في ظل التحولات التي يشهدها القطاع الصحي، الذي تراهن الحكومة على إصلاحه في إطار تنزيل مشروع الدولة الاجتماعية، لا يبدو أن هذه “الإصلاحات” تلقى قبولاً واسعاً لدى فئة الممرضين وطلبة وخريجي معاهد المهن التمريضية وتقنيات الصحة، الذين توحدوا في تنسيقية واحدة ونفذوا، اليوم السبت، “إنزالاً وطنياً” أمام مقر البرلمان، بهدف رفع مطالبهم وإسماع صوتهم الرافض لخوصصة القطاع والمسّ بالمكتسبات التي حققتها الشغيلة الصحية.
وجدد عشرات الممرضين والطلبة والخريجين، خلال هذه الوقفة الاحتجاجية في الرباط، رفضهم سحب صفة الموظف العمومي عن الممرضين، وضرب مبدأ مركزية الأجور عبر تنزيل مشروع المجموعات الصحية الترابية؛ كما طالبوا بالعدالة الأجرية، وبضرورة توفير المناصب الكافية لخريجي معاهد التكوين الصحي، والإسراع في صرف التعويضات عن التداريب الاستشفائية لصالح طلبة هذه المعاهد، موجهين انتقادات حادة للحكومة بسبب “سياستها الترقيعية” في قطاع الصحة، من خلال الشعارات والهتافات التي رفعوها، مثل: “المماطلة واللامسؤولية أساس فشل المنظومة الصحية”، و”لا للتعاقد والخوصصة”، و”بالوحدة والصمود، الحقوق ستعود”، و”نرفع شارة الزيرو، الحكومة هاهيا، والوزارة تا هيا”.
في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أكد حمزة منصوري، المنسق الوطني للتنسيقية الوطنية لطلبة وخريجي وممرضي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، أن “هذا الإنزال الوطني أمام البرلمان جاء تنفيذا لمخرجات الاجتماع المنعقد بمدينة القنيطرة يوم 27 أكتوبر الماضي، ويهدف إلى إسماع صوتنا ورفع مجموعة من المطالب التي تهم الأضلاع الثلاثة للتنسيقية: الطلبة، الخريجون، والممرضون”.
وفي ما يخص مطالب الممرضين أوضح المتحدث أن “التنسيقية ترفض رفضا قاطعا المساس بمكتسبات الوظيفة العمومية من خلال نقل موظفي الصحة حاليا إلى المجموعات الصحية الترابية، ما سيؤثر على مركزية الأجور والمناصب المالية المخصصة لهذه الفئة”، مشيرا إلى أن “صحة المواطن المغربي أصبحت اليوم رهينة لسياسة الدولة الرامية إلى بيع المستشفيات وخوصصة القطاع”.
وبالنسبة لمطالب الخريجين أضاف منصوري أن “التنسيقية الوطنية لطلبة وخريجي وممرضي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة تستنكر الشح الكبير في المناصب المالية بقطاع الصحة المخصصة لخريجي هذه المعاهد، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوفهم، خاصة في تخصصات بعينها مثل القبالة، الترويض، المساعدة الاجتماعية، والصحة النفسية والأسرية”، وأشار إلى أن “طلبة معاهد المهن التمريضية يطالبون بدورهم بتحسين جودة التكوين، مع الإسراع في صرف تعويضات التداريب الاستشفائية”، وزاد: “كما تجدد التنسيقية رفضها القاطع بند التعاقد الوارد في المادة التاسعة عشرة من القانون رقم 09.22 المتعلق بالوظيفة الصحية، الذي ينص على إمكانية التشغيل بموجب عقود محددة المدة، مع إمكانية ترسيم هذا التعاقد، وهو أمر مرفوض”.
من جهتها أوردت عواطف الطاهري، ممرضة متعددة التخصصات ومنسقة وطنية للتنسيقية، أن “هذا الشكل الاحتجاجي المنظم اليوم أمام البرلمان ما هو إلا بداية وإنذار للوزارة الوصية على قطاع الصحة، وعبرها للحكومة، بإمكانية تصعيد الخطوات النضالية في حال عدم الاستجابة للمطالب الأساسية والاستعجالية التي رفعت، وعلى رأسها المقتضيات الواردة في مشروع قانون المالية، التي تنقل المناصب المالية إلى المجموعات الصحية الترابية، ما يسحب صفة الموظف العمومي ويؤثر على مركزية الأجور، وهو ما يعني تهديدا للاستقرار المادي والمعنوي للممرضين”.
ونددت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، بـ”توجه الحكومة نحو خوصصة قطاع الصحة والخضوع لإملاءات البنك الدولي، باعتبار أن القطاع الصحي غير مربح، وهو ما يدفعها إلى رفع يدها عنه لتقليص كتلة الأجور وخفض ديونها على حساب الأطر الصحية”؛ كما شددت على ضرورة “استئناف صرف التعويضات عن التداريب الاستشفائية لفائدة طلبة معاهد المهن التمريضية، التي توقفت بدون مبرر رغم هزالتها”.
كما أعربت الطاهري عن استيائها من “الوضعية الكارثية لطبيعة التكوين داخل هذه المعاهد، بسبب الاكتظاظ وضعف البنيات التحتية والنقص الكبير في الأساتذة”، وأكدت أن “التنسيقية ستستمر في برنامجها النضالي، وستصعد احتجاجاتها في حال عدم التجاوب مع مطالب الممرضين وطلبة وخريجي معاهد المهن التمريضية وتقنيات الصحة، بما في ذلك الدخول في إضرابات مفتوحة عن العمل”.
" frameborder="0">