أخبار عاجلة

ما بين الإنتاجية وحقوق العامل.. هل حان وقت تطبيق نظام الأجر بالساعة في مصر؟

ما بين الإنتاجية وحقوق العامل.. هل حان وقت تطبيق نظام الأجر بالساعة في مصر؟
ما بين الإنتاجية وحقوق العامل.. هل حان وقت تطبيق نظام الأجر بالساعة في مصر؟

في قلب أي اقتصاد قوي، يقف العامل كالعجلة المحورية التي تدير عجلة الإنتاج، بينما يعتبر تحديد ساعات العمل وتنظيم الأجور أحد أبرز العوامل التي تحدد نجاح أي نظام اقتصادي.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لتطبيق نظام الأجر بالساعة في العديد من الدول، تظل مصر في مفترق طرق بين الحاجة إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز العدالة الاجتماعية، ففي عالم يتطور بسرعة، حيث يرتفع منسوب التنافسية وتزداد حاجات السوق إلى كفاءة أعلى، تبرز قضية "تكلفة ساعة العمل" في مصر كإحدى النقاط الساخنة التي تستحق نقاشًا معمقًا.

وبينما يرى البعض أن زيادة ساعات العمل قد تسهم في دفع عجلة الاقتصاد، يطالب آخرون بضمان حقوق العامل وتوفير بيئة عمل عادلة تضمن المساواة وتحقق توازنًا بين المجهود والإنصاف.

ومع تصاعد هذه التساؤلات، تصبح الإجابة أكثر إلحاحًا، هل يكون تحديد الأجر حسب الساعة هو الحل الأمثل لتحقيق مزيد من العدالة والفعالية في سوق العمل المصري؟.

النموذج الأوروبي والأمريكي

وفي العديد من الدول المتقدمة، يعتمد تحديد الأجر على عدد الساعات التي يقضيها العامل في العمل، ويحسن هذا النظام من الإنتاجية ويضمن تحقيق العدالة بين العامل وصاحب العمل.

وفي المقابل، يغلب في مصر النظام القائم على الأجر الشهري بغض النظر عن عدد الساعات الفعلية التي يعملها العامل، وقد أثار هذا التفاوت بين النظامين تساؤلات عدة حول مدى قدرة نظام العمل المصري على تحقيق العدالة بين العمال وصحة تطبيقه.

ويرى بعض رجال الأعمال أن زيادة ساعات العمل يمكن أن تساهم في زيادة الإنتاجية، وهو ما جعل رجل الأعمال محمد فاروق يطالب بزيادة ساعات العمل في مصر إلى 12 ساعة يوميًا، لمدة 6 أيام في الأسبوع، أسوة بنظام العمل في الصين الذي وصفه بالأنجح عالميًا.

فاروق في تصريحاته أكد أن هذا النظام هو السبيل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية، كما أشار إلى أن كل الدول التي تبنت مفهوم "الموازنة بين العمل والحياة الشخصية" قد فشلت.

المطالبة بزيادة ساعات العمل

واستند فاروق إلى النموذج الصيني في تفسير وجهة نظره، موضحًا أن الصين تعمل بنظام صارم حيث تبدأ ساعات العمل في الساعة 9 صباحًا وتنتهي الساعة 9 مساءً، مع العمل 6 أيام في الأسبوع.

واعتبر فاروق أن هذا النظام هو السبب في النجاح الكبير الذي حققته الصين في المجالات الاقتصادية والإنتاجية، وبالتالي يجب على مصر اتباع نفس النهج لتحقيق مزيد من النجاح.

لكن هذه التصريحات أثارت ردود فعل شديدة في الشارع المصري، فبينما يرى البعض أن هذه الزيادة في ساعات العمل قد تسهم في تحقيق نتائج إيجابية على المدى القصير، إلا أن آخرين يرون في هذه الفكرة تجاوزًا لحقوق العمال واستغلالًا لمجهودهم.

681.jpg
سوق العمل في مصر

التعويض العادل

المهندس صلاح دياب، أحد الشخصيات البارزة في مجال الأعمال، عارض تصريحات فاروق بشكل صريح، معتبرًا أن ساعات العمل الطويلة يجب أن تقترن بأجر عادل.

دياب استرجع تجربته الشخصية حين كان يعمل في بريطانيا لفترة طويلة، حيث كان يحصل على 50 جنيهًا إسترلينيًا في الأسبوع مقابل 12 ساعة من العمل يوميًا.

وأوضح دياب أن العمل لفترات طويلة دون تعويض مناسب غير مقبول، وأن أي شخص يرغب في زيادة ساعات العمل يجب أن يوافق على دفع أجر إضافي يتناسب مع الجهد المبذول.

وقال: "إذا كان رجل الأعمال يريد من العمال العمل لمدة 12 ساعة في اليوم، يجب أن يحصلوا على تعويض يساوي 50 جنيهًا إسترلينيًا في اليوم، بما يتماشى مع عملهم الشاق"، وهذه التصريحات تسلط الضوء على أهمية الأجر العادل في النظام الاقتصادي، حيث يجب أن يكون العمل الإضافي مقابل أجر مضاعف أو متناسب مع حجم الجهد المبذول.

العدالة وتحفيز الإنتاجية

من جهته، تحدث الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، عن أهمية تطبيق نظام الأجر بالساعة في مصر، في تصريحات خاصة لـ “بانكير”.

البهواشي اعتبر أن هذا النظام سيكون مفيدًا للطرفين، العامل وصاحب العمل، مشيرًا إلى أن تطبيق الأجر بالساعة من شأنه أن يحفز العامل على زيادة إنتاجيته، لأنه سيحصل على أجر إضافي مقابل الساعات الإضافية التي يعملها.

كما رأى أن هذا النظام سيؤدي إلى تحسين الأداء بشكل عام في قطاعات مثل البناء والزراعة، حيث يتم تطبيق هذا النظام بنجاح في بعض الشركات.

وأضاف البهواشي أن النظام المعمول به في مصر حاليًا لا يساهم في تعزيز الإنتاجية بشكل فعال، موضحًا أن العامل في القطاع الحكومي غالبًا ما يتعامل مع عمله بشكل أقل حوافز، نظرًا لغياب أي ربط بين الأجر والإنتاجية.

وقال البهواشي: "إذا تم تطبيق نظام العمل بالساعة بشكل عادل، فسوف يشجع العامل على بذل مزيد من الجهد، ويحقق استفادة للطرفين، فالعامل سيحصل على دخل أعلى من خلال العمل لساعات إضافية، بينما صاحب العمل سيحقق زيادة في الإنتاجية".

لكن البهواشي شدد على ضرورة أن يكون الأجر المحدد للساعة "أجرًا عادلًا" بحيث لا يتم استغلال العامل في سبيل تحسين إنتاجية الشركة.

تشريعات تضمن حقوق العمال

بدوره، قال النائب زكي عباس، عضو مجلس النواب المصري، أن غياب التشريعات التي تنظم الأجر بالساعة يعتبر إحدى المشكلات التي تواجه سوق العمل في مصر، ومن الضروري وجود حماية قانونية للعاملين، وضمان حقوقهم بشكل يتماشى مع التطورات العالمية في سوق العمل.

وأضاف عباس في تصريحات خاصة لـ “بانكير”: "الحكومة يجب أن تعمل على وضع حد أدنى للأجر بالساعة، بحيث يكون هناك إطار واضح يضمن للعاملين دخلًا يتناسب مع مستوى المعيشة، وهذه الخطوة ستسهم في تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وتحسين حياة ملايين الأسر".

683.jpg
قانون العمل في مصر

التزامات أصحاب العمل تجاه العمال

وأكد النائب: "دول العالم تعوض العمال عن الساعات الإضافية بأجر مضاعف أو ثلاثي ورغم أن ذلك موجود في قانون العمل إلا أن بعض المؤسسات لا تطبقه، وهذا النظام معمول به في العديد من الدول، ويضمن العدالة ويحفز العمال على تقديم المزيد من الإنتاجية".

وشدد عباس على أهمية إلزام أصحاب العمل بتقديم عقود قانونية، قائلاً: "يجب أن تحتوي العقود على تفاصيل دقيقة تتعلق بالأجور وساعات العمل والإجازات، لضمان حقوق العمال وتجنب أي استغلال قد يتعرضون له، نحتاج إلى تفعيل دور الهيئات الرقابية لضمان الالتزام بهذه القوانين".

الاستفادة من التجارب الدولية

وأشار عباس إلى أهمية الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة مثل ألمانيا والسويد التي وضعت أنظمة مرنة وعادلة للأجور بالساعة، مما ساهم في تحسين الإنتاجية وزيادة رضا العاملين، مؤكدًا أن علينا دراسة هذه النماذج وتطبيق ما يناسب طبيعة سوق العمل في مصر.

واختتم عباس تصريحاته مشددًا على ضرورة وضع حد أدنى للأجر بالساعة، وتحديد نظام لتعويض الساعات الإضافية، وتعزيز دور الرقابة لضمان حقوق العمال، بالإضافة إلى نشر الوعي بين العاملين بأهمية العقود القانونية وحقوقهم في بيئة العمل.

وختامًا تعتبر قضية تحديد تكلفة ساعة العمل وتنظيم ساعات العمل في مصر من القضايا التي تحتاج إلى اهتمام عاجل من الحكومة والجهات المعنية، وبين مطالبات بزيادة ساعات العمل وتحقيق النجاح الاقتصادي.

وبين ضرورة توفير بيئة عمل عادلة تضمن حقوق العاملين، يظل النقاش مفتوحًا حول أفضل السبل لتحقيق توازن بين حقوق العمال وزيادة الإنتاجية، ومن الضروري تطبيق أنظمة شفافة وواضحة تحمي حقوق العمال وتعزز من الإنتاجية، وتواكب تطورات السوق العالمية بما يتناسب مع الظروف المحلية.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق نهاية فايرفوكس؟.. جوجل تطلق مبادرة كُبرى لتحسين متصفحات كروميوم
التالى بعد قرار محمود الخطيب.. زيزو يوافق على عرض ممدوح عباس الخيالي ويوقع مع الزمالك