أقيمت بجامعة المنيا الجديدة مساء اليوم ندوة "كتابات من واقع الحرب"، ضمن فعاليات مؤتمر أدباء مصر في دورته ال٣٦ تحت عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي"، دورة الأديب الراحل جمال الغيطاني.
بدأت الندوة باستعراض الباحث الدكتور أحمد إبراهيم الشريف لرسائل الشهيد أحمد جعفر أحد أبطال حرب أكتوبر، التي كان يرسلها إلى أهله أو كانوا يرسلونها إليه خلال فترة الحرب، والتي عثر عليها مخضّبة بدماء الشهيد.
وقال الشريف، خطابات الشهيد ورسائله التي رأيتها وقرأتها تحمل وجهي الموت والحياة في آن، ففي الرسائل نجد حديث الشهيد المصري لحبيبته، وعلى ظهر الرسالة نجده قد رسم دبابة، وهو ما يعكس طبيعة الروح المصرية في ذلك الوقت وكيف كان يتعامل مع الحرب.
وأضاف ، هناك جزء آخر من الرسائل وهو رسائل الأهل إلى البطل الشهيد، وهي رسائل تكشف حجم الارتباط وتعلق الأهل بالأبناء على خط النار وعلى الجبهة.
وواصل الشريف، الرسائل بها الكثير من المشاعر، ولكني سأحكي قصة أهل الشهيد أحمد جعفر الذين حاولوا الحصول على رفاته لدفنه لتتمكن الأسرة من زيارته، وهذا الجزء من الحكاية سأقصه كما سمعته، حيث ذهب الوالد وحاول العثور على مكان دفن ولده الشهيد، وفجأة حينما حاول القيام استند إلى قبر فعثر على سلسلة أو ما شابه ذلك ليكتشف أنّ هذه المقبرة لإبنه الذي جاء بحثا عن رفاته.
وقال الباحث الكاتب أحمد محمد عبده، خلال مشاركته في الندوة ، بعض العائلات في مصر رفضت ترك منازلهم وقت الحرب وقدمت في بحثي المعنون ب" المرأة في قلب الحرب"، ٦ نماذج لسيدات من شرق وغرب مصر، ونبدأ بالسيدة خضرة أم إبراهيم من قرية أبو عطوة بالإسماعيلية، والتي أطلق عليها بعد ذلك أم الصاعقة، وهي سيدة كانت في الخامسة والعشرين من عمرها تعيش في قرية مثلها مثل باقي قرى مصر.
وواصل الباحث، دور خضرة أم إبراهيم تمثل في إنقاذها لجنود مصر المصابين ونقلهم على العربة الكاروا لتنقلهم إلى المستشفى، وهذه الحكاية عليها شهادات من عدد من القادة الميدانيين، وقد حكوا قصة خضرة أم إبراهيم التي اطلق عليها لقب أم الصاعقة.
وأضاف النموذج الثاني أم رفاعي، وهي إحدى فلاحات عزب منطقة فايد، وكانت لها كلمة مشهورة تقولها لجنود مصر وهي "إن مشالتكوش مصر نشلكم في عنينا"، كانت هذه السيدة تخبئ الجنود المصريين في بيتها على مسؤوليتها.
وهناك فلاحة أخرى من فايد أيضا ويمكننا أن نطلق عليها الهدهد لأنها كانت تقوم بدور استطلاعي وتقدم معلومات عن جنود العدو واماكن تمركزهم.
أما النموذج الرابع فهو خاص بالسيدة سلمي شميط من سيناء التي مات زوجها في العام ١٩٦٧ والتي أخذت على نفسها عهدا للثأر، وبدأت في زرع الألغام في طرقات العدو اليهودي انتقاما لزوجها، وهناك شخصية فاطمة أم علي إبراهيم في أبو رديس في سيناء، وهي الشخصية الخامسة، التي قضت ستة أشهر تمد بعض الجنود في الحرب بالزوادة خلال اختبارهم في أحد الانفاق، وهذه بعض النماذج للنساء المصريات في حرب أكتوبر.
قال الباحث والكاتب سيد نجم، لا بد أن أسجل وأنا أحد جنود أكتوبر، أن هذا المؤتمر بداية حقيقية للأحتفال بحرب أكتوبر.
وأضاف نجم، لا بد أن نفرق بين أدب الحرب وبين أدب التجارب الحربية، ومصطلح أدب التجربة الحربية يقوم على عدة عناصر منها عنصر الزمان وعنصر المكان وعنصر الكاتب، وعنصر الزمان يتمثل في ما قبل المعارك وأثناء المعارك وبعد المعارك، والعنصر الثاني عنصر الشخصية يتمثل في الجندي في أرض المعركة أو الأم أو الولد الصغير أو الطفل، وإضافة للمدني والعسكري في أدب الحرب هناك العنصر الثالث الوسط بين المدني والعسكري مثل الكاتب جمال الغيطاني شخصية المؤتمر هذ العام، وكلها شخصيات يمكنها أن تكون موجودة في أدب المعارك.
قال الشاعر شعبان يوسف، كل عام نحتفل بنصر أكتوبر، ولكن هذا المؤتمر تكريس للاحتفال بنصر أكتوبر، وأرى أن عنوان أدب الحرب عنوان عام، ونحن منذ ٤٨ وكل مرحلة تأخذ لها عنوان، وصولا إلى أدب الانتصار الآن.
وأضاف يوسف، خلال تقديم ورقته البحثية المعنونة ب"خمسون عاما من الانتصار"، أدبيات الانتصار كثيرة ومنها الشعر والرسم وغيره من أشكال الفن، إضافة إلى رسائل الجنود هي أيضا أدب، العبارات التي كتبت على البيوت هي أيضا أدبيات انتصار.
وواصل لا يمكننا أن نغفل روح الانتصار الموجودة في مختلف الكتابات الإبداعية التي ظهرت بعد نصر أكتوبر، ويمكنني القول أن جمال الغيطاني فارس كتابة الاتشراف للانتصار، وذلك في مجموعته القصصية أرض أرض، وفيلم حكايات الغريب والزويل وغيرها من كتابات جمال الغيطاني.
وأضاف يوسف متأثرا، أذكر حينما كنت صغيرا استشهاد أحد شباب جيراننا، وحينها حمل أهل المنطقة نعش رمزي، وطافوا به الأحياء مرددين شعارات النصر لمصر وغيرها من الشعارات التي تثير الحماسة وتحرض على النصر، والحقيقة أنا من دعاة الأمل والتفاؤل.
واختتم بقوله، تحية للثقافة الجماهيرية التي أقامت هذا الحدث وهو تكريس لنصر أكتوبر، ونحن نحتفل بنصر أكتوبر منذ اليوم الأول للنصر وإلى الآن.