أخبار عاجلة
رفع علم إسرائيل على أنقاض غزة فقتله جنود ... -

بقلم السفير مصطفي الشربيني: قانون الاستدامة CSRD هو التحدي الأكبر للصادرات وللمستقبل الاقتصادي المصري

بقلم السفير مصطفي الشربيني: قانون الاستدامة CSRD هو التحدي الأكبر للصادرات وللمستقبل الاقتصادي المصري
بقلم السفير مصطفي الشربيني: قانون الاستدامة CSRD هو التحدي الأكبر للصادرات وللمستقبل الاقتصادي المصري
مصطفي الشربيني

مصطفي الشربيني

كتب : بلدنا اليوم

بقلم السفير مصطفي الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ ورئيس الكرسي العلمي للاستدامة والبصمة الكربونية بالألكسو، بجامعة الدول العربية وسفير ميثاق المناخ الأوروبي

في إطار التحول الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي، أصبحت الاستدامة إحدى القيم الأساسية التي يُبنى عليها النظام الاقتصادي الدولي، ومن ضمن هذه المبادرات الأوروبية، يُعتبر قانون "التوجيه الأوروبي للإبلاغ عن الاستدامة" CSRD ومعاييره ESRS أداة حيوية لضمان الاستدامة في كافة قطاعات الأعمال حول العالم، ويجب على الشركات تقديم تقارير الاستدامة الخاصة بسنة 2024 في عام 2025، يُتوقع أن تُنشر هذه التقارير في موعد أقصاه 30 يونيو 2025، أي بعد 6 أشهر من نهاية السنة المالية في 31 ديسمبر 2024.

حيث يُشدد على ضرورة التزام الشركات بالمعايير الأوروبية لتقارير الاستدامة ESRS لضمان الامتثال الكامل لمتطلبات CSRD ، هذا القانون يفرض على الشركات الأوروبية وكذلك الشركات التي تتعامل مع السوق الأوروبية، مثل الشركات المصرية، ضرورة تقديم تقارير دقيقة وشفافة حول استدامتها في مختلف المجالات، يشمل ذلك تأثيراتها البيئية، والاجتماعية، وحوكمتها، ومن خلال هذا النظام، يمكن تحديد آثار الأنشطة الاقتصادية على البيئة، والمجتمع، وكذلك على الشركات نفسها من خلال تبني ممارسات مستدامة.

تتضمن معايير الاستدامة الأوروبية ESRS مجموعة من المتطلبات التي يجب على الشركات التزامها بشكل صارم، وهذه المعايير تتعلق بعدد من المجالات الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على بيئة العمل التجارية في الدول المصدرة، مثل مصر، والتي تعتمد على صادراتها إلى السوق الأوروبية، على سبيل المثال، يتم التركيز بشكل خاص على التأثيرات البيئية، مثل انبعاثات الكربون، والموارد المائية، وكذلك حقوق الإنسان في سلاسل التوريد، هذه المعايير لا تقتصر فقط على الشركات التي تنتج السلع في الدول الأوروبية، بل تشمل أيضًا الشركات المصدرة إلى أوروبا، وهو ما يعني أن على الشركات المصرية الامتثال لهذه المعايير بشكل كامل إذا أرادت الاستمرار في تصدير منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي.

من أبرز ما يميز معايير ESRS هو أنها تضع مسؤولية كبيرة على الشركات للإبلاغ عن تأثيراتها البيئية والاجتماعية عبر سلاسل التوريد الكاملة، أي أن الشركات ليست مطالبة فقط بمراقبة انبعاثاتها الخاصة المباشرة، بل أيضًا الانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن مورديها الموردين والمستوردين، في حال تطبيق هذه المعايير على مصر، فإن الصادرات المصرية ستتأثر بشكل كبير حيث سيتعين على الشركات المحلية التي تصدر إلى الاتحاد الأوروبي تقديم تقارير واضحة ودقيقة حول الانبعاثات التي تحدث في مراحل الإنتاج المختلفة بدءًا من الموردين وصولاً إلى مرحلة التوزيع، وهذا يعني ضرورة إعادة هيكلة سلاسل التوريد في مصر لضمان تحقيق هذه المعايير، بما يتطلب استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والمعرفة.

