اقرأ في هذا المقال
- تعزيز إمدادات المعادن الحيوية في الهند يحتاج إلى إجراءات مضنية من الحكومة
- الهند تعتمد على واردات المعادن الحرجة بنسبة 100%
- احتياطيات الهند من النيكل تُقدّر بنحو 189 مليون طن
- احتياطيات الغرافيت في الهند تصل إلى 211 مليون طن
- الهند تمتلك 44.91 مليون طن من خام الكوبالت
سجل الطلب على المعادن الحيوية في الهند مستويات غير مسبوقة، وسط تحول البلاد إلى اقتصاد منخفض الكربون، إلا أن نيودلهي تواجه تحديات كبيرة لتوفير الإمدادات.
ولا يمكن التحدي في تلبية الطلب فحسب، بل في اعتمادها على الواردات من مناطق إقليمية شديدة الحساسية، مثل الصين وروسيا ومدغشقر.
وبحلول عام 2030، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتضاعف الطلب على المعادن الحيوية في ظل السياسات الحالية، ما يؤكد على الحاجة الملحة لتأمين إمدادات مستقرة ومتنوعة.
ونظرًا لأن أهمية المعادن الحيوية في الهند تمتد إلى ما هو أبعد من الطاقة المتجددة، حيث تؤثر في قطاعات رئيسة مثل الدفاع والإلكترونيات والبنية الأساسية، فيتعين عليها تبني سياسات لتعزيز الاكتفاء الذاتي وضمان إمدادات من دول مستقرة جيوسياسيًا، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
دور حكومي لتأمين المعادن الحيوية في الهند
اتخذت الحكومة الهندية خطوات لتأمين المعادن الحرجة، وحددت وزارة المناجم -مؤخرًا- 30 معدنًا مهمًا لضمان الاستقرار الاقتصادي والإستراتيجي للهند، وفق صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
وخلال عام 2023، أقرت الحكومة مشروع تعديل قانون المناجم والمعادن، ما يسمح للشركات الخاصة باستكشاف المعادن واستخراجها، مثل الليثيوم.
ونتيجة لذلك، أجرت وزارة المناجم أول مزاد لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لاستكشاف المعادن واستخراجها من 20 مربعًا، مثل النيكل والليثيوم والغرافيت.
ورغم هذه الجهود، واجهت مناقصات المعادن الحيوية في الهند عقبات، مثل حالة عدم اليقين المحيطة بالبيانات المتعلقة باحتياطيات المعادن، إلى جانب القيود التقنية، لا سيما أن عمليات التعدين تستغرق أكثر من 16 عامًا للانتقال من مراحل الاستكشاف إلى الإنتاج.
وللتغلب على هذه العقبات، يزعم خبراء الصناعة أن الدعم الحكومي ضروري لجذب الاستثمارات، ويمكن أن يشمل تمويل فجوات الجدوى الاقتصادية.
ارتفاع الطلب
سلط ارتفاع الطلب على المعادن الحيوية في الهند الضوء على تحد آخر كبير، وهو اعتماد البلاد على الواردات.
فقد أدى الافتقار إلى الإنتاج المحلي إلى اعتماد الهند بنسبة 100% على الواردات، ما يشكل مخاطر هائلة من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية.
واستجابة لهذا الوضع، أطلقت الحكومة الهندية العديد من المبادرات التي تهدف لتعزيز الإنتاج المحلي، حيث أعلنت وزارة المناجم في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تخصيص تمويل لمؤسسات البحث والتطوير والشركات الناشئة، وتشجيع الابتكار في التعدين ومعالجة المعادن وإعادة التدوير.
ومن خلال استثمار قرابة 1.4 مليون دولار أميركي في البحث والتطوير و2.3 مليون دولار لبرامج العلوم والتكنولوجيا للسنة المالية 2025، تهدف الحكومة لتعزيز قدرات الإنتاج المحلي والحد من الاعتماد على الواردات.
تحديات تواجه المعادن الحيوية في الهند
تمثل المعادن الحيوية في الهند دورًا رئيسًا لرحلة تحول الطاقة في البلاد، وأبرزها الكوبالت والنحاس والغرافيت والليثيوم والنيكل.
- الكوبالت
رغم امتلاك الهند موارد ضخمة من خام الكوبالت تُقدر بنحو 44.91 مليون طن، ما تزال تعتمد كليًا على الواردات، حيث بلغ إجمالي واردات أكسيد وهيدروكسيد الكوبالت خلال المدة من أبريل/نيسان 2017 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، 61.5 مليون دولار، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتهيمن الدول المصدرة الرئيسة مثل بلجيكا وجنوب أفريقيا والصين وفنلندا وتنزانيا على واردات الكوبالت الهندية.
فضلًا عن ذلك، تزيد التقلبات في أسعار الكوبالت من تعقيد موقف الهند، فقد أدت التوترات الجيوسياسية الأخيرة والاضطرابات في سلاسل التوريد إلى تقلب الأسعار ما أثر في جدوى العقود طويلة الأجل للشراء.
- النحاس
شهد الطلب على النحاس في الهند نموًا ملحوظًا بنسبة 16% في السنة المالية 2023 وحدها، ورغم امتلاك البلاد احتياطيات تبلغ قرابة 163.9 مليون طن، فقد انتقلت من كونها مصدرًا صافيًا إلى مستوردًا صافيًا في السنوات الأخيرة.
وخلال المدة من أبريل/نيسان 2017 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، بلغت واردات النحاس 33.1 مليار دولار أميركي.
وبعد التقلبات وانخفاض الأسعار خلال عامي 2018 و2021، والتي تأثرت إلى حد كبير بالصراعات التجارية والاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا، شهدت أسعار النحاس ارتفاعًا ملحوظًا مع انتعاش النشاط الاقتصادي، لكن التوترات الجيوسياسية الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا أدت إلى تفاقم الأسعار وتعطيل سلاسل التوريد.
وتأثرت سوق النحاس في الهند على نحو خاص مع إغلاق منشأة لصهر النحاس بسبب المخاوف البيئية، حيث أدى ذلك إلى تحول البلاد لمستورد صاف للنحاس.
- الغرافيت
رغم وجود موارد طبيعية من الغرافيت تُقدر بنحو 211.6 مليون طن، تظل الهند تعتمد على الواردات لتلبية قرابة 60% من الطلب على الغرافيت لإنتاج البطاريات.
وتهدف المبادرات الحكومية الأخيرة إلى تحفيز الإنتاج المحلي، وخاصة من الصين التي تهيمن على سلاسل التوريد العالمية، وتؤثر في أسعار الغرافيت العالمية.
- الليثيوم
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب على الليثيوم للتقنيات النظيفة وحدها إلى 442 ألف طن بحلول عام 2030، و1203 ألف طن بحلول عام 2040.
ورغم أهميته، لا تنتج الهند -حاليًا- الليثيوم، وتعتمد على الواردات لتلبية الطلب، وخاصة من الصين وتشيلي وبوليفيا والأرجنتين وأستراليا.
وخلال المدة من أبريل/نيسان 2017 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، بلغ إجمالي واردات الهند من الليثيوم قرابة 11.9 مليار دولار، بحسب بيانات اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم أن احتياطيات الليثيوم داخل الهند ما تزال غير مكتشفة إلى حد كبير، فقد أعلنت اكتشاف موارد تُقدر بنحو 5.9 مليون طن في منطقة رياسي.
- النيكل
مع توقع وكالة الطاقة الدولية وصول أسطول المركبات الكهربائية العالمي إلى قرابة 250 مليون بحلول عام 2030، وفق سيناريو التعهدات المناخية المعلنة؛ فمن المرجح ارتفاع الطلب على النيكل ليصل إلى نحو 665 ألف طن بحلول عام 2025.
وتمتلك الهند احتياطيات كبيرة من النيكل تُقدر بنحو 189 مليون طن، لكنها تعتمد على الواردات لتلبية الطلب، وخاصة في قطاع الطاقة المتجددة.
وبلغت قيمة واردات الهند من النيكل 590 مليون دولار أميركي خلال المدة من أبريل/نيسان 2017 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، أغلبها من الصين والسويد والولايات المتحدة وأستراليا.
الحد من المخاطر الجيوسياسية
اعتماد قطاع المعادن الحيوية في الهند على الواردات يعرضها لمخاطر جيوسياسية ضخمة، لا سيما من البلدان غير المستقرة، مثل روسيا ومدغشقر وإندونيسيا وبيرو والصين.
لذلك، من الضروري أن تضع الهند إستراتيجيات تحد من هذه المخاطر مع تعزيز قدرات الإنتاج المحلية.
فضلًا عن ذلك، يتعين على الهند البحث عن موارد بديلة من البلدان الأكثر استقرارًا، وهذا ينطوي على تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدول التي تتمتع ببيئات سياسية مستقرة وموارد معدنية وفيرة، مثل أستراليا وتشيلي وبعض الدول الأفريقية الواعدة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..