تصاعدت قضية منتجة الأفلام التركية عائشة باريم، التي أُلقي القبض عليها يوم الجمعة الماضي، إلى أزمة سياسية وثقافية، بعد اتهامها بمحاولة الإطاحة بالحكومة خلال احتجاجات عام 2013 التي شهدتها حديقة غيزي في إسطنبول. ولم يقتصر تأثير القضية على المجال السياسي فحسب، بل امتد إلى الوسط الفني، حيث تورط نجوم بارزون في التحقيقات، ما زاد من الجدل حول خلفيات القضية وأبعادها.
السياسة تدخل على الخط.. دعم من المعارضة وهجوم من الحكومة
مع تصاعد الجدل حول اعتقال باريم، عبّر سياسيون بارزون من المعارضة التركية عن دعمهم لها. وكان من أبرزهم أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي نشر رسالة تعاطف عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وشاركه في ذلك عدد من زملائه في الحزب.
بدوره، اعتبر علي باجان، زعيم حزب الديمقراطية والبناء، أن اعتقال باريم ليس سوى "كوميديا سوداء"، مشددًا على ضرورة احترام حقوق الإنسان في البلاد.
أما نائبة رئيس البرلمان التركي، جوليزار بيشر كاراجا، فقد رأت أن القضية تتجاوز كونها مجرد إجراء قضائي، قائلة: "هذه ليست مجرد عقوبة ضد فرد، بل هي جزء من استراتيجية الحكومة للسيطرة الكاملة على الإنتاج الثقافي والسياسي في تركيا".
تورط نجوم الفن.. خالد أرجنتش ورضا كوجا أوغلو في دائرة التحقيق
لم تتوقف تبعات القضية عند باريم وحدها، بل امتدت إلى نجوم بارزين في الدراما التركية، أبرزهم الممثلان خالد أرجنتش ورضا كوجا أوغلو، اللذان خضعا للتحقيق بتهمة "شهادة الزور" بعد نفيهما أي تعاون مع باريم خلال احتجاجات حديقة غيزي.
وبحسب مكتب المدعي العام، فإن أرجنتش وكوجا أوغلو كانا على اتصال وثيق مع باريم منذ بداية الاحتجاجات، رغم إنكارهما ذلك، ما دفع السلطات إلى اتهامهما بتقديم معلومات مضللة لصالحها.
الفنانون يدعمون باريم.. وهازال كايا في مقدمة المتضامنين
وسط تصاعد التوتر، أعرب العديد من الفنانين عن دعمهم لعائشة باريم، حيث نشرت الممثلة هازال كايا صورة لها عبر حسابها على إنستجرام، في إشارة إلى تضامنها. كما شاركت الممثلة بينار دينيز صورة لباريم وأرفقتها بعبارة: "أحبّك كثيرًا".
ووفقًا لمصادر مطلعة، من المتوقع أن يقوم المدعي العام باستدعاء ممثلين آخرين عبّروا عن تعاطفهم مع باريم، وسط مخاوف من تصاعد الحملة ضد الوسط الفني.
باريم ترد: علاقتي بعثمان كافالا فنية وليست سياسية
تنفي باريم جميع التهم الموجهة إليها، مؤكدة أن علاقتها برجل الأعمال المعتقل عثمان كافالا، الذي سُجن على خلفية احتجاجات حديقة غيزي، كانت محصورة في إنتاج فيلم مشترك عام 2013، وليس لها أي أبعاد سياسية.
ومع ذلك، أشار مكتب المدعي العام في إسطنبول إلى أن باريم متهمة بتحفيز الفنانين على الانضمام إلى الاحتجاجات، ومحاولة "زيادة الكتلة الجماهيرية" من خلال إشراك ممثلين مرتبطين بشركتها.
أزمة ثقافية أم تصفية حسابات سياسية؟
يرى مراقبون أن قضية باريم ليست مجرد قضية قضائية، بل تعكس تزايد الصراع بين المعارضة والحكومة في تركيا، خاصة في ظل مساعي السلطة للسيطرة على قطاع الإنتاج الفني والثقافي، الذي يُعد أداة مهمة للتأثير في الرأي العام.
