كشفت وزارة النقل واللوجسيتيك، الأسبوع الماضي، عن تأجيل تطبيق معيار “Euro6” على المركبات من الأصناف M2 وM3 وN1 وN2 وN3، لمدة 24 شهرا، في ما يتعلق بعمليتي المصادقة والتسجيل، موضحة أن “المركبات من الصنف M1 (السيارات الخاصة الخفيفة) لم يشملها أي تغيير”.
وربطت الوزارة ذاتها هذا الإجراء بصدور القرار المشترك لوزير النقل واللوجستيك ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة رقم 2094.24، القاضي بتغيير القرار المشترك لوزير التجهيز والنقل وكاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة رقم 2835.10 (صادر سنة 2010)، والمتعلق بتحديد شروط المصادقة على المركبات في ما يتعلق بانبعاث الملوثات وفقا لمتطلبات المحرك من الوقود، بالجريدة الرسمية في 16 دجنبر الماضي.
وعرف هذا الإجراء الذي تصل مدته إلى 24 شهرا نقاشا متباينا بين الفعاليات البيئية المؤمنة بضرورة إعمال المغرب السرعة في معالجة المواضيع ذات العلاقة بالبيئة والتنمية المستدامة، بما فيها تطبيق معيار “Euro6” على مختلف المركبات، وذلك موازاة مع سعي المملكة إلى تحقيق التزاماتها الدولية في هذا المجال في أفق 2030.
وانتصر طرف من الفعاليات البيئية لفكرة مفادها أن “تأجيل اعتماد هذا المعيار بالنسبة لأصناف معينة من المركبات، ولمدة 24 شهرا، بإمكانه تعقيد مسيرة المغرب نحو الوصول إلى الحياد الكاربوني، سواء في أفق 2030 أو حتى في 2050″، في وقت بيّن طرف آخر أن “المغرب ليس من أكبر مصادر الانبعاثات الكربونية، ما يجعل من التدّرج أمرا مفيدا وصحيا”.
وتذكر تقارير متخصصة أن “Euro6” يعتبر الإصدار السادس والأحدث من معايير الانبعاثات التي وضعها الاتحاد الأوروبي للسيارات، إذ يروم تنظيم وتقليل مستويات الملوثات الضارة المنبعثة من السيارات، وتنطبق مضامينه على كل من السيارات التي تعمل سواء بالدييزل أو البنزين.
وقال مصطفى العيسات، خبير في مجال المناخ والتنمية المستدامة، إن “المغرب مازال بحسب الواقع متأخرا في ما يتعلق باعتماد المركبات التي تتماشى مع مساعي تنفيذ مضامين الالتزامات المتوافق عليها على المستوى الدولي، والمتعلقة بالحياد الكاربوني”.
وأضاف العيسات، في تصريح لهسبريس، أن “تأجيل اعتماد هذا المعيار بخصوص أصناف سيارات يُعقّد استمرار المغرب في هذا الورش الذي يتعلق في مجمله بالتوجه نحو توفير نقل عمومي وخاص يحترم البيئة ويوفر الشروط الخاصة بذلك، في إطار استمرار على رهانه على سنة 2030 لتحقيق التزاماته في هذا الإطار”، وزاد: “يمكن لهذا القرار، الذي يمكن أن يكون اتفاقيا بين الوزارتيْن المعنيتين مع أرباب النقل المستورد، أن يؤخّر أو ألاّ يتماشى مع المجهودات التي بذلها المغرب في وقت سابق، على اعتبار أن مدة 24 شهرا ليست بالقصيرة بتاتا”.
وثمّن المتحدث ذاته “الإصرار الذي أبدته المملكة على هذا المستوى، وسعيها إلى اعتماد النقل العمومي النظيف، بما يشمل عربات الترامواي على سبيل المثال، في وقت تسعى إلى تحقيق نتائج إيجابية في هذا الصدد بحلول سنة 2030″، موردا أن “الانبعاثات الكاربونية التي تتسبب فيها السيارات ووسائل النقل بالمغرب تبقى مهمة ولا يمكن الاستهانة بها، وهو ما يظهر جليا على مستوى المدن الكبرى”.
أما رشيد فاسح، ناشط في مجال البيئة والمناخ، فاتفق هو الآخر على أنه “يمكن أن يكون لهذا القرار تأثير على تحقيق الالتزامات التي تعهد بها المغرب في الجانبين المناخي والإيكولوجي في أفق 2030، إذ يمكن ألا يتم بحلول هذا التاريخ تحقيق بعضها”.
واستدرك فاسح: “غير أنه يمكن أن نرى هذا الأمر من زاوية ثانية تتعلق بكون المغرب ليس بالدولة الكاربونية، بما يؤكد أن التدرّج محمود في هذا الإطار ويمكن أن يعطينا صورة أوضح بخصوص المسألة المناخية خلال السنوات المقبلة”.
كما ذكر المتحدث أن “المغرب من ناحية الانبعاثات الكربونية يبقى في مصاف الدول الأقل تلويثا للهواء، وهو ما يوضح أننا لسنا في مرحلة خطر أو مضطرين لتسريع خطوات معيّنة”، مبيّنا أن “المغرب يبقى أقل من دول عديدة في انبعاثات الكربون”.
وبعدما انتصر للفكرة القائلة بمبدأ التدرج عاد الفاعل البيئي ذاته ليسجل أنه “حتى وإن تم حلّ معضلة المركبات التي لا تحترم معيار يورو 6 فإن هناك مجهودات أخرى يجب أن تتم في ما بعد، تتعلق بالحافلات مثلا والعربات الخاصة بالشحن الثقيل”، موضحا أن “الوزاتيْن المعنيتين بالموضوع يمكن أن تكون لديهما أفكار عجّلت بتأجيل تطبيق المعيار سالف الذكر في الفترة الحالية”.