صندوق النقد يعلن التزامه بالتوازن في الإصلاحات
المؤسسات الدولية تتفهم رؤية السيسي وسط التحديات العالمية
في خطوة تعكس تقدير صندوق النقد الدولي للرؤية التي طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسي فيما يخص أوضاع الشعب المصري، أكد الصندوق في بيانٍ حديث أن حجم القرض البالغ 8 مليارات دولار لمصر سيظل ملائمًا، مع التزامه بوضع برامج الحماية الاجتماعية في مقدمة أولوياته بالتعاون مع السلطات المصرية.
تأتي هذه الاستجابة بعد أن وجه الرئيس السيسي، خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية، رسائل قوية للمؤسسات الدولية مفادها أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تفرض ضرورة حماية الفئات الأكثر احتياجًا من أي ضغوط قد تؤثر على مستوى معيشتهم، خاصةً في ظل ظروف إقليمية ودولية غير مسبوقة.
حرص الرئيس السيسي على المواطن كأولوية
الرئيس السيسي استعرض خلال حديثه ما حققته مصر من نجاحات ملموسة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته عام 2016، حين كانت الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية أكثر استقرارًا. ولكنه أوضح أن السياق الحالي قد تغير بشكل كبير، حيث تزايدت التحديات بفعل الأزمات العالمية، مضيفًا: "نحن الآن نعيش ظروفاً استثنائية تتطلب إدراكاً من الجميع لأبعاد الوضع الراهن". ولفت الرئيس إلى أنه رغم هذه الإصلاحات الناجحة، فإن الأزمات العالمية الأخيرة أدت إلى تراجع موارد مصر من النقد الأجنبي بمقدار 6 إلى 7 مليارات دولار في الأشهر العشرة الماضية فقط، مع توقعات باستمرار هذا الوضع لعامٍ آخر.
وأكد السيسي أن الظروف الحالية، التي تلوح فيها مؤشرات ركود اقتصادي عالمي، تجعل من الضروري إعادة تقييم بعض جوانب برنامج القرض مع صندوق النقد الدولي. وأوضح قائلاً: "إذا استدعت الظروف ضغوطًا تؤدي إلى إرباك الرأي العام في مصر وتحميل الناس فوق طاقتهم، فلابد من مراجعة الموقف مع الصندوق". وتأتي هذه التصريحات كإشارة قوية إلى أن القيادة المصرية تضع المواطن في قلب سياساتها، وتسعى إلى توجيه المؤسسات الدولية نحو التوازن في الإصلاحات بما يتماشى مع القدرة الاقتصادية للمجتمع المصري.
صندوق النقد الدولي يتفهم رؤية السيسي
من جانبه، أبدى صندوق النقد الدولي تفهمه الكامل لتلك الرؤية. وفي بيان صحفي، أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق، أن مسألة تقييم مدى فاعلية برامج الحماية الاجتماعية في مصر ستكون من أولويات مديرة الصندوق في محادثاتها المقبلة مع الحكومة المصرية. وقال أزعور: "نعمل مع السلطات المصرية لزيادة فاعلية برامج الحماية الاجتماعية وضمان توسيع نطاقها لتشمل جميع الفئات المستحقة، فهذه ستكون من القضايا الأساسية التي نحرص على دعمها في مصر". كما شدد على ضرورة حفاظ مصر على مرونة سعر الصرف كعنصر مهم لتحقيق الاستقرار المالي على المدى البعيد.
وتشمل شروط حزمة الدعم التي وقعها الصندوق مع مصر في مارس الماضي، بعض الخطوات الاقتصادية الإصلاحية مثل خفض الدعم على الوقود والكهرباء والعديد من السلع الأساسية، مع السماح للجنيه المصري بالتفاعل بشكل أكبر مع قوى العرض والطلب. ورغم أن تلك الإجراءات تهدف إلى إصلاح بنية الاقتصاد وتعزيز استدامته، فإنها أثارت مخاوف شعبية نظرًا لآثارها المحتملة على القدرة الشرائية للمواطنين، مما دفع الرئيس السيسي إلى التأكيد على ضرورة التوازن بين متطلبات الإصلاح واحتياجات المجتمع المصري.
إن استجابة صندوق النقد لتصريحات الرئيس المصري تُظهر قدراً كبيراً من التفهم للسياق الاقتصادي الحرج الذي تمر به مصر والمنطقة، وتعكس التزامه بمراعاة الظروف الاقتصادية العالمية والتغيرات الإقليمية التي لها تأثيرات مباشرة على اقتصاد مصر، الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.
