على الرغم من أن كميات الغاز في سوريا تُعد ضئيلة، ولا تكفي للاستهلاك المحلي، حرص نظام بشار الأسد السابق على الترويج لنظرية المؤامرة التي نشرتها حكومته وتبنّتها قناة الميادين، مفادها بأن الثورة قامت لأن هناك دولًا استغلّت الناس ودفعت لهم مبالغ.
وبحسب مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، فإن نظام الأسد برّر نظرية المؤامرة بوجود خلافات بين قطر وإيران على أنابيب الغاز.
وأضاف: "بالنظر إلى أكثر الشعوب تمسكًا أو اقتناعًا بنظريات المؤامرة، فسيكون الترتيب مفاجئًا، إذ إن أكثر شعب مهتم بنظرية المؤامرة ويؤمن بها هو الشعب الفرنسي، ونظرية المؤامرة حول أنابيب الغاز في سوريا جاءت من فرنسا".
وأشار إلى أن هناك خريطة أنابيب غاز منتشرة مؤخرًا، وضعها بروفيسور فرنسي، يرى -بفهمه البسيط- أنه بما أن هناك ورقة وخريطة يمكن رسم خطوط لتصبح أنابيب، ومع ذلك فإن هذه الخريطة يتم الترويج لها على أن التغيير الذي حدث في سوريا بتأييد دولي كان من أجل أنابيب الغاز.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي جاءت بعنوان: "مستقبل إنتاج النفط والغاز في سوريا".
أنابيب الغاز في سوريا
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الترويج لأن الأحداث الأخيرة كانت بهدف السيطرة على أنابيب الغاز في سوريا وما حولها، تناسى أصحابه كل شيء عن السجون وقتل وتشريد ملايين اللاجئين.
وأضاف: "تذكروا أنابيب الغاز في سوريا ونسوا أن التغيير له أسباب أخرى، فوضعوا كل شيء جانبًا، لذلك عندما تجدون أي إنسان يروّج لهذا على (إكس) أو منصة غيرها، فهذه قمة العنصرية وقمة الإهانة للشعب السوري".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن أول أمر يجب توضيحه فيما يتعلق بموضوع أنابيب الغاز في سوريا، هو أن هناك مخططًا جرى تقديمه إلى بشار الأسد في عام 2008، بأنبوب واحد وليس أنبوبين، إذ يأتي هذا الخط من حقل الشمال في قطر، المشترك مع إيران.
وتابع: "الأنبوب قطري والغاز إيراني، لذلك فهو أنبوب واحد، تموله قطر، ولكن الغاز سيجري ضخه من الجزء الإيراني من الحقل، على أن يصل إلى منطقة حمص السورية، حيث يوجد خط الغاز العربي، الذي يأتي من الدلتا في مصر ويتجه إلى سيناء قبل الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن هذا الخط، بدلًا من أن يدخل الأراضي المحتلة، ينزل تحت الماء في خليج العقبة، ويمتد عبر الأردن، إذ يدخل سوريا من جهة الجنوب، ثم يتجه إلى حلب، وصولًا إلى الحدود التركية.
وكانت الخطة الأصلية أن يقدّم هذا الخط الغاز إلى أوروبا، بحيث تبني شركات أوروبية وعالمية الخط من تركيا إلى القارة العجوز، وهناك فرع لهذا الخط يذهب من حمص غربًا إلى طرابلس، في حين كانت هناك خطة أن يتجه من طرابلس تحت الماء إلى قبرص لإمدادها بالغاز.
وأردف: "بالطبع هذه الخطة قديمة قبل اكتشافات الغاز في حوض شرق المتوسط، لأن هناك اكتشافات في المنطقة، جعلت قبرص لا رغبة لديها في هذا الأنبوب من الأساس، ولكن هذا الأنبوب موجود ومكتمل، رغم أنه لم يعمل".
لذلك، فإن الفكرة كانت أن يمتد أنبوب الغاز القادم من الخليج بتمويل قطري ويحمل الغاز الإيراني، ومن ثم لم يكن هناك خلاف بين قطر وإيران حوله كما ادعى نظام الأسد، ولم يكن هناك أنبوبان بل واحد فقط، ولكن بشار الأسد رفض.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن من يعتقد أن هناك مؤامرة على الغاز في سوريا، فإن المؤامرة معكوسة، فمن وقف ضد الخط كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومر الزمن لنراه الآن يغزو أوكرانيا وتحدث بينه وبين أوروبا أزمات.
لذلك، فإن من ضمن الأمور التي حدثت أن هناك حرب غاز، إذ يسيطر الأميركيون على إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا على حساب الغاز الروسي، وبعض الدول الأوروبية خفّضت استعمالها للغاز القادم من موسكو، وبعض هذا الغاز أوقفه بوتين بنفسه ولم يعد يضخه إلى دول القارة.
خط الغاز العربي
لفت الدكتور أنس الحجي إلى أن خط الغاز العربي والغاز القطري والإيراني كانا ضمن مؤامرة روسية، لأن أوروبا أرادت الغاز الروسي، وأدرك بوتين هذا الأمر، فمنع خط الغاز العربي ووقف ضد الغاز القطري والإيراني "الأنبوب"، لذلك فالمؤامرة روسية وليست إيرانية قطرية.
وأضاف: "الآن يعتقد البعض أن هذا سيتم، وبالتالي ستكون هناك مساومات، وهناك شركات تحاول أن تتواصل مع الحكومة الحالية لبناء أنبوب الغاز في سوريا، ومن ثم بناء محطات جديدة للغاز المسال على الساحل السوري".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن ما كان سيحدث في 2008 لن يحدث الآن، لأن الغاز الذي كان سيمر في الأنبوب تحول حاليًا إلى غاز مسال، ومن ثم ليس هناك غاز سواء من إيران أو قطر لضخه في الأنبوب، أي أن الأمر قد انتهى.
وجغرافيًا، وفق الحجي، أدركت الشركات العالمية -منذ نشأة صناعة النفط في الشرق الأوسط- أن سوريا وفلسطين هما ممران للأنابيب، وبذلك الوقت كانت أنابيب النفط موجودة، مثل أنبوب تابلاين الذي كان يذهب إلى مصفاة حيفا، ولكن وجود الاحتلال أدى إلى تحويل ذلك إلى سوريا ولبنان، ثم تم تفجير الخط ولم يعد بعدها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: