في لحظة درامية قاسية، اندلع حريق مروّع في أحد الأبراج السكنية بشارع المنيل في حي مصر القديمة، ليبتلع النيران أسرة بأكملها ويترك خلفه ذكرى بطولية لامرأة استثنائية.
اشتهرت نهير السباعي بحنانها تجاه الحيوانات ووقوفها بجانب الحالات الإنسانية في حي المنيل، تحولت إلى بطلة في لحظاتها الأخيرة، وهرعت لإنقاذ والدتها البالغة من العمر ثمانين عامًا، والتي كانت طريحة الفراش بسبب مرض السرطان، ولكن النيران كانت أسرع.
قلب الأم يقود نهير إلى المأساة
كانت نهير قادرة على الهروب من النيران والنجاة بنفسها، ولكن شعورها بالواجب تجاه والدتها دفعها للعودة إلى الشقة، لم تستطع أن تترك من حملتها تسعة أشهر تواجه الموت وحيدة، فعادت لتنقذها، إلا أن النيران أحكمت قبضتها على الجدران ولم تترك لها أي مخرج.
بينما كان أحمد، ابن نهير، يبحث عن طفاية حريق لدى الجيران، انفجر غاز الفريون في الثلاجة، مما أدى إلى انتشار النيران بسرعة هائلة، ودقائق قليلة كانت كفيلة بتحويل الشقة إلى كتلة من اللهب، لتسقط نهير، وزوجها، ووالدتها ضحية الحريق، بينما نجا أحمد بأعجوبة.
تفاصيل الحريق
بدأت المأساة من خلف الثلاجة، حيث تسبب خلل في موتور الجهاز في إشعال النيران، وحاول أحمد التصرف بسرعة لإنقاذ أسرته، إلا أن موجة الانفجار الناتجة عن غاز الفريون كانت أقوى من أي محاولة.
ساهم السجاد والستائر والأخشاب الموجودة في الشقة في سرعة انتشار النيران، ليجد أحمد نفسه خارج الشقة، يشاهد ألسنة اللهب تخرج من النوافذ والشرفات، معلنة عن فقدانه لوالدته ووالده وجدته في آن واحد.
حياة مليئة بالعطاء تنتهي بالبطولة
كانت نهير السباعي من مواليد 1 يناير 1971، خريجة كلية الآداب بجامعة القاهرة، وعملت مدرسة في إحدى المدارس الثانوية للبنات في المنيل، عُرفت بنشاطها في مجال حقوق الحيوان واهتمامها بالحالات الإنسانية في حيها.
وصفها أحد الجيران بأنها كانت "صاحبة قلب كبير"، وذكر أنها لم تتردد يومًا في مساعدة من يحتاج، سواء أكان إنسانًا أم حيوانًا ضالًا، ولم يكن غريبًا على امرأة بهذه الصفات أن تخاطر بحياتها من أجل إنقاذ والدتها.
وسط الحزن الذي خيم على حي المنيل، باتت قصة نهير السباعي رمزًا للتضحية والإنسانية، ورحلت ومعها أسرتها، ولكنها تركت إرثًا من المحبة والعطاء، وقصة ستظل محفورة في ذاكرة من عرفوها.