في ظل تزايد حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، شهدت الأيام الماضية تطورات متسارعة على المستويين المحلي والدولي، حيث تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في شمال القطاع، بينما تستعد الأمم المتحدة لمناقشة المخاوف المتزايدة بشأن احتمال حدوث مجاعة في شمال غزة. وتأتي هذه التطورات وسط تقارير عن صعوبة وصول المساعدات الإنسانية واستمرار النزوح القسري للسكان، في حين تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات إضافية تعكس توجهًا لتصعيد الوضع في الأراضي الفلسطينية.
إسرائيل توسع العمليات العسكرية في غزة وتدفع السكان للنزوح القسري
تواصل القوات الإسرائيلية حملتها العسكرية في شمال قطاع غزة، حيث بدأت بتوسيع نطاق عملياتها نحو بيت حانون. وقد أصدرت تعليمات للنازحين في مراكز الإيواء والمدنيين القاطنين في المنطقة بضرورة التوجه جنوبًا عبر شارع صلاح الدين، وسط استخدام التهديدات والعنف في بعض الحالات لإجبارهم على المغادرة. وفقًا لمصادر فلسطينية محلية، فقد تعرض المدنيون لنيران القوات الإسرائيلية أثناء نزوحهم القسري، ما أدى إلى تفاقم معاناتهم في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء ومستلزمات الإيواء.
وأفادت تقارير من وسائل إعلام إسرائيلية بتصاعد عمليات استهداف الجنود الإسرائيليين من قبل المقاومة الفلسطينية، حيث قُتل عدد من الجنود في هجمات بصواريخ مضادة للدروع، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في غزة ويثير تساؤلات حول قدرة القوات الإسرائيلية على الحفاظ على سيطرتها في المنطقة.
تحركات دولية لاحتواء الأزمة والمخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية
على الصعيد الدولي، دعت سويسرا وغينيا وسلوفينيا والجزائر إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة. يأتي هذا الاجتماع في وقت صرحت فيه الأمم المتحدة بأن 85% من قوافل المساعدات إلى شمال غزة قد تم عرقلتها أو رفضها من قبل إسرائيل، ما يفاقم أزمة الغذاء والدواء للنازحين والمقيمين في القطاع.
وأفادت صحيفة هآرتس بأن دولًا غربية عبّرت عن قلقها من عدم كفاية حجم المساعدات التي دخلت إلى غزة، محذرة من أن ذلك قد لا يفي بمتطلبات الإدارة الأمريكية وحكومات أخرى كانت قد طالبت بضرورة إيصال مساعدات عاجلة للقطاع.
رؤية أمريكية جديدة: بعثة دولية مؤقتة لإدارة قطاع غزة
في تطور دبلوماسي جديد، أفادت تقارير بأن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، قدمت إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقترحًا غير رسمي لتشكيل "بعثة دولية مؤقتة" لإدارة غزة بدعم دولي وإشراف السلطة الفلسطينية، وذلك ضمن مبادرة أمريكية تهدف إلى تخفيف الوضع الإنساني في القطاع.
ويتضمن المقترح بنودًا تهدف إلى تعزيز سلطة الحكومة الفلسطينية وتدريب قوات أمنية جديدة غير تابعة لحركة حماس، بجانب إشراف دولي على الحدود وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. إلا أن بعض الأطراف الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ما زالت تدفع باتجاه فرض "سيادة إسرائيلية" على الضفة الغربية بحلول عام 2025، مما يضع العراقيل أمام أية جهود دبلوماسية لتحقيق السلام والاستقرار.
مصر تندد بالتصريحات الإسرائيلية المتطرفة
في إطار ردود الفعل العربية، أدانت وزارة الخارجية المصرية تصريحات سموتريتش، ووصفتها بأنها تعكس رفض إسرائيل لخيار السلام، محذرة من أن هذه التصريحات تؤجج العنف والتطرف في المنطقة. وجددت القاهرة رفضها للتوجهات الإسرائيلية التي تتعارض مع مساعي تحقيق السلام.
تظل الأوضاع في غزة محط اهتمام عالمي مع ازدياد المخاوف من اتساع نطاق الأزمة الإنسانية، بينما يستمر النزاع على الأرض بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية.