إن الحوار بين الأديان والثقافات يعتبر من أبرز متطلبات العصر الحديث، خاصةً في المجتمعات المتنوعة ثقافياً ودينياً،في هذا الإطار، يلقي فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الضوء على نعم المحبة والأخوة التي ينبغي أن تسود بين الأديان،يبرز ذلك من خلال تأكيده على أهمية تهنئة الأقباط في مناسباتهم والأعياد، معتبراً أن الأديان السماوية ليست فقط روحانيات بل رسائل سلام تشمل كل مخلوقات الله، بما في ذلك الإنسان والطبيعة والحيوانات،هذا الطرح يعكس مذاق التسامح في الإسلام، وتفهمه لحقوق غير المسلمين بمختلف طوائفهم،
مبادئ المواطنة وحقوق الإنسان
يرى الإمام الطيب أن مبدأ المواطنة يتجاوز اعتبارات الدين أو المذهب، حيث أكد على أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات،هذا المفهوم يعزز من مبدأ العدالة الاجتماعية ويدفع نحو بناء مجتمع متماسك يسوده الاحترام المتبادل،إن حقوق الإنسان لا تقف عند حدود الدين، وهذا ما دعا إليه الأزهر طيلة تاريخه، حيث يعتبر حماية حقوق غير المسلمين جزءاً أساسياً من الحضارة الإسلامية.
التطرف الفكري وضروريات الحوار
تطرق شيخ الأزهر إلى التوجهات المتطرفة التي تحظر تهنئة المسيحيين وتبادل الزيارات في الأعياد، مشيراً إلى أن هذا نوع من التفكير المتجذر في المجتمع المصري منذ السبعينيات،إذ نبه إلى الحالات التي أساءت إلى صورة الإسلام، في وقت كانت فيه الفتنة الطائفية تتسلل إلى المجتمعات،وأكد على ضرورة تعزيز الحوار الإيجابي والفعال بين الأطراف المختلفة لمحاربة هذه الظواهر السلبية.
إعادة بناء الروابط التاريخية
وفي سياق تناول العلاقات الإسلامية المسيحية، أشار الإمام الطيب إلى أن القيم الروحية والأخلاقية التي تجمع بين الديانتين تمتد إلى أعماق التاريخ،إذ لا يقتصر هذا التلاحم على زمن معين، بل هو نتيجة حقيقية للتفاعلات الإنسانية التي نشأت قبل وصول الإسلام إلى مصر، مما يعكس عمق التفاهم والاحترام بين الأمة الإسلامية وباقي الطوائف.
بناء الكنائس وحقوق الأقليات
تحدث الإمام الأكبر بشكل صريح عن مسألة بناء الكنائس، موضحاً أن الأزهر لا يتبنى أي موقف يعارض هذه القضية من منطلق ديني،فقد أكد على عدم وجود نصوص قرآنية أو حديث نبوية ترفض بناء دور العبادة لغير المسلمين،كما اعتبر أي عراقيل يواجهها المسيحيون خلال بناء كنائسهم ناتجة عن عادات وتقاليد اجتماعية أكثر من كونها تندرج ضمن المبادئ الإسلامية،
في الختام، تعتبر تصريحات فضيلة الإمام أحمد الطيب دعوة للعيش المشترك في سلام وتسامح بين جميع أفراد المجتمع، وهو أمرٌ حيوي لضمان الاستقرار والسلام،الأديان، بغض النظر عن اختلافاتها، تدعو إلى الحب وحقوق الإنسانية، وهذه الرسالة يجب أن تبقى متفوقة على أي انحراف أو تداخل فكري يحاول التأثير سلباً على العلاقات بين مكونات المجتمع المصري.