تمثل تقنيات احتجاز الكربون في أوروبا محورًا حيويًا بإستراتيجية القارة للحد من الانبعاثات، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، رغم التحديات المحيطة بها على رأسها التكلفة والكفاءة الفنية والجدوى التجارية.
وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الإجمالية لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله المستهدفة في أوروبا، قد تصل إلى 520 مليار يورو (568 مليار دولار)، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ويعتمد حساب التكلفة على متوسط الإنفاق لجميع جوانب احتجاز ونقل وتخزين كل طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون داخل مختلف قطاعات الصناعات على مدار 20 عامًا هي مدة عمر المشروع.
ومن المحتمل أن تعوّض الحوافز المالية، وتحديدًا المدفوعات المخفضة في نظام تداول الانبعاثات، نسبة 73%، ما يقدر بـ390 مليار يورو (426 مليار دولار)، من نفقات مشروعات احتجاز الكربون في أوروبا.
ونظرًا إلى عدم كفاية الحوافز الاقتصادية لتنفيذ تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه بالكامل في أوروبا، قد تعتمد الجهات الصناعية المسببة للانبعاثات على إعانات الحكومة لتمويل مساهماتها في هذه المشروعات؛ ما قد يمثل عبئًا على دافعي الضرائب يصل إلى 140 مليار يورو (153 مليار دولار).
تحديات مشروعات احتجاز الكربون في أوروبا
يواجه العديد من مشروعات احتجاز الكربون في أوروبا المقترحة -حاليًا- تحديات مالية كبيرة؛ ما يجعلها غير مجدية للتنفيذ التجاري في هذه المرحلة.
وعلاوة على ذلك، فإن النفقات التي تنطوي على هذه المبادرات كبيرة؛ فعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط نفقات احتجاز الكربون ونقله وتخزينه في مختلف المشروعات في أوروبا نحو 198 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون المحتجز.
وتمثل التكلفة، ما يقرب من ضعف سعر الكربون المتوقع البالغ 105 دولارات للطن الواحد على مدار العقد بأكمله، بحسب تقرير حديث صادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
وبسبب ارتفاع النفقات، تفتقر الشركات إلى الدافع لإزالة الكربون دون دعم حكومي كبير؛ حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار الكربون في الاتحاد الأوروبي 95 يورو (103 دولارات) في المدة من 2021 إلى 2030، ما يقل بدرجة كبيرة عن متوسط تكاليف احتجاز الكربون وتخزينه في جميع الصناعات.
مستهدفات احتجاز الكربون في أوروبا
في فبراير/شباط 2024، كشفت المفوضية الأوروبية عن إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لإدارة الكربون الناجم عن العمليات الصناعية، والتي تتضمن هدفًا طموحًا لالتقاط 450 مليون طن من الكربون سنويًا بحلول 2050، ما يمثل 13% من انبعاثات الكتلة المسجلة في 2022.
في المقابل، تسعى المملكة المتحدة إلى تحقيق أهداف أقوى؛ فبحسب موازنة الكربون السادسة للجنة تغير المناخ، تستهدف البلاد التقاط 104 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول 2050، ما يمثل 24% من انبعاثاتها في 2022.
وفي حين أن كلًا من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة قد حددا أهدافًا كبيرة طويلة الأجل، فمن المتوقع أن تتزايد تدريجيًا على مدى السنوات الـ25 المقبلة، بدءًا من هدف مشترك يتمثل في التقاط 72 مليون طن من الكربون بحلول 2030.
نمو في قدرة احتجاز الكربون
شهدت مشروعات احتجاز الكربون في أوروبا وتخزينه واستعماله نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة؛ إذ تضاعفت المشروعات المعلنة 20 مرة منذ 2016.
في الوقت الحالي، هناك نحو 200 مشروع محتمل في دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية والمملكة المتحدة، تهدف مجتمعة إلى التقاط 156 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
ولتحقيق مستهدف الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بحلول 2030، يجب المضي قدمًا في أكثر من 90 مشروعًا آخر خلال السنوات الـ6 المقبلة.
تقنية احتجاز الكربون في أوروبا لا تزال ناشئة
على الرغم من أن الاعتماد على احتجاز الكربون في أوروبا كبير، لتحقيق الأهداف المناخية؛ فإنها لا تزال تقنية ناشئة من حيث تطبيقها العملي لخفض الانبعاثات.
على الصعيد العالمي، يُجرى التقاط 50 مليون طن فقط من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ويستضيف أوروبا 5 مشروعات عاملة فقط لاحتجاز الكربون وتخزينه، تلتقط مجتمعة 2.7 مليون طن فقط سنويًا.
وتأتي 1.7 مليون طن -أو 63% من إجمالي احتجاز الكربون في أوروبا من هذه المشروعات- من معالجة الغاز الطبيعي في النرويج، وهي خارج الاتحاد الأوروبي.
وداخل دول الاتحاد الأوروبي، تسفر جهود احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله عن التقاط مليون طن من الكربون من 3 مشروعات، بما في ذلك مصفاة في هولندا ومشروعان أصغر في بلجيكا والمجر تمثلان معًا 300 ألف طن.
وسيحتاج الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى زيادة سعة مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، بمقدار 1.5 مرة من القدرة العالمية الحالية، لتحقيق المستهدف من تقنيات احتجاز الكربون بحلول 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..