أخبار عاجلة

أكاديمية المملكة تعرّف بثقافة المخطوطات عند الإباضية في مصر والمغرب الكبير

أكاديمية المملكة تعرّف بثقافة المخطوطات عند الإباضية في مصر والمغرب الكبير
أكاديمية المملكة تعرّف بثقافة المخطوطات عند الإباضية في مصر والمغرب الكبير

بغرض تنمية معارف الباحثين المغاربة وإثارة انتباههم إلى عناصر تحفز اهتمامهم بثقافة المخطوطات عند معتنقي المذهب الإسلامي الإباضي، لمّت أكاديمية المملكة، وتحديدا بمقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، مجموعة من الطلبة الدكاترة الباحثين في التاريخ بجامعات مغربية مختلفة في ورشة تكوينية تطرقت إلى “ثقافة المخطوطات عند الإباضية شمال إفريقيا والمبادرات الدولية الحديثة للحفاظ عليها”.

وخلال هذه الورشة، التي تعد السابعة ضمن مشروع “تاريخ الكتاب من المغرب إلى إفريقيا الغربية (ق 16- ق 21″، المنظم بشراكة بين الأكاديمية ومؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والإنسانية بالبيضاء ومركز جاك بيرك للأبحاث والعلوم الإنسانية، فصّل المؤطر الأستاذ المختص في التاريخ بجامعة الأخوين، بول لوف، في مسار “تطور المخطوط الإباضي بشمال إفريقيا، وما التقى فيه وما اختلف مع نظيره العثماني، وصولا إلى المبادرات التي تخلقت حديثا لتثمينه”.

جذور الحضور

وتطرق بول لوف، المؤرخ والباحث، بداية إلى جذور تواجد المذهب الإباضي في شمال إفريقيا، قائلا إنه “انتشر بشكل أساسي في القرى والجبال والواحات، وتجذر في منطقتين؛ الأولى شرق المغرب الكبير، وتحديدا جبال نفوسة بليبيا، والثانية بجزيرة جربة التونسية، التي كانت أحد المراكز المهمة في العصر الوسيط للمذهب الإباضي”، مشيرا إلى أن “مدينة تاهرت بالجزائر، التي كانت عاصمة الدولة الرستمية، حكمها إباضيون ابتداء من القرن الثامن”.

وأضاف لوف، وهو يشرح تاريخيا التوزيع الجغرافي للمذهب الإباضي بالمغرب الكبير، أنه “بعد تأسيس الدولة الفاطمية انتشر ما يسمى بالأرخبيل الإباضي، أي أنه تكونت جزر قرى متفرقة بالجنوبين التونسي والجزائري تعتنق الإباضية”، مبرزا أن هذه الأخيرة “ظلت تتمركز بهاتين المنطقتين حتى القرن 18 عندما ظهرت بوادي مزاب الجزائري (..) ثم انتقلت إثر ذلك إلى القاهرة حيث درست بالأزهر”.

“التجربة المصرية في الإباضية أثرت على حضور المذهب شمال إفريقيا، سواء على المستوى الفكري أو المادي، وتحديدا المخطوطات”، يقول مؤطر الورشة، قبل أن يضيف أن “ثقافة المخطوط الإباضي في مصر والمغرب الكبير تختلف عن نظيرتها في الشرق (زنجبار وسلطنة عمان) تجريدا وخطا ومتنا”.

مسار وملامح

منتقلا إلى المسار التاريخي للمخطوطات الإباضية بشمال إفريقيا، لفت الباحث ذاته إلى أن “ثقافتها تعود إلى القرون الإسلامية الأولى، ولكن النسخ المتوفرة منها ترجع إلى الفترة الممتدة من القرن 17 إلى القرن 20، التي عاصرتها الدولة العثمانية”، مفسرا ذلك بعدة أسباب تاريخية مثيرة، من بينها أنه “خلال تلك الفترة تطورت صناعة الورق بأوروبا، فازدادت جودته ورخص ثمنه،(..) ووصل شمال القارة الإفريقية عبر طرق برية وساحلية وبحرية”.

والعلامات المائية التي تحملها الأوراق التي كتبت عليها المتون الإباضية دليل على الفترة التي كتبت فيها، ومن بينها علامة الثور الواردة في مخطوط كتب في القرن التاسع الميلادي كأحد الأمثلة الكثيرة التي استحضرها الباحث في هذا الصدد.

منتقلا إلى وضع الأصبع على ملامح ثقافة المخطوط عند الإباضية في العصر العثماني، استعرض المتحدث نفسه مجموعة من المخطوطات العثمانية والإباضية المماثلة من حيث الزخرفة ذات شكل اللوز، “مثل نسخة من صحيح البخاري من إنتاج كاتب إباضي (..) ومخطوط آخر من جامع نفوسة بشمال ليبيا يحمل الزخرفة نفسها”.

كما تطرق لوف إلى عدة ميزات تفرد بها “المخطوط الإباضي في مصر وتونس، فنجد مثلا الكتابة المغربية، وفي المتون نفسها تميزت المكتبة الإباضية عن غيرها من المكتبات، ومن النادر جدا العثور على مؤلفات إباضية في مكتبة صاحبها غير إباضي على الأقل حتى القرن 19، مقابل وجود عدة مكتبات إباضية بها كثير من المؤلفات السنية في الفترة ذاتها”، مشيرا إلى “وجود نسخ من صحيح البخاري تحمل وقفا من تاجر إباضي”.

مبادرات التثمين

وخلال الورشة ذاتها ذكر لوف عدة مبادرات تضع نصب أعينها تثمين المخطوط الإباضي والحفاظ عليه، منها “مشروع مكتبات جربة لتوسيع المخطوطات الإباضية ورقمنتها في جزيرة جربة التونسية، الذي يهدف إلى إنشاء مكتبات خاصة، وتصوير هذه المخطوطات، ثم وضعها رقميا رهن إشارة الباحثين”، مبرزا أن هذا المشروع مدعوم من قبل عدة جمعيات محلية، بالإضافة إلى المكتبة الوطنية البريطانية.

المبادرة الثانية التي لفت إليها الباحث مختلفة من حيث مصدرها، فقد أبرز أن “مشاريع وادي مزاب بالجزائر في هذا الصدد بدأت كمبادرات محلية ممولة محليا، فتطور المنهج في توثيق وفهرسة المخطوطات الإباضية محليا”، مشيرا إلى أن الجمعيات المحلية، التي تأسست خاصة في الثمانينيات والتسعينيات بغرض الحفاظ على المخطوط الإباضي، كان لها الفضل في “إنجاز عشرات من الفهارس للمكتبات الخاصة المحتضنة لهذا المخطوط، والتي فاق عددها 100 مكتبة”.

أما أحدث هذه المبادرات فهي “تلك التي بدأت في جبل نفوسة بتونس، من باب المصادفة، بعد ثورة 2012، وآخرها مشروع مكتبات نفوسة الذي انطلق سنة 2021، معتمدا بدوره على الدعم الخارجي، ومُستعينا بالتكوين من طرف مختصين بوادي مزاب الجزائرية”، ولفت إلى تأسيس مؤسسة “تراثنا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق البيت الأبيض: ترامب يفي بأكبر الوعود
التالى ارتفاع أسعار الذهب مجددا بحلول تعاملات المساء.. كم الآن؟