أفادت مجموعة من التقارير الإعلامية بأن الجزائر، في خطوة استفزازية غير معلنة، تمنع وتضيق على استيراد بعض المنتجات الفرنسية للضغط على الإليزيه جراء الموقف الواضح والصريح للرئيس الفرنسي داخل البرلمان المغربي بأن حاضر ومستقبل الصحراء المغربية سيكون في ظل السيادة المغربية.
وعلى الرغم من أن القرار غير معلن بشكل صريح أو رسمي، إلا أن خبراء ذكروا بأن السلطة الجزائرية سبق أن اتخذت في محاولة يائسة مثل هذه القرارات “المتهورة”.
في هذا الإطار، قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “الزيارة التاريخية الناجحة للرئيس ايمانويل ماكرون إلى الرباط أصابت حكام قصر المرادية بالجنون، رغم محاولات التغطية عليها بزيارات خارجية فاشلة وبدون أجندة للرئيس تبون”.
وأضاف بلوان، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “عمليا، مثل هذه المواقف المرتبكة ليست غريبة عن العقل السياسي الحاكم في الجزائر التي تنجر إلى ردود الأفعال والعشوائية في اتخاذ القرارات، خاصة إذا تعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية”.
وأكد أن “من المستحيل نجاح مثل هذه الضغوط الاقتصادية والتجارية على بلد من حجم فرنسا لثلاثة أسباب رئيسية”، أولها مرتبط بـ”اعتماد الجزائر بشكل حيوي على المنتجات الفرنسية وارتباط الاقتصاد الجزائري مع فرنسا بشكل وثيق”.
ثاني الأسباب كون “فرنسا اتخذت خياراتها وحسمت توجهاتها بناء على علاقات تاريخية مع المغرب وانتصارا لمصالحها الاستراتيجية”، أما ثالثها، يواصل بلوان، فهو “غياب استراتيجية واضحة للنظام الجزائري في التعاطي مع الملف، وقد جرب الضغوط الاقتصادية والتجارية والطاقية نفسها على إسبانيا إثر اعترافها بمغربية الصحراء، لكنها باءت بالفشل”.
وخلص الباحث في العلاقات الدولية إلى أن “مثل هذه القرارات المرتبكة تؤكد مرة أخرى أن الجزائر طرف مباشر في النزاع المفتعل، كما تؤكد استمرار معاناة الشعب الجزائري الذي يدفع الثمن جراء قرارات مستهجنة لنظام فاسد مريض بعقدة العداء المجاني للمملكة المغربية وسيادتها”.
من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتحي، باحث متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، إن “قرار منع استيراد كل السلع من فرنسا يفصح عن حدة الانفعال والقلق من الاختراق الدبلوماسي المغربي للموقف الفرنسي الذي أيد بقوة مغربية الصحراء”.
وصرح الفاتيحي لهسبريس بأن “هذا القرار لا يختلف كثيرا عن التسرع في سحب السفير الجزائري من مدريد لشهور ليعاود النظام إرجاع سفير بديل عنه من جانب واحد ومن دون مفاوضات”.
وأضاف أن “هذا القرار غير المعلن عنه سرعان ما سيتم الاعتذار عنه في المستقبل، لأنه بكل تأكيد سيواجه من قبل الاتحاد الأوروبي بعقوبات كتلك التي هددت بها المفوضية الأوروبية الجزائر حينما منعت المبادلات التجارية مع إسبانيا”.
وتابع الفاتيحي قائلا: “كما أن فرنسا ليست أقل نفوذا لتمارس عليها الجزائر المنهكة التي تعيش عزلة سياسية دولية وإقليمية ضغوطا، ولعل هذا ما جعلها تفتقد إلى الشجاعة للإعلان عن هذا القرار الارتجالي الذي من المتوقع أن تعيد مراجعته والتراجع عنه، مما يعكس حالة التيه والتخبط السياسي للنظام العسكري الجزائري الذي يدير دفة الحكم من خلف انتخابات شهد العالم أنها مزيفة للتمديد لتبون لعهدة رئاسية جديدة”.
بدوره، قال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن “اتجاه نظام العسكر للتلويح بإمكانية اتخاذ قرار بمنع استيراد السلع من فرنسا، يبقى من حيث المبدأ مجرد تصريحات للاستهلاك الداخلي، بالنظر إلى الارتباط الشديد بين الشركات الفرنسية والجزائرية في الاقتصاد بين البلدين”.
وأضاف لزرق، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “رغم أن الجزائر تمتلك بالفعل سوابق في اتخاذ قرارات اقتصادية ذات بعد سياسي بتقليص، وليس قطع، وارداتها من فرنسا في مناسبات سابقة، إلا أن أي قرار بمنع كامل للواردات الفرنسية ستكون له تبعات اقتصادية على الطرفين، وستتضرر منه الجزائر أكثر، إذ إن فرنسا تعد شريكا تجاريا مهما لها”.
ولفت رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية إلى أن “الاقتصاد الجزائري تابع للاقتصاد الفرنسي، والعديد من السلع الفرنسية متغلغلة في السوق الجزائرية. لذا، من المرجح أن تتخذ الجزائر قرارات انتقائية في تقييد بعض الواردات الفرنسية في مدة زمنية قصيرة، لكن لا تستطيع منعها بشكل كامل”.