تشكّل صناعة الهيدروجين أحد أجنحة انتقال الطاقة، إذ يتطلب تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري إفساح مساحة أكبر لتقنيات الطاقة النظيفة.
ورغم أن الفجوة الزمنية بين الحديث عن مصادر الطاقة المتجددة (مثل: الطاقة الشمسية، والرياح) والهيدروجين ليست بالكبيرة، فإن المساحة بينهما في السوق متباينة إلى حدّ كبير.
وتثير هذه الفجوة التساؤلات حول أسباب نجاح سوق الطاقة الشمسية والرياح مقارنة بالهيدروجين، خاصة أن الأخير يُنظر إليه بصفته وقودًا واعدًا، سواء لقطاع النقل، أو الاستهلاك في الصناعات الثقيلة.
وبحسب تحديثات قطاع الهيدروجين العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) شهد عام 2024 إخفاقات عدّة للصناعة، إذ ألغيت مشروعات وخطط عدّة لشركات رائدة، مدفوعة بالتحديات التنظيمية والتكلفة المرتفعة والعجز عن تأمين اتفاقيات شراء بالقدر الكافي.
وناقش خبير سياسات الطاقة وإستراتيجيات الهيدروجين، إريك راكو، كيفية استعادة الهيدروجين دوره المأمول في خطط انتقال الطاقة، والخطوات المطلوبة للوصول إلى زخم مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة الأخرى.
واقع صناعة الهيدروجين
يشير واقع صناعة الهيدروجين إلى أنها تواجه تحديات ضخمة في الآونة الحالية، رغم أن قوّتها السوقية تسجل 100 مليار دولار سنويًا.
ويعكس ذلك استعداد سوق الوقود النظيف للنمو والتطور، لكنها تكافح في ظل التحديات التي تعطّل طفرتها، ما يثير التساؤلات حول الجدوى الفعلية للهيدروجين في مسار انتقال الطاقة، ومدى قدرته على تلبية هذه الأهداف.
وبالنظر إلى وتيرة تطور الصناعة، نجد أن هناك فجوة كبيرة بين آلياتها وبين سوق مصادر الطاقة المتجددة (خاصة الطاقة الشمسية والرياح).
وأوصى الخبير "إريك راكو" بضرورة تبنّي سوق الهيدروجين إستراتيجيات صناعة الطاقة المتجددة، والسير على نهجها لضمان نجاح مماثل.
ويحتاج الهيدروجين إلى دمج آليات عدّة للتأسيس للسوق، مشيرًا إلى أن مستهدفات الصناعة واقعية وقابلة للتحقيق لكنها تحتاج إلى الإطار المنظّم لذلك.
أسباب الفجوة بين الهيدروجين والطاقة المتجددة
دعا "إريك راكو" إلى إنقاذ سوق الهيدروجين عبر دراسة 5 أسباب تجيب عن تساؤل لماذا نجحت سوق الطاقة الشمسية والرياح، وأخفق الوقود النظيف:
1) غياب السوق:
حتى الآن، لا تملك صناعة الهيدروجين سوقًا موحدة، ما يعيد توجيه الدفة باتجاه مصادر الطاقة المتجددة القوية (استثمارات الطاقة الشمسية والرياح).
ولتوضيح ذلك، يتمكن منتجو الطاقة المتجددة بسهولة من دمج إنتاجهم في شبكات الكهرباء، وتنظيم عملية بيعها للمستهلكين عبر عقود ثابتة، في حين لا يجري العمل بالنهج ذاته في قطاع الهيدروجين.
وهناك مفارقات عدّة في التأسيس للصناعة، من بينها تضارب البيانات حول تقدير الطلب أو واقعية المستهدفات الأوروبية، على سبيل المثال.
ويشمل ذلك الفجوة بين حجم الطلب الحالي على الهيدروجين بنحو 100 مليون طن سنويًا، مقابل 540 مليون طن بحلول 2050، وفق تقدير وكالة الطاقة الدولية.
وكذلك استهدف أوروبا استيراد 10 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين بحلول 2030، في حين تتسارع وتيرة إلغاء المشروعات وإرجائها.
2) الدمج في الشبكة:
حظيت موارد الطاقة الشمسية والرياح بدمج ناجح في شبكات الكهرباء، سواء على صعيد البنية التحتية أو وضوح الأسعار أو آليات الطلب.
ومقابل ذلك، افتقرت صناعة الهيدروجين لهذا الدمج، إذ ما زالت تعاني تحديات وتعقيدات في مراحل الإنتاج والتشغيل، ولم تصل بعد لمرحلة الدمج في الشبكات.
وبالإضافة لذلك، تعدّ مهمة الهيدروجين أكثر صعوبة من مجرد الانضمام لمزيج الكهرباء، عبر الانتشار في الاستعمالات والتطبيقات الصناعية.
3) اتفاقيات الشراء:
لم تقتنص سوق الهيدروجين ومشتقاته اتفاقيات شراء قوية بالقدر المأمول حتى الآن، وربما كان هذا سببًا في وقف -وإلغاء- عدد لا بأس به من المشروعات.
ويأتي هذا رغم إحراز خطوات مهمة في تطوير الأمونيا وبُنيتها التحتية، لكن يبدو أن العزوف عن توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأجل تضمن أحجام الإنتاج شكّل عقبة رئيسة أمام مواصلة التطوير.
4) التحديات المالية:
لم تؤسس سوق الهيدروجين لآليات تسعير أو حوافز إنتاج، وفق تصريحات "راكو" لموقع إنرجي نيوز.
وتوقفت مشروعات عدّة بسبب الإدراك المتأخر لتكلفة إنتاج الهيدروجين المرتفعة في ظل عدم توقيع اتفاقيات شراء تضمن استعادة الإنفاق وتحقيق أرباح، ما يدفع المستثمرين للمطالبة بضمانات قاسية.
ومقابل ذلك، توفر استثمارات الطاقة الشمسية والرياح عناصر أمان للمستثمرين، خاصة أن الإيرادات المتوقعة والثابتة تضمن رأس المال.
5) البنية التحتية:
تحتاج البنية التحتية لقطاع الهيدروجين إلى بنية تحتية عالمية، حتى تضمن نقلًا آمنًا وسريعًا دون مخاطر التسرب أو الانفجارات.
ومن شأن التعاون وتضافر الجهود الدولية أن يلبي ذلك، وتسعى دول الاتحاد الأوروبي لتأهيل السوق وفق آليات الاتفاق على السياسات الموحّدة، وتأمين التمويل المشترك.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: