تذكار استشهاد القديسة مهرائيل عروس المسيح.. في مثل هذا اليوم نتذكر استشهاد القديسة النقية مهرائيل، الملقبة بعروس المسيح. عاشت هذه القديسة في القرن الرابع الميلادي، وورد اسمها في بعض المخطوطات كـ”مهراتي” أو “ممراتي”، وهو اسم يعني بالعربية “سلامة الله”. نشأت في أسرة مسيحية صالحة ببلدة طموه التابعة لمحافظة الجيزة. كان والدها القس يوأنس كاهنًا تقيًا مخلصًا في صلواته وعبادته، وكانت والدتها امرأة فاضلة تُدعى إيلاريا. ورغم عدم إنجابهم لسنوات، استمر الزوجان في الصلاة بحرارة طالبين من الله أن يرزقهما نسلًا مباركًا. وقد بشرهما الأنبا بيصاريون، أسقف منف، بأن دعاءهما سيُستجاب، وبالفعل أنعم الله عليهما بهذه القديسة التي أصبحت بركة عظيمة وشهدت بحياتها للمسيح.
قصة القديسة مهرائيل عروس المسيح
نشأت هذه القديسة مهرائيل عروس المسيح في جو من التقوى والإيمان، ملتزمة بالعبادة ومكرسة قلبها لله بلا انقطاع. وعندما بلغت من العمر اثني عشر عامًا، ظهرت السيدة العذراء لوالدها، القس يوأنس، لتخبره قائلة: لقد جئت إليك من أجل ابنتك مهرائيل، حيث أدعوها إلى عرس ابني في مدينة أورشليم السمائية، المدينة التي لا يوجد فيها جوع أو تعب أو عطش، بل فرح وسرور دائم. استجاب القس يوأنس متسائلًا: كيف أستطيع أن أرسل ابنتي إلى أرض بعيدة وغريبة؟ فأجابته السيدة العذراء: حيّ هو الرب الإله ضابط الكل، إنه بعد نياحة ابنتك سأعيد جسدها إليك لتدفنه في أي مكان تراه مناسبًا.
ثم قامت السيدة العذراء بنفسها بدهن القديسة مهرائيل بالعطر، فبدأت المعجزات تظهر من خلال يديها. كان كل من يعاني مرضًا أو ألمًا يشفى فورًا إذا صلت على قليل من الزيت ودهن به المريض. وقد تحقق وعد السيدة العذراء لها، حيث نالت إكليل الشهادة.فعندما أمر الإمبراطور الوثني دقلديانوس باضطهاد المسيحيين واستشهاد العديد منهم، توجهت مهرائيل إلى شاطئ النهر حيث وجدت قاربًا مزدحمًا بالمؤمنين الذين كانوا في طريقهم إلى الاستشهاد. انضمت إليهم دون أن تخبر والديها بشيء.
عندما رست المركب في مدينة أنصنا، وقفت مهرائيل، التي كانت تبلغ اثني عشر عامًا فقط، بين المتقدمين للاستشهاد. حاول الوالي التراجع عن إعدامها لصغر سنها، لكنها أعلنت إيمانها بقوة وجرأة ولعنت الآلهة الوثنية التي يعبدونها. أثار ذلك غضب الوالي، فأمر بتعذيبها، لكن الرب حماها وحفظها من كل أذى.
عذابات الوالى لـ القديسة مهرائيل عروس المسيح
أمر الوالي في النهاية بوضع القديسة مهرائيل عروس المسيح داخل صندوق مليء بالثعابين والعقارب ثم إلقائه في البحر. استمرت المركب في الإبحار لثلاثة أيام، وكانت القديسة داخل الصندوق تمجد الله دون خوف. وفي اليوم الرابع، ظهر لها السيد المسيح قائلاً: سلام لكِ أيتها الشهيدة الطاهرة، القديسة مهرائيل النقية. لقد أوصلتك إلى بيت أبيك القس يوأنس، كما وعدت والدتي. والرائحة العطرة التي سكبتها والدتي على رأسك ستبقى في جسدك عبر الأجيال. وكل من يبني كنيسة تحمل اسمك سأكتب اسمه في ملكوت السماوات، وكل من يطلق اسمك على ابنته سأحفظه من كل شر.
كان جميع من في المركب يشعرون برائحة عطر زكية، دون أن يلتفتوا إلى بعضهم، إذ كانوا يسمعون الصوت فقط، فغمرهم خوف شديد. وبعد فترة وجيزة، صعدت روحها إلى الرب، وحدثت ريح قوية أوقفت المركب عند شاطئ طموه، بلدها. حينها ترك الجنود المركب على الشاطئ وذهبوا لشراء بعض الطعام من المدينة. وعندما عادوا، رأوا نورًا عظيمًا للغاية. فاستدعوا أهل البلدة ليشهدوا هذا المشهد المهيب. قام الجنود بإخبار أهل المدينة بما حدث مع الشهيدة القديسة مهرائيل عروس المسيح.
استشهاد القديسة مهرائيل عروس المسيح
جاء والدها، القس يوأنس، برفقة حشد كبير من سكان المدينة، وأخذوا جسدها، فكفنوه بتوقير ونقلوه من هناك، حيث بنوا كنيسة فوق مرقدها. وجرت من خلالها العديد من الآيات والمعجزات. لاحقًا، وفي عهد الإمبراطور قسطنطين، صدر أمر ببناء كنيسة تحمل اسمها في طموه، وتم تكريسها في الثاني والعشرين من شهر مسرى، حيث أودع فيها جسد الشهيدة.
بعد 600 عام من اندثار كنائسها، جدد الاحتفال بها في عيد استشهادها، تكريمًا لذكراها العطرة وتخليدًا لمعجزاتها.