في إطار الرهان الوطني على تسريع ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، دعت فعاليات مهتمة بالشأن الأمازيغي بالمغرب الجماعات الترابية إلى الانخراط بقوة في تكوين أطرها ومواردها البشرية وتعزيز قدراتها التواصلية في استعمال هذه اللغة لتقديم الخدمات إلى المرتفقين، من أجل ضمان التنزيل السليم لهذا الورش المهم الذي يتطلب بدوره التزاما حقيقيا ومسؤولا من جميع الجهات المعنية بغية توسيع نطاق استعمال وتداول “لغة إيمازيغن” وتعزيز حضورها في مختلف الفضاءات.
في هذا الإطار، أكد حسن إد بلقاسم، محام وناشط حقوقي أمازيغي، أن “التزام الجماعات الترابية بالمغرب بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية من خلال تكوين مواردها البشرية وتقوية قدراتها في هذا المجال هو أمر في غاية الأهمية، وسيساعد على توسيع نطاق استخدام وتداول هذه اللغة؛ وبالتالي المساهمة بشكل إيجابي في إنجاح ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في مجالات التعليم ومجالات الحياة ذات الأولوية”.
وأضاف إد بلقاسم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “جميع الجماعات الترابية في عموم التراب الوطني مدعوة إلى الانخراط بمسؤولية في إنجاح هذا الورش، وبذل المزيد من الجهود في تقوية قدرات أطرها في استعمال الأمازيغية وتعزيز حضور هذه اللغة ضمن فضاءاتها؛ وبالتالي الارتقاء بهذه اللغة تفعيلًا لمضامين القانون التنظيمي المتعلق بها الذي أشار إليه الدستور، خاصة أن الجماعات الترابية هي فضاء للاحتكاك اليومي بالمواطن”.
في المقابل، شدد الحقوقي الأمازيغي ذاته على أن “دعوة الجماعات الترابية إلى تكثيف التكوينات في مجال الأمازيغية لتسريع تفعيل طابعها الرسمي وتعزيز حضورها في كل الفضاءات التي يلجها المواطن يجب أن يوازيها أيضًا تفعيل حقيقي للأمازيغية في مجال التعليم والإعلام والإدارة، وضخ ميزانيات محترمة لذلك ترتقي إلى مستوى التطلعات والأهداف؛ إضافة إلى تطوير شعب الأمازيغية في الجامعات وتوسيع قاعدة أساتذتها من أجل التنزيل السليم لمخطط التعميم”.
من جهته، أورد الحسين الغلب، باحث بمركز التهيئة اللغوية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية تلزم الجماعات الترابية بتوفير بنيات لاستقبال الإرشاد بالأمازيغية بما يمكنها من التواصل بهذه اللغة مع المواطنين المتحدثين بها، واستخدامها في تقديم الخدمات العمومية؛ إضافة إلى توفير وثائق مختلفة باللغتين العربية والأمازيغية، على غرار المطبوعات الموجهة إلى العموم والشهادات التي يسلمها ضباط الحالة المدنية”.
وأوضح الغلب متحدثًا لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “التكوين المستمر لفائدة الموارد البشرية والأطر في الجماعات، ليس فقط في مجال استعمال الأمازيغية، يعد أمرًا ضروريًّا لتعزيز قدرات وكفاءة هذه الموارد ويجب أن تنخرط فيه جميع الجماعات، تماشيا مع التحولات التي تشهدها مختلف الإدارات وكذا الأوراش التي أطلقها المغرب بما في ذلك ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “تنظيم دورات تكوينية لفائدة موظفي الجماعات في اللغة الأمازيغية لا يساهم فقط في تعزيز قدراتهم التواصلية؛ وبالتالي تجويد عملهم، وإنما أيضًا في تصحيح مجموعة من المغالطات حول الأمازيغية كونها لغة صعبة التعلم، وهو ما يمكن من إثارة حب الاستطلاع لدى الموظفين من غير المتحدثين وتحفيزهم على التعليم والتكوين الذاتيين، على اعتبار توفر عدد من الآليات المخصصة لذلك”.
في سياق مماثل، قال أبو بكر أنغير، رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، إن “ما تقوم به بعض الجماعات من تكوين للموظفين لاستعمال اللغة الأمازيغية في التداولات الإدارية أمر جد إيجابي ومبادرة قيمة تنم عن الوعي الكبير بضرورة النهوض بهذه اللغة التي ارتقى بها الدستور المغربي لسنة 2011”.
وأكد أنغير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجماعات الترابية ومختلف الإدارات والسلطات العمومية يجب هي الأخرى أن تسير في هذا المسار الذي يتوافق مع القوانين التنظيمية المتعلقة بتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية وينسجم مع روح الدستور”.
وشدد رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان على أن “تنزيل الأمازيغية ورش وطني يتطلب انخراط جميع الفاعلين المؤسساتيين بما في ذلك الجماعات الترابية، إذ يعد ورشًا استعجاليًّا؛ لأن رهانات تعميم الأمازيغية وإدماجها في الحياة العامة من الرهانات الوطنية التي يجب الإسراع في تطبيقها”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “ما تقوم به بعض الوزارات، وخاصة وزارتي الداخلية والخارجية، من تكوين الموظفين وحث الولاة والعمال على تنزيل الأمازيغية في الفضاءات العمومية، هي مبادرات مواطنة تنسجم مع التوجهات الملكية السامية التي تتوخى إعادة الاعتبار لجميع المكونات الهوياتية والثقافية المغربية”.