يمثّل أقدم حقول النفط في العراق علامة فارقة في تاريخ الصناعة الوطنية، إذ يعود اكتشافه إلى عشرينيات القرن الماضي، وتعدّه بغداد بمثابة "كنز".
وبات هذا الحقل التاريخي، الذي يُعرَف باسم حقل نفط خانة، قريبًا من مرحلة تطوير شاملة تستهدف تعزيز الإنتاج من الموارد الطبيعية، لتلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة الصادرات.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط العراقي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُعدّ الحقل، الواقع على الحدود مع إيران، إحدى الركائز المهمة في إستراتيجية وزارة النفط، كونه مشمولًا بجولة التراخيص الخامسة، التي استقطبت اهتمام شركات عالمية، ضمن مساعي بغداد لاستثمار الحقول الحدودية بفاعلية.
ويُتوقع أن يسهم المشروع بتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية في مدينة خانقين، من خلال توفير فرص عمل للسكان المحليين، إضافة إلى تنفيذ مشروعات تنموية تستهدف رفع مستوى الخدمات العامة.
وتشير التقديرات إلى أن حقل نفط خانة سيبدأ الإنتاج الفعلي بحلول أواخر العام القادم 2026، ضمن خطة تعتمد على تقنيات حديثة لاستكشاف الموارد واستثمارها بأعلى كفاءة.
حقل نفط خانة
يُعدّ حقل نفط خانة، الذي يقع ضمن محافظة ديالى على الحدود مع إيران، أحد أبرز الحقول المشمولة بخطط التطوير الحالية.
يقول مدير عام شركة نفط الوسط، المهندس محمد ياسين حسن، إن الحقل يضم 8 تراكيب نفطية، من أبرزها جرابيكا وتل غزال، وتتميز بنفطها الخفيف جدًا.
وأوضح حسن، في مقابلة تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، أن الشركة الأجنبية المسؤولة عن تطوير حقل نفط خانة تعمل بوتيرة متسارعة، ما يعكس جدّية المشروع.
وأضاف أن العمل يركّز في مراحله الأولى على تسريع إنتاج الغاز، على أن يلي ذلك بدء إنتاج النفط، مشيرًا إلى قرب الانتهاء من المسوحات الزلزالية ثنائية وثلاثية الأبعاد، مع إشراك شركة الاستشارات النفطية العراقية لتعزيز الخبرات المحلية.
بدوره، أشار مدير قسم حقول ديالى المهندس أمير محمود عبد الله إلى أن الحفر الاستكشافي لأول بئر في الحقل سيبدأ مطلع يوليو/تموز المقبل.
وأضاف: "تتضمن خطة تأهيل حقل نفط خانة إنشاء منشآت جديدة بطاقة تصميمية تصل إلى 50 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا لاستثمار الغاز الحر والمصاحب".
وكشف مدير قسم حقول ديالي موعد بدء الإنتاج، قائلًا: "يُتوقع أن يبدأ الإنتاج في الحقل خلال الربع الأخير من عام 2026 بطاقة مبدئية تصل إلى 9 آلاف و500 برميل نفط يوميًا، وأكثر من 40 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز".
تطوير أقدم حقول النفط في العراق
إلى جانب دوره المتوقع في دعم الإنتاج الوطني للنفط والغاز، يحمل مشروع تطوير أقدم حقول النفط في العراق أبعادًا اقتصادية وتنموية واسعة النطاق.
وسيوفر المشروع فرص عمل كبيرة لسكان المدينة، إذ ستُخصَّص النسبة الكبرى من الوظائف للأيدي العاملة المحلية، ما سيسهم بخفض نسب البطالة في المنطقة.
كما ستُخصَّص مبالغ ضخمة ضمن برنامج المنافع الاجتماعية للمشروع، بهدف تنفيذ مشروعات حيوية تشمل تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات الأساسية في خانقين.
وفي هذا الإطار، حرصت وزارة النفط العراقية على تضمين شروط بيئية صارمة في العقود المُبرَمة لضمان سلامة السكان المحليين وحمايتهم من أيّ آثار جانبية محتملة.
استثمار الحقول الحدودية
يأتي مشروع تطوير حقل نفط خانة ضمن إستراتيجية أوسع تشمل استثمار الحقول الحدودية بين العراق وإيران، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتشمل هذه الحقول، بالإضافة إلى نفط خانة، حقولًا مثل السندباد في البصرة والحويزة في ميسان، التي أُحيلت إلى شركات أجنبية ضمن جولة التراخيص الخامسة، في إطار جهود تهدف إلى زيادة الإنتاج النفطي بمقدار 250 ألف برميل يوميًا، إلى جانب مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز.
وكان العراق قد وقّع في عام 2023 عقودًا مع شركات عالمية، مثل "جيوجاد" الصينية و"نفط الهلال" الإماراتية، لتطوير حقول النفط والغاز الحدودية.
وتشمل هذه العقود مشروعات استكشاف وإنتاج تُسهم في تعزيز احتياطيات البلاد من الهيدروكربونات، مع التركيز على استثمار الغاز المصاحب وغير المصاحب، الذي يمكن أن يغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات البلاد المتزايدة للغاز المُستعمل في محطات توليد الكهرباء.
الخلاصة
يروي أقدم حقول النفط في العراق قصة طويلة من التميز والإسهام في بناء قطاع الطاقة، إذ بدأ إنتاج الحقل منذ أكثر من 7 عقود بعد اكتشافه في عشرينيات القرن الماضي.
ورغم مرور عقود من التحديات، يظل الحقل شاهدًا على قدرة العراق على استثمار ثرواته الطبيعية، واليوم، يعكس المشروع الجديد لتطوير الحقل رؤية حكومية طموحة تستهدف تحقيق إصلاحات اقتصادية شاملة وتعزيز استدامة قطاع الطاقة.
ومع بدء الإنتاج المتوقع في أواخر عام 2026، يمثّل حقل نفط خانة حجر الزاوية في إستراتيجية العراق لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز ورفع مستوى الصادرات النفطية، ما يضع البلاد في موقع أكثر قوة بسوق الطاقة الإقليمية والدولية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..