يشهد قطاع الطاقة النووية تحولات كبيرة بفضل الابتكارات المستمرة، بقيادة المفاعلات المعيارية الصغيرة، أحد أبرز الحلول الواعدة، التي باتت محط اهتمام الدول الأفريقية والعربية، إلى جانب البلدان المتقدمة.
وبحسب تقرير حديث، اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، من المتوقّع أن تصل سعة المفاعلات النووية الصغيرة إلى 40 غيغاواط بحلول عام 2050 في إطار السياسات الحالية، مع توقع بدء عمل أول المشروعات التجارية بحلول عام 2030.
ومع ذلك، قد ترتفع سعة المفاعلات المعيارية الصغيرة بمقدار 3 أضعاف بحلول منتصف القرن، حال توافر السياسات الداعمة.
كما قد توفّر هذه المفاعلات فرصة كبيرة للدول المتقدمة، مثل أوروبا والولايات المتحدة واليابان؛ لاستعادة ريادتها في القطاع.
سوق المفاعلات المعيارية الصغيرة
من المتوقّع أن تكون الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند والمملكة المتحدة هي الأسواق الرائدة في قطاع المفاعلات المعيارية الصغيرة بحلول 2050، وستمثّل قرابة 80% من السعة العالمية، بحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
وبحسب سيناريو التعهدات المعلنة:
- من المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 670 مليار دولار بين عامي 2024 و2050.
- بناء أكثر من 1000 مفاعل في أكثر من 30 دولة بسعة إجمالية تصل إلى 120 غيغاواط.
- ارتفاع إجمالي إضافات السعة إلى 5 غيغاواط في 2035 و9 غيغاواط في 2045.
- زيادة الاستثمار العالمي من قرابة 5 مليارات دولار -حاليًا- إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2030، ونحو 35 مليار دولار عام 2040.
ومع ذلك، أوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية أن تحقيق ذلك سيتطلب:
- الالتزام المستمر والدعم السياسي من الحكومات.
- تسريع عمليات مراجعة التصاميم من جانب الهيئات التنظيمية.
- استمرار شركات التكنولوجيا في تطوير التصاميم والأنظمة وتحسينها.
- تأمين التمويل من مختلف المصادر، سواء العامة أو الخاصة.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- سعة الطاقة النووية قيد الإنشاء حتى نهاية 2024:
اهتمام عربي وأفريقي بالمفاعلات المعيارية الصغيرة
في الوقت نفسه، بدأت المفاعلات المعيارية الصغيرة تكتسب زخمًا في المنطقة العربية والأفريقية؛ حيث بدأت بعض الدول في استكشاف إمكاناتها لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة، وتعزيز أمن الطاقة.
في الأردن، على سبيل المثال، تواصل هيئة الطاقة الذرية دراسة الفرص المتاحة للاستفادة من هذه المفاعلات؛ بما في ذلك إمكان استعمالها في تحلية المياه، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
في السياق ذاته، بدأت عدة دول أفريقية تتّجه نحو تطوير المفاعلات المعيارية الصغيرة، مثل غانا وكينيا وجنوب أفريقيا.
فقد وقّعت هيئة تنظيم الطاقة النووية في غانا، خلال شهر أغسطس/آب (2024)، اتفاقية تجارية مع مجموعة "ريغنوم تكنولوجي" الأميركية لتطوير مفاعلات بقدرة أقل من 100 ميغاواط، وتتوقّع بدء تشغيل أول مفاعل لها بحلول عام 2030.
أما كينيا؛ فتستهدف بدء بناء أول مفاعل نووي صغير لها بقدرة 300 ميغاواط في عام 2027، مع خطط لتشغيله في عام 2034.
وفي خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة الطاقة النووية، تتقدّم جنوب أفريقيا في تطوير تصميمين للمفاعلات النووية المعيارية الصغيرة.
أهمية المفاعلات المعيارية الصغيرة
على الصعيد نفسه، تتّجه شركات التكنولوجيا إلى الطاقة النووية، وبالأخص المفاعلات المعيارية الصغيرة، لتلبية احتياجاتها من الكهرباء.
ومن المتوقّع أن تشهد مراكز البيانات طفرة في استهلاك الكهرباء خلال المستقبل القريب، نتيجة التطور الرقمي ونمو الذكاء الاصطناعي؛ ما دفع إلى الإعلان عن خطط لبناء نحو 25 غيغاواط من سعة المفاعلات الصغيرة لتلبية احتياجات القطاع، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وعلى الرغم من أن استهلاك مراكز البيانات يُشكِّل -حاليًا- 1% فقط من إجمالي الطلب على الكهرباء عالميًا؛ فإن تأثيرها في الشبكات الكهربائية المحلية أصبح أكثر وضوحًا.
في أيرلندا، على سبيل المثال، شكّلت مراكز البيانات 20% من الاستهلاك المحلي للكهرباء خلال عام 2023.
كما تشير الدراسات الأخيرة إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات الأميركية من 58 تيراواط/ساعة عام 2014 إلى 176 تيراواط/ساعة عام 2023.
وتشير التقديرات إلى ارتفاع استهلاك مراكز البيانات الأميركية بحلول عام 2028 ليتراوح بين 325 و580 تيراواط/ساعة، ويشكل ذلك نحو 6.7-12% من إجمالي الطلب على الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
