجتماعي. نحن كتعاضديات وضعنا تصوراتنا وملاحظاتنا في سبيل ما يحفظ الحقوق المكتسبة لفائدة منخرطينا، مع الحفاظ على مختلف الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها فيما سبق. وعلاقة بالمسودة الجديدة لمشروع القانون الجديد، فلم تعد لدينا التخوفات كما في السابق”.