أعادت نسبة مصر في حقل ظهر تشكيل خريطة الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط، لتصبح القاهرة واحدة من أهم اللاعبين في قطاع الغاز الطبيعي.
ووفقًا لبيانات قطاع الغاز المصري لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يعود الفضل في هذا الإنجاز إلى اكتشاف الحقل العملاق عام 2015، الذي يعدّ الأكبر في تاريخ البلاد، إذ تمتد مساحته إلى 100 كيلومتر مربع، ويقع في منطقة امتياز شروق البحرية، البالغة مساحتها 3 آلاف و752 كيلومترًا مربعًا.
وكان اكتشاف حقل ظهر بمثابة نقطة تحول، لا سيما مع بدء الإنتاج التجريبي في ديسمبر/كانون الأول 2017، والافتتاح الرسمي في يناير/كانون الثاني 2018، ما وضع مصر على خريطة الدول المصدرة للطاقة.
إلّا أن التحديات التي واجهتها البلاد، بما في ذلك انخفاض الإنتاج وتراجع الاحتياطيات، دفعت الحكومة إلى تكثيف جهودها لاستعادة مستويات الإنتاج السابقة.
ويشهد حقل ظهر للغاز، الذي اكتُشف بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، خططًا استثمارية جديدة تسعى إلى تعويض التراجع الطبيعي في الإنتاج.
كم نسبة مصر في حقل ظهر
تشير التقارير إلى أن نسبة مصر في حقل ظهر تبلغ نحو 50%، ممثلةً في الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس".
وفي سياق متصل، تتوزع نسبة الـ50% المتبقية بين عدّة شركات دولية، بواقع 50% لشركة إيني الإيطالية، و30% لشركة روسنفط الروسية، و10% لشركة مبادلة الإماراتية، و10% لشركة بي بي البريطانية.
ويعكس توزيع نسبة مصر في حقل ظهر ونسب المطورين التزام القاهرة بشراكات إستراتيجية مع شركات عالمية لتطوير أحد أهم مشروعات الغاز في البحر المتوسط.
اتفاقية التنقيب والنسب التعاقدية
تعدّ اتفاقية التنقيب في حقل ظهر أحد أهم العوامل التي أسهمت في تحقيق الاستقرار والإنتاج، إذ وُقِّعت بين الحكومة المصرية وشركة إيني الإيطالية، في يناير/كانون الثاني 2014، وبدأت الشركة عمليات الحفر في عام 2015.
وتضمنت الاتفاقية تقسيمًا واضحًا للإنتاج، إذ خُصِّص 40% من إنتاج الحقل لاسترداد النفقات والتكاليف الاستثمارية، في حين وُزّعت الـ60% المتبقية بنسبة 65% لمصر و35% لإيني، وبعد استرداد التكاليف، تحصل مصر على الحصة الكاملة من الـ40%.
وفي مارس/آذار من عام 2016، أسّست مصر شركة مشتركة مع إيني الإيطالية باسم "بتروشروق"، لتتولى أعمال تنمية المشروع، والأنشطة المتعلقة بحقل ظهر.
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة مصر في حقل ظهر تعكس شراكة إستراتيجية مع كبريات شركات الطاقة العالمية، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
إنتاج حقل ظهر
في ظل التراجع الأخير في إنتاج حقل ظهر، الذي وصل إلى 1.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، بعد أن كان 2.7 مليار قدم مكعبة في 2022، أعلنت الحكومة خطط حفر جديدة بالتعاون مع شركة إيني.
ويُتوقع أن تبدأ أعمال الحفر بآبار تنموية جديدة، خلال فبراير/شباط 2025، بوساطة سفينة الحفر "سايبم 10000"، في خطوة تهدف إلى إعادة الإنتاج إلى مستويات تتجاوز مليارَي قدم مكعبة يوميًا.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي سعي الحكومة لتعزيز الإنتاج لسدّ احتياجات السوق المحلية، مع توقعات باستئناف التصدير بحلول عام 2027، أو قبل ذلك، في حال تحقيق اكتشافات جديدة.
استثمارات ضخمة لدعم الإنتاج
بلغت الاستثمارات في حقل ظهر خلال العام المالي الماضي 677 مليون دولار، ومن المخطط ضخّ 535 مليون دولار إضافية في العام المالي الحالي 2024/2025.
العام المالي في مصر يبدأ يوم 1 يوليو/تموز من كل عام، وينتهي في 30 يونيو/حزيران من العام التالي.
وتشمل هذه الاستثمارات حفر آبار جديدة، وتطوير محطات الإنتاج البرية، وتنفيذ مشروعات رفع الكفاءة، وفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم التحديات المالية التي واجهتها البلاد، بما في ذلك مستحقات شركة إيني المتأخرة، التي بلغت 1.6 مليار دولار، توصلت الحكومة، في يوليو/تموز 2024، إلى اتفاقية جدولة للمستحقات، بهدف تحفيز الشركة الإيطالية على استئناف أعمال الحفر والاستكشاف ضمن خطة طموحة لاستعادة مستويات الإنتاج السابقة.
تطورات الحفر في حقل ظهر
تستعد مصر، بالشراكة مع إيني، لحفر بئرين جديدتين ضمن حملة مكثّفة للحفاظ على الاحتياطيات الإنتاجية، كما تشمل الخطة إعادة تأهيل بعض الآبار القائمة واستعمال تقنيات متقدمة لزيادة كفاءة الإنتاج.
ويُتوقع أن تؤدي هذه الجهود دورًا كبيرًا في تحسين الاقتصاد الوطني، إذ يسهم الحقل في خفض الاعتماد على الاستيراد وتوفير العملة الصعبة.
كما تسعى مصر إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي لتصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الغاز، ما يعزز مكانتها الاقتصادية والسياسية.
ويمثّل حقل ظهر نموذجًا للاستثمار الإستراتيجي في قطاع الطاقة، مع استمرار الحكومة في تنفيذ خططها التنموية الطموحة.
وتظل نسبة مصر في حقل ظهر حجر الزاوية لهذه الإستراتيجية، إذ تعكس الجهود المبذولة لاستعادة الإنتاج وتعزيز الاستثمارات، ما يدعم تحقيق أمن الطاقة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..