أخبار عاجلة

دلالات توافد وزراء خارجية دول الساحل الإفريقي إلى القاهرة

دلالات توافد وزراء خارجية دول الساحل الإفريقي إلى القاهرة
دلالات توافد وزراء خارجية دول الساحل الإفريقي إلى القاهرة

 

شهدت القاهرة الأيام القليلة الماضية زيارة لوزير خارجية دولة النيجر ، بعدها بعدة أيام إستقبل وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى وزير خارجية دولة بوركينا فاسو ، و قد شملت زيارة الوزير الإفريقي زيارة إلى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ، و لا يمكن فصل الزيارتان ليس فقط للفارق الزمنى الضئيل بينهما و الذى يعكس متانة التنسيق الدبلوماسي بين حكومات دول الساحل الإفريقي بعد التغيرات السياسية الكبرى التى شهدتها تلك الدول فى الأعوام السابقة ، و التى إستهدفت جميعها الهروب من الوصاية الفرنسية التى لم تنتهى بإنتهاء الإستعمار الظاهرى لهذه الدول ، و التى تم رسم حدودها الجغرافية بناء على الموارد الطبيعية التى تمتلكها كل دولة دون إعتبار التركيب السكانى لهذه الدول و الذى كان سبباً فى العديد من الصراعات القبلية فى المناطق الحدودية و المعروفة فى الأدبيات السياسية بالحدود الهشة ، و التى يصعب التحكم بها و مراقبتها ، بالإضافة إلى هشاشة إقتصادات ما بعد الإستعمار الأمر الذى جعل حكومات هذه الدول تمارس ــ نظرياً ــ السيادة على أراضيها ، ما جعلها ساحة للإرهاب و الجريمة المنظمة العابرة للحدود بالإضافة إلى الجماعات الإنفصالية ومنها الطوارق .

و ترجع أهمية هذه المنطقة كونها الممر الجغرافى بين شمال و جنوب القارة الإفريقية و بين شرقها و غربها الأمر الذى جعل لهذه المنطقة أهمية جيوسياسية ،  و قد زاد من ضعف هذه الدول التحولات السياسية الناتجة عن ظهور لاعبين جدد تزامناُ مع نهاية الإمبراطورية الفرنسية . 

يتضح مما سبق أن الإرهاب وجد فى هذه المنطقة الأرض الخصبة لإعادة البناء و الإنتشار بعد الضربات التى تلقاها فى العديد من مناطق العالم و يعزز هذا التصور النسخة الحادية عشرة من مؤشر الإرهاب العالمى لعام 2024 ، حيث ذكر أن مركز الإرهاب إنتقل من الشرق الأوسط إلى منطقة الساحل الإفريقي ، و أن هناك أكثر من 4000 حالة وفاة بسبب الإرهاب عام 2023 ، وهو ما يمثل أكثر من 47% من إجمالى ضحايا الإرهاب فى العالم ، و أن بوركينا فاسو تحتل المرتبة الأولى فى العالم ، و النيجر إحتلت المرتبة الثامنة بعد أن كان ينظر إليها إنها أكثر دول المنطقة إستقراراً .

و بعد إستعراض للوضع السياسي و الأمنى لهذه الدول سنجد أن أحد أهم دوافع  تدافع حكومات هذه الدول صوب مصر يرجع إلى خبرة مصر الكبيرة فى إستأصال الإرهاب و الذى كان أحد أهم أسلحة القوى المتربصة بالدولة المصرية لإستقاطها ، بالإضافة إلى ملامح سياسة مصر الخارجية المعلنة و التى تعتمد توطيد علاقتها بدول القارة الإفريقية من جميع النواحى الإقتصادية و الثقافية و التاريخية بإعتبارها عمقاً إستراتيجياً لمصر ، مع العمل على التضامن مع الشعوب الإفريقية كافة لتحقيق التنمية المستدامة المفقودة منذ عقود ، و تفعيل الشراكة المتعددة الأطراف فى ظل الحرص المصرى على تطبيق مبدأ " الإتزان الإستراتيجى" فى إدراة ملفات سياستها الخارجية .

و بالعودة إلى هذا الحراك الدبلوماسي لوزراء خارجية هذه الدول إلى مصر سنجد أنه تغيير لإتجاة السياسة الخارجية لهذه الدول خاصة داخل القارة الإفريقية ، حيث طغى الحضور الجزائرى ، فكان للجزائر الفضل فى حل العديد من القضايا داخل هذه الدول ، بالإضافة إلى التواجد المغربى الذى إعتمد على المشروعات التنموية و التعاون الإقتصادى ، و إستدعاء مصر للتواجد فى هذه المنطقة لا يعنى إنه بديل الجزائر و المغرب الأقرب جغرافياً ،  ولكنه لملئ فراغ التواجد الدولى و خاصة الفرنسي الذى تولى مواجهة الإرهاب نيابة عن الدول الإفريقية ، مع إنفتاح مصر على قضايا القارة الإفريقية لتحقيق المصالح الوطنية المشتركة للجميع دون إستغلال أو إقصاء .

زين ربيع شحاتة 

باحث دكتوراة فى العلوم السياسية و الإستراتيجية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى
التالى رئيس هيئة الرعاية الصحية: إطلاق التشغيل التجريبي للنظام الإلكتروني لإدارة الموارد المؤسسية (ERP) في 18 منشأة صحية