استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو "حق النقض" في مجلس الأمن الدولي، أمس، ضد مشروع قرار مقدم من أعضاء المجلس العشرة المنتخبين، يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة يحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
وحصل مشروع القرار على تأييد 14 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، لكنه لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة -الدولة دائمة العضوية بالمجلس- "الفيتو".
ويؤكد مشروع القرار المطالبة بامتثال الأطراف للالتزامات الواقعة على كاهلها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالأشخاص الذين تحتجزهم، وبتمكين السكان المدنيين في قطاع غزة من الحصول فورا على الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
وفي هذا السياق، استخدمت الولايات المتحدة "الفيتو" بشأن مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، حيث أكد روبرت وود، نائب الممثلة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أن مجلس الأمن دعا في السابق إلى إنهاء الحرب بشكل دائم مع إطلاق سراح الرهائن، "وهذان الهدفان العاجلان مرتبطان بشكل لا ينفصل. وتخلى هذا القرار عن هذه الضرورة، ولهذا السبب لم تستطع الولايات المتحدة أن تدعمه".
بدوره، أكد عمار بن جامع، الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، أن اليوم هو "يوم حزين" للمجتمع الدولي بأكمله، حيث فشل المجلس في اعتماد مشروع قرار كان ينبغي أن يكون "الحد الأدنى" الذي يوحده، وأن يخدم "فقط لكسر صمته المطبق" بعد خمسة أشهر من اعتماد القرار 2735.
وقال: إن الدعوات لوقف إطلاق النار جاءت من كل أرجاء العالم، "لكن شيئا لم يوقف آلة القتل الإسرائيلية". وأضاف: "رسالة اليوم واضحة إلى قوة الاحتلال الإسرائيلية، أولا، يمكنكم الاستمرار في الإبادة الجماعية. يمكنكم الاستمرار في عقابكم الجماعي للشعب الفلسطيني مع إفلات تام من العقاب في هذه القاعة، فأنتم تتمتعون بالحصانة. وإلى الشعب الفلسطيني، رسالة واضحة أخرى، في حين تقف الغالبية العظمى من العالم متضامنة مع محنتكم، من المؤسف أن الآخرين لا يزالون غير مبالين بمعاناتكم".
وقال إن غزة "التي كانت تُعرف ذات يوم بأنها مدينة الأطفال، أصبحت بشكل مأساوي مدينة للأيتام"، وأشار إلى مقتل ما لا يقل عن 326 عامل إغاثة، وهو "أعلى رقم مسجل على الإطلاق في التاريخ"، وأكثر من ألف عامل صحي. كما أكد أن إسرائيل "قتلت عددا من الصحفيين في عام واحد يفوق عدد الذين فقدوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام مجتمعين". وتساءل: "أين أولئك الذين يزعمون أنهم مدافعون عن حقوق الإنسان وحرية التعبير؟ لماذا يصمتون في مواجهة مثل هذه الفظائع؟".
وأضاف: إن هذا الفشل ستكون له "عواقب مدمرة على النظام الدولي"، إلا أنه شدد على أن الجهود للمطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة ستستمر حتى يتخذ المجلس إجراءات حاسمة، "وهذه المرة بلغة أكثر حزما، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
من ناحيته، قال فاسيلي نيبينزيا السفير الروسي لدى الأمم المتحدة: إن المجلس كان بوسعه المطالبة اليوم بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ومستدام في غزة، فضلا عن إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور وبلا شروط.
وأضاف: "من غير المعقول أن تقف الولايات المتحدة في طريق المطالبة بمثل هذه الإجراءات اللازمة لإنقاذ الأرواح في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم".
وأوضح أنه "لو تم تمرير مشروع القرار، لكان بوسعنا أن نطالب إسرائيل بإنهاء هجماتها القاتلة في غزة والضفة الغربية، وكبح جماح عدوانها المستمر على لبنان وسوريا، ولكان بوسعنا أن نرسل إشارة واضحة للغاية إلى الأطراف لإنهاء العنف، والانتقال إلى التسوية السياسية والدبلوماسية للقضية الفلسطينية".
وفي السياق، أكد ماجد بامية نائب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة على أن "الاعتداء الإسرائيلي الشامل" على الشعب الفلسطيني "يتعلق بكل شيء باستثناء الرهائن، كما هو واضح لأسرهم". وقال بامية إن وقف إطلاق النار لن يحل كل شيء، "لكنه الخطوة الأولى نحو حل أي شيء".
وشدد على أن حقيقة أن أولئك الذين يتم قتلهم وتهجيرهم وتعذيبهم هم فلسطينيون، لا ينبغي أن تجعل الأمر "أقل صدمة أو فظاعة"، وقال: "ربما بالنسبة للبعض لدينا الجنسية الخطأ، والعقيدة الخطأ، ولون البشرة الخطأ، لكننا بشر، ويجب أن نعامل على هذا النحو".
وقال المندوب الفلسطيني: إن "أهداف إسرائيل في تدمير الأمة الفلسطينية" ليست مخفية، إلا أن الأدوات المصممة للرد على هذه الأعمال لا تستخدم، مؤكدا أن دور قرارات مجلس الأمن هو تغيير الواقع على الأرض، "وليس تسجيل الانتهاكات لأغراض التاريخ"، ثم السماح لها بالاستمرار.