إحدى المعايير المهمة في ESRS هي "التقرير عن تأثير الانبعاثات Scope 3"، والذي يشمل الانبعاثات الناتجة عن جميع الأنشطة المرتبطة بسلسلة التوريد، بما في ذلك النقل، والتخزين، والتصنيع، وحتى تأثيرات الموارد الطبيعية مثل الماء والأراضي، بالنسبة لمصر، يشمل هذا قطاع الزراعة الذي يُعد من أهم القطاعات المصدرة، حيث تواجه البلاد تحديات كبيرة في إدارة موارد المياه والتربة، مما يجعل الامتثال لهذه المعايير معقدًا ومرهقًا، تلتزم الشركات في أوروبا بالإبلاغ عن هذه الانبعاثات، وسيكون من الضروري على الشركات المصرية تقديم تقارير مشابهة إذا أرادت الاستمرار في تصدير منتجاتها.

بالإضافة إلى تأثيرات البيئة المباشرة، تفرض ESRS أيضًا متطلبات تتعلق بالحوكمة وحقوق الإنسان، على الشركات المصرية التي تصدر منتجاتها إلى أوروبا، خاصة في قطاع الزراعة والمواد الأولية، أن تلتزم بمعايير حقوق الإنسان المتعلقة بظروف العمل في سلاسل التوريد، هذا يشمل ضمان عدم وجود استغلال أو انتهاك لحقوق العمال في المزارع أو المصانع، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لمصر التي تواجه قضايا تتعلق بحقوق العمال وظروف العمل في بعض القطاعات الصناعية، كما يُتوقع من الشركات أن تكون شفافة في تقاريرها حول هذه الموضوعات، مما يتطلب تحسين الممارسات القانونية والإدارية في الشركات المحلية.

من جهة أخرى، تُعد معايير ESRS في جانبها البيئي شرطًا أساسيًا للامتثال في ظل الصفقة الأوروبية الخضراء Green Deal، هذه الصفقة تهدف إلى تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، مما يعني أن أوروبا ستُركز بشكل أكبر على خفض الانبعاثات الكربونية وزيادة استخدام الطاقة المتجددة، هذه الأهداف ستؤثر على الشركات التي تتعامل مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الشركات المصرية التي تورد منتجاتها، وبدون الالتزام بهذه المعايير، قد تجد الشركات المصرية نفسها مستبعدة من الأسواق الأوروبية في المستقبل.

ما يثير القلق بشكل خاص هو أن العديد من الشركات المصرية، خاصة الصغيرة والمتوسطة، لا تملك الموارد الكافية أو القدرات التكنولوجية اللازمة لتحليل وتقارير تأثيراتها البيئية والاجتماعية، وهذا يضعها في وضع حرج أمام المشرعين الأوروبيين الذين قد يعتبرون عدم الامتثال بمثابة تهديد للبيئة وللسلامة المجتمعية، لذا، فإن اتخاذ خطوات عاجلة نحو تبني تقنيات قياس ومراقبة الانبعاثات وتطوير ممارسات إنتاج مستدامة يُعد أمرًا ضروريًا لحماية الصادرات المصرية وضمان بقائها في الأسواق الأوروبية.

تجدر الإشارة إلى أن مشكلة أخرى ستواجه الشركات المصرية تكمن في قلة الوعي والمعرفة بالقوانين الأوروبية الجديدة، مما يجعل التحول إلى الاستدامة أكثر تعقيدًا، إذ أن كثيرًا من الشركات قد لا تكون على دراية بكيفية إعداد التقارير المطلوبة أو بمستوى التفاصيل الذي يتطلبه قانون CSRD، هذا هو المكان الذي يأتي فيه دور الاستفادة من الخبرات الدولية، مثل خبرات السفير مصطفى الشربيني، الذي يُعتبر أحد الخبراء العالميين في مجال الاستدامة، من خلال تدريب المصدرين على كيفية التكيف مع هذه المتطلبات، يمكن تخفيف العبء الناتج عن هذه القوانين الجديدة.

علاوة على ذلك، لا تقتصر التحديات فقط على تقديم التقارير عن الانبعاثات أو حقوق الإنسان، بل تشمل أيضًا تطوير أنظمة إدارية وتقنية لقياس وتقليل الأثر البيئي، فمثلاً، يعد قطاع الطاقة أحد القطاعات الرئيسة التي يجب على الشركات المصرية أن تركز عليها لتحقيق التوافق مع معايير ESRS، وهذا يشمل استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من المهم أن تبدأ الشركات في تبني استراتيجيات طاقة نظيفة لضمان تحقيق التوافق مع متطلبات السوق الأوروبية.

من الواضح أن التحديات التي ستواجهها مصر في ظل تطبيق هذه المعايير كبيرة ومعقدة، ولكنها أيضًا تحمل فرصًا مهمة، من خلال الامتثال للمعايير الأوروبية للاستدامة، يمكن لمصر أن تبرز كمثال يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، يمكن للمصدرين المصريين أن يستفيدوا من هذه الفرصة لتعزيز مكانتهم في الأسواق العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تركز على الشركات المستدامة.

وحول العقوبات في لائحة CSRD وتأثيرها على المصدرين المصريين

القانون الأوروبي للإفصاح عن الاستدامة CSRD تم اعتماده في 2021 من قبل الاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالاستدامة، ويشمل الشركات التي لها تعاملات مع الاتحاد الأوروبي، في إطار هذا القانون، يتعين على الشركات الكبرى الخاضعة للاتحاد الأوروبي تقديم تقارير مفصلة حول تأثيراتها البيئية والاجتماعية وفقًا لمعايير الاتحاد الأوروبي لتقارير الاستدامة ESRS، من خلال هذه التقارير، يتم تسليط الضوء على كيفية تأثير الشركات على المناخ، البيئة، والتنوع البيولوجي، فضلاً عن مسؤولياتها الاجتماعية.

وان المواد الأساسية المتعلقة بتأثير القانون على المصدرين ، فتحدد المادة 1 من اللائحة تشرح نطاق التطبيق للائحة CSRD، يحدد القانون الشركات التي يجب أن تمتثل لهذه المعايير، يشمل القانون الشركات الأوروبية الكبيرة التي يبلغ إجمالي إيراداتها السنوية أكثر من 150 مليون يورو، لكن الأهم من ذلك هو أن الشركات التي تتعامل مع هذه الشركات الكبرى مثل المصدرين المصريين الذين يبيعون منتجاتهم إلى الاتحاد الأوروبي يتأثرون بشكل غير مباشر.

في هذا السياق، فإن المصدرين المصريين الذين يتعاملون مع الشركات الأوروبية الكبرى سيُطلب منهم الالتزام بهذه المعايير إذا كانت هذه الشركات تحتاج إلى تقارير عن سلاسل التوريد الخاصة بها، بما في ذلك التأثير البيئي والاجتماعي للموردين.

اما المادة 3 من اللائحة تحدد الالتزامات الأساسية المتعلقة بالإفصاح عن البيانات البيئية والاجتماعية، يُلزم المصدرون المصريون الذين يتعاملون مع الشركات الأوروبية الكبرى بتقديم تقارير تلتزم بمعايير CSRD الخاصة بتقارير الاستدامة، تقارير الاستدامة يجب أن تتضمن الانبعاثات الكربونية، استخدام الموارد الطبيعية مثل الماء والطاقة، و الامتثال لمعايير حقوق الإنسان في سلاسل التوريد.

كما يُلزم المصدرون أيضًا بالإفصاح عن الممارسات البيئية التي يتبعونها في عمليات التصنيع أو الممارسات التجارية التي يتبعونها في تعاملاتهم مع الشركات الأوروبية.

وتعد المادة 19 و 20 - ضرورة الشفافية وتحديد التقارير البيئية، فهذه المواد تُلزم الشركات الأوروبية الكبرى بتقديم تقارير سنوية مفصلة عن تأثيراتها البيئية والاجتماعية، بما في ذلك تقارير عن الانبعاثات من سلاسل التوريد، أي شركة مصرية تزود شركات أوروبية تحتاج إلى تزويدهم بالمعلومات التي يتم طلبها من أجل ضمان شفافية سلسلة التوريد، الامتثال للقوانين البيئية و توفير تقارير دقيقية حول هذه التأثيرات أصبح أمرًا حتميًا.

وايضا المادة 21 تنص على أن الشركات يجب أن تدرج أيضًا معلومات حول الموردين في تقاريرها البيئية والاجتماعية، الموردين المصريين سيكون عليهم أن يقدموا بيانات شفافة حول ممارساتهم البيئية والاجتماعية، مثل مستويات الانبعاثات الكربونية و استخدام الطاقة المتجددة، بالنسبة للشركات التي تورد إلى الاتحاد الأوروبي، سيُطلب منهم التحقق من توافقهم مع المعايير الأوروبية.

اما المادة 25 تطلب من الشركات الإفصاح عن أثرها على حقوق الإنسان في سلاسل التوريد الخاصة بها، بما في ذلك ضمان أن المنتجات التي يتم تصديرها إلى الاتحاد الأوروبي لا تُنتج من خلال ظروف عمل غير لائقة أو استغلال عمالة، وهذه المادة تفرض على المصدرين المصريين التأكد من أن مورديهم يلتزمون بالمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

وبالتالي نستطيع تحديد العقوبات على عدم الامتثال من قبل المصدرين المصريين، انه في حال عدم تقديم تقارير دقيقة أو عدم الامتثال للممارسات البيئية والاجتماعية، تفرض اللائحة غرامات مالية ضخمة، طبقًا للمادة 50، قد تصل الغرامات إلى 1% من الإيرادات السنوية أو 2 مليون يورو، أيهما أكبر، هذا يُعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للشركات المصرية التي تسعى للتصدير إلى السوق الأوروبي.

الحظر على الوصول للأسواق الأوروبية: الشركات التي لا تلتزم بالقانون قد تتعرض للمنع من التصدير إلى الاتحاد الأوروبي أو تُمنع منتجاتها من دخول أسواقه، مما قد يؤدي إلى تأثير خطير على العلاقات التجارية.

ويمكن أن تُستبعد الشركات غير المتوافقة من المناقصات العامة الأوروبية، التي قد تكون مصدرًا كبيرًا للإيرادات في بعض القطاعات مثل البناء والصناعات الثقيلة.

وتحدد المادة 52 - ابالإضافة إلى الغرامات المقررة، قد تواجه الشركات المصدرة فقدان الثقة من العملاء في الاتحاد الأوروبي، مما يُضعف القدرة التنافسية في السوق الأوروبية، قد يؤدي ذلك إلى إلغاء عقود التوريد القائمة.

وبالتالي نجد ان المصدرون المصريون الذين يتعاملون مع الاتحاد الأوروبي يجب أن يكونوا على دراية تامة بأن القانون الأوروبي CSRD قد يؤثر بشكل كبير على عملياتهم التجارية إذا لم يتخذوا التدابير اللازمة لتوفير تقارير الاستدامة البيئية والاجتماعية المتوافقة مع متطلبات الاتحاد الأوروبي، من خلال الامتثال لهذه المعايير، سيكون بإمكانهم حماية سمعتهم في السوق الأوروبية، وتجنب العقوبات المالية التي قد تصل إلى 1% من الإيرادات السنوية أو 2 مليون يورو، الأمر الذي يستدعي من المصدرين المصريين تعزيز عملياتهم الاستدامية، وضمان الامتثال لحقوق الإنسان، و الممارسات البيئية السليمة.

اقرأ ايضا

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حسام الزناتي: اتحاد الكرة هو المخطئ في أزمة جراديشار.. وبيراميدز لن يحصل على نقاط مباراة الأهلي
التالى بعد قرار محمود الخطيب.. زيزو يوافق على عرض ممدوح عباس الخيالي ويوقع مع الزمالك