أبدى نقابيون مغاربة ارتياحا نسبيا بخصوص الإجراءات التي تتدارس الحكومة القيام بها في ما يتعلق بالإصلاحات الضريبية، خصوصا ما يهم الضريبة على الدخل “L’impôt sur le revenu” لفائدة الأجراء، بالموازاة مع المعطيات التي حملها مشروع قانون مالية سنة 2025، التي تهم توجها صريحا من المؤسسة التنفيذية نحو إقرار إصلاحات نوعية في هذا الإطار.
وبحسب مشروع قانون المالية لسنة 2025 يرتقب أن يتم إعفاء شريحة الدخل إلى غاية 40 ألف درهم سنويا من الضريبة على الدخل “IR”، مع إقرار خصم بنسبة 10 في المائة بالنسبة لأصحاب الدخل الذي يصل إلى 60 ألف درهم سنويا، فضلا عن خصم بنسبة 20 في المائة بالنسبة للذين يصل دخلهم كل سنة إلى 80 ألف درهم، بما يمثل سعيا إلى تنزيل الاتفاق بين الحكومة والنقابات في 29 أبريل الماضي على القيام بـ”مراجعة الضريبة على الدخل ابتداء من يناير 2025 بالنسبة للأجراء، من خلال اعتماد تدابير خاصة تتوخى تحسين دخل الطبقة المتوسطة، مع الحفاظ على الوضعية الحالية الخاصة بالمهنيين”.
في هذا الصدد قال يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “مراجعة جدول الضريبة على الدخل كانت من بين مخرجات اتفاق الحوار الاجتماعي مع الحكومة في 29 أبريل الماضي، الذي نص على إقرار تخفيضات ضريبية وتخفيض سعر الضريبة الهامشي من 38 في المائة إلى 37 في المائة، إضافة إلى قرار الزيادة العامة في الأجور”.
وأوضح فيراشين، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أن “هذه المراجعة التي جاءت في إطار تنفيذ الحكومة التزاماتها مع المركزيات النقابية جاءت كذلك بعد سنوات من المطالبات النقابية بتخفيض الضريبة على الدخل التي لم تَطلْها المراجعة، عكس الضريبة على الشركات التي تتم مراجعتها كل سنة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الزيادات الأجرية والتخفيضات الضريبية ستحسن من دخل الأجراء، غير أنها تبقى في نظرنا غير كافية في ظل موجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السنوات الأخيرة”، وزاد: “كما أن الضريبة على الدخل في المغرب تظل مرتفعة بالمقارنة مع الضريبة على الشركات، مع العلم أن 75 في المائة من هذه الضريبة يؤديها الأجراء عكس باقي الفئات الأخرى التي تتهرب من أدائها”.
وأكد الفاعل النقابي أن “تحقيق العدالة الجبائية يتطلب إصلاح النظام الضريبي المغربي بشكل جذري، مع تخصيص الضريبة على الدخل بمزيد من التخفيضات، لكي ينعكس ذلك على الوضع الاجتماعي للطبقات المتوسطة، التي تشكل الغالبية في البلاد، في ظل وصول معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في تاريخ المغرب منذ أكثر من ثلاثة عقود، واستمرار انعكاسات الأزمات المتوالية على القدرة الشرائية للأجير المغربي، ثم ضُعف الخدمات العمومية التي تفرض ضغطا كبيرا على الأجور”.
أما علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، فسجّل من جهته أن “المغرب يعاني من إشكالية أساسية تتمثل في غياب العدالة الضريبية التي تمسّ أساسا دخل الفئات الدنيا والمتوسطة في المجتمع، وتمسّ تبعا لذلك وضعهم الاقتصادي والاجتماعي”، مضيفا أن “المملكة تحوز أعلى معدلات الضريبة على الدخل والأجور في المنطقة المغاربية، كما تعتبر من بين الأعلى في العالم”.
وسجل المتحدث ذاته أن “توجه الحكومة إلى مراجعة نسبة هذه الضريبة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 خطوة إيجابية، على اعتبار أن الغالبية العظمى من الذين يؤدون هذه الضريبة في المغرب هم من فئة الموظفين والأجراء، إذ تُقتطع لهم من المنبع، في وقت لا يتجاوز عدد الشركات التي تؤديها معدل 3 في المائة؛ ما يجعل كل الثقل ينزل على كاهل أجور الموظفين بالقطاع العام أو الخاص”.
وأشار الكاتب العام لـ”odt” إلى أن “الضريبة على الدخل يؤديها حتى المتقاعدون في المغرب، في حين كان من المفروض أن يتم إعفاؤهم، باعتبار أن ما يتقاضونه معاش وليس دخلا”، مشددا على أن “المراجعة الضريبية التي تعتزم الحكومة القيام بها وإن كانت محمودة إلا أنها طفيفة ولا ترقى إلى مستوى المراجعة الحقيقية للرفع من المستوى المعيشي لفئة الأجراء والموظفين، لمواجهة الارتفاع المهول في أسعار السلع والخدمات”.
وأكد لطفي على ضرورة “إجراء مراجعة ضريبية شاملة على الدخل مع إلزام كل المقاولات بأداء هذه الضريبة، لأنه ومع كامل الأسف مازالت ظاهرة التملُّص الضريبي منتشرة في المغرب، ومن طرف شركات تحقق أرباحا خيالية ولا تؤدي مستحقاتها الضريبية في وقت يتم إلزام الأجراء والمتقاعدين بأداء نسب مرتفعة لا تتناسب مع مستوى أجورهم ومعاشاتهم الهزيلة”، وفق تعبيره.