عقدت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة ندوة صحافية بأحد فنادق الدار البيضاء، جمعت ممثلين عن المقاولات المتضررة من توقف شركة “البناؤون الشباب” لمسيرها السابق والمساهم الحالي في رأسمالها، شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، عن أداء الديون والمتأخرات المستحقة في ذمتها عن مشاريع عقارية كبرى في الدار البيضاء، حيث تجاوزت مستحقات بعض الحاضرين 8 ملايين درهم (800 مليون سنتيم).
وأوضح عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، أن هدف الندوة الصحافية، اليوم، هو تسليط الضوء على مشكل التأخر والامتناع عن الأداء، مبرزا أن هذا السلوك أصبح شائعا خلال السنوات الأخيرة، خصوصا لدى الشركات الكبرى والقابضة أو “الهولدينغ”، التي تستعمل أسلوب “كاش بولينغ” cash-pooling، من خلال تمويل مجموعة من المقاولات المتوسطة، التي بدورها تنخرط في التزامات مع مقاولات صغرى وصغيرة، حيث لا تؤدي قيمة الفواتير المستحقة بذمتها، وتعمل على امتصاص سيولتها واستغلال إمكانياتها، مما يساهم في إضعاف قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
وأضاف الفركي، في تصريح لهسبريس على هامش الندوة، أن المغرب يعرف فراغا تشريعيا كبيرا على مستوى تنظيم “كاش بولينغ” بخلاف دول أوروبية أخرى، لافتا إلى أن هذا الوضع تستغله الشركات الكبرى و”الهولدينغ”. ودعا وزيرة الاقتصاد والمالية ورئيسة المجلس الأعلى للحسابات إلى التدقيق في حسابات هذه المنشآت، التي تسببت في أضرار جسيمة وإفلاس المقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة على مدى عقود، مشيرا إلى أن الشركات الحاضرة، ضحية شركة “البناؤون الشباب”، تمثل نموذجا عن حالات كثيرة في هذا الصدد.
وأضاف أن “تحجج إدارة هذه الشركة، مثلا، بعدم قدرتها على سداد ديونها بسبب الحجوزات المتوالية عليها من قبل المقاولات الدائنة يظل غير مبرر، حيث