مضى على انطلاق الليغا ثلاثة أشهر حتى الآن، وهي فترة كافية للحكم المبدئي على الصفقات التي أجرتها الأندية الإسبانية في الميركاتو الصيفي الذي كان أتلتيكو مدريد هو الفريق الأكثر نشاطًا فيه بإجرائه لصفقات ضخمة، كما استقدم ريال سوسيداد المغربي نايف أكرد.
واحدة من تلك الصفقات كانت تلك التي دفع فيها نادي العاصمة الإسبانية 34.5 مليون يورو لضم مدافع ريال سوسييداد روبين لو نورماند الذي قدم موسمًا ماضيًا رائعًا توجه بأداء ممتاز رفقة منتخب إسبانيا ليتوج بلقب يورو 2024.
سوسيداد وجد نفسه مُطالبًا بإجراء صفقة عاجلة للمحافظة على مستوى دفاعه الذي كان ثالث أقوى دفاع في الليغا الموسم الماضي بعد ريال مدريد وأتلتيك بلباو؛ إذ تلقى 39 هدفًا في 38 مباراة مع عدم إغفال الدور الهام لحارسه أليكس ريميرو الذي قدم موسمًا لافتًا جدًا.
التقطت أعين الفريق الباسكي مدافع وست هام نايف أكرد ليقوم النادي في اليوم قبل الأخير للانتقالات باستعارته من ناديه الإنجليزي لموسم واحدٍ حجز فيه المدافع الدولي المغربي مكانه سريعًا في التشكيلة الأساسية ولم يغب منذ انضمامه عن أي مباراة عقب انتظامه في التدريبات أثناء التوقف الدولي في بداية سبتمبر ثم لم يخرج أبدًا من الـ11 البادئين لأي مباراة في الليغا.
نايف أكرد ضد عمالقة الليغا
لم يستغرق أسد الأطلس طويلًا لينخرط في فريقه ويواجه عمالقة الدوري الإسباني، ففي تلك المباريات الحادية عشرة كان على نايف أكرد أن يواجه ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وبرشلونة ناهيك عن عدة زيارات صعبة إلى مايوركا وبلد الوليد وجيرونا وإشبيلية.
سوسيداد تلقت شباكه ثلاثة أهداف فقط أمام الثلاثي الكبير منهما ركلتا جزاء لريال مدريد وآخرهما هدف في الدقيقة الأولى كان نايف أكرد من أخره لثوانٍ قليلة بعدما أغلق الزاوية على أنتوان غرييزمان الذي تسلل خلف زميله زوبيلديا لكن المهاجم الفرنسي الخبير أعاد الكرة إلى جوليان ألفاريز دون رقابة ليسجل هدف التقدم.
كان أكرد يقدم مستوى جيدًا جدًا أمام الفرق الثلاثة ليس فقط على مستوى عدة تدخلات دفاعية مؤثرة خاصة في مباراة برشلونة بل كان قريبًا في أكثر من لقطة من التسجيل في مرمى ريال مدريد وأتلتيكو مدريد بفضل تأثيره في الكرات الثابتة لفريقه.
براعة نايف أكرد لم تقتصر على قدراته الدفاعية أو مساهماته في الركلات الثابتة، بل ظهر هادئًا وواثقًا من نفسه إلى حدٍ كبير أثناء عملية الخروج بالكرة ومنح فريقه حلولًا جيدة للصعود بالهجمة بفضل عقل يعرف ماذا يفعل وقدم يسرى دقيقة تجيد ما تفعله.
أكرد ضد لو نورماند
ثقة الدولي المغربي جاءت رغم أنه حل بديلًا لروبين لو نورماند الذي كان المدافع الإسباني الأفضل وواحد من أفضل مدافعي الليغا في الموسم الماضي، وعندما يكون عليك أن تسد مثل هذا الفراغ فإن الضغط يصير أعلى.
لكن نايف أكرد فاق التوقعات حتى الآن، فرغم قوة سابقه إلا أن الأرقام تشير ليس فقط إلى تعويض مدافع الفتح الرباطي الأسبق لهذا الفراغ بل إلى تفوق أكرد في بعض الأرقام على أرقام لو نورماند في الموسم الماضي.
فعلى صعيد الخروج بالكرة، يقوم أكرد بحمل الكرة لنصف ملعب المنافس في 1.03 مرة في المباراة الواحدة مقابل 0.77 لنورماند. والحديث هنا ليس عن كل تحرك بالكرة للأمام بل عن تحرك لا يقل عن 10 ياردات من آخر نقطة وصلت إليها آخر 6 تمريرات.
بينما يتفوق لو نورماند في عدد التمريرات التطويرية لنصف ملعب المنافس في المباراة الواحدة بواقع 3.87 تمريرة مقابل 3.22 تمريرة لأكرد مع ملاحظة أن تلك التمريرات ليست كل التمريرات الأمامية المؤثرة بل الخاصة جدًا التي يوصل بها اللاعب الكرة إلى نقطة لا تقل عن 10 ياردات عن آخر نقطة وصلت إليها آخر 6 تمريرات.
أما عن الجوانب الدفاعية فإن نايف أكرد يتفوق في عدة مناحي، إذ إنه يقوم بـ1.38 عرقلة مشروعة مقابل 1.13 للو نورماند بالإضافة لتفوقه في أي توزيعة لتلك التدخلات المشروعة في أي ثلث من الملعب، فيما يتفوق لو نورماند بفارق ضئيل يكاد لا يُذكر في عدد التسديدات والتمريرات التي تصدى لها، وكذلك في إفشاله لمحاولات مراوغته بواقع 0.62 مراوغة في المباراة الواحدة مقابل 0.46 لأكرد، وأخيرًا في الالتحامات الهوائية التي يكسب 64.7% منها مقابل 60.6% لأكرد.
نايف أكرد أفضل صفقة تعويضية في الليغا
تلك الأرقام السابقة توضح كيف أن المدافع الأعسر نجح في سد الفراغ ببراعة، ولا نبالغ إن قلنا إنه أفضل صفقة تعويضية للاعب في الليغا، إذ يمكنك ملاحظة أداء أليكساندر سورلوث وجوليان ألفاريز المتذبذب حتى الآن وهما اللذان جاءا لتعويض رحيل ألفارو موراتا.
كما أن جيرونا حاول إيجاد بدلاء لرحيل أرتيم دوفبيك وسافينيو عن صفوف فريقه فانتهى به الأمر إلى محاولات خجولة من بريان خيل وأبيل رويز لتعويض الثنائي دون اقتراب حتى من مستواهم إلى الآن.
وفي الوقت الذي لم يأتِ ريال مدريد بمعوض لكروس ويلاقي كيليان مبابي انتقادات رغم عدم كونه صفقة تعويضية، كانت حلول برشلونة كلها من داخل الفريق وليس عن طريق صفقات تعويضية، ولم تهدف صفقته الكبرى الوحيدة متمثلة في أولمو إلى تعويض أحدهم.
اثنان فقط يمكنهما منافسة نايف أكرد في كونهما أفضل معوضين، أولهما هو جناح فياريال نيكولاس بيبي لكن واقع الأمر يقول إنه لم يأتِ تعويضًا مباشرة لمركز كان يعاني فيه فياريال من إيجاد لاعب ثابت به لكنه يُعد إضافة هائلة للغواصات بمستواه المميز حتى الآن، وثانيهما هو ظهير مايوركا الأيسر يوهان موهيكا الذي يقدم مستوى رائعا في الليغا حتى الآن حاله كحال فريقه رغم تراجعه مؤخرًا، لكن موهيكا كذلك لم يأتِ لتعويض لاعب ذي قيمة كبيرة في ظل تقدم خاومي كوستا في العمر وتذبذب مستوى توني لاتو.
لذلك يبدو أكرد اللاعب الأنسب لهذا الوصف، فلا أحد من كل هؤلاء جاء ليعوض لاعبًا بحجم لو نورماند.
أكرد ضد مدافعي الليغا
وبينما قد يتبادر لذهنك أن نايف أكرد يتفوق على متوسط أداء لو نورماند في الموسم السابق ما يجعله أفضل معوض لكنه ما يزال بعيدًا عن كبار الليغا، لكن الواقع يقول إن مستوى الدولي المغربي وضعه في مكانة مميزة جدًا مقارنة بمدافعي الليغا في الموسم الحالي.
فبمقارنة بين أبرز مدافعي الليغا من أبرز 3 فرق وهم إنييغو مارتينيز من برشلونة وأنتونيو روديغير من ريال مدريد ولو نورماند من أتلتيكو مدريد، فإن نايف أكرد ما يزال يمتلك أرقامًا جيدة.
فعلى صعيد حمل الكرة لملعب المنافس بنفس ما شرحناه سابقًا، فإن أكرد بـ 1.03 مرة في المباراة الواحدة يحتل الترتيب الثاني خلف إنييغو مارتينيز الذي يقوم بالأمر في 1.86 مرة وأمام أنتونيو روديغير صاحب الـ 0.81 وروبين لو نورماند صاحب الـ 0.57 مرة.
أما بخصوص التمريرات التطويرية بنفس الشرح فإن إنييغو مارتينيز يتفوق بـ 7.63 تمريرة يليه لو نورماند بـ4 تمريرات وروديغير بـ3.96 تمريرة وأخيرًا أكرد بـ3.22 تمريرة مع عدم إغفال فارق القوة بين سوسيداد والبقية على المستوى الهجومي؛ فالفريق الباسكي يمتلك سجلًا تهديفيًا متواضعًا جدًا عكس ما يتخيل البعض الذين ربما خُدعوا بمستوى الفريق الهجومي المبهر أمام الريال والبرسا، إذ سجلوا 11 هدفًا حتى الآن في 10 مباريات مقابل 40 لبرشلونة و25 لريال مدريد و19 لأتلتيكو مدريد.
على الصعيد الدفاعي يدخل المغربي بقوة في المنافسة؛ إذ يحتل المركز الثاني في التدخلات المشروعة بـ 1.38 مرة خلف لو نورماند صاحب الـ 1.57 مرة وأمام إنييغو مارتينيز صاحب الـ 1.02 تدخل وروديغير بـ0.72، علمًا بأن أكرد هو الأول في التدخلات الدفاعية في ثلث الملعب الأوسط.
في المحصلة يحتل نايف أكرد المركز الأول في مجموع التدخلات المشروعة + قطع التمريرات بـ 2.18 مرة أمام لو نورماند بـ1.86 مرة ومارتينيز بـ1.61 وروديغير بـ1.08 كما أن أسد الأطلس هو الأول في عدد التشتيتات في المباراة الواحدة بـ4.25 مرة مقابل 3.6 لروديغير و3.57 للو نورماند و3.22 لمارتينيز.
أما في الالتحامات الهوائية فإن إنييغو مارتينيز هو أكثر من يكسبها بـ 67.5% منها مقابل 61.1% للو نورماند و60.6% لأكرد وأخيرًا يأتي روديغير بـ59.3% في مفاجأة تفصح عن تراجع مستوى مدافع ريال مدريد مقارنة بمستواه الباهر الموسم الماضي.
ضيف ثقيل!
كل هذه المقارنات سواء تفوق فيها نايف أكرد أو تأخر فيها بفروق ضئيلة تؤكد أنه بات واحدًا من أفضل مدافعي الليغا هذا الموسم حتى الآن، وإن جاز لنا الاختيار، فإنه يمكن وصفه بثاني أفضل مدافع في الليغا حتى الآن بعد إنييغو مارتينيز ليؤكد نجاح صفقة انضمامه إلى ريال سوسيداد الذي من المؤكد أنه سيسعى بكل قوة لضمه بصفة نهائية ما لم يقرر أحد عمالقة الليغا أن بإمكانه إغراء ابن المغرب بضمه، لكن في كل الأحوال فإن أكرد جاء ليكون ضيفًا ثقيلًا جدًا على مهاجمي الليغا هذا الموسم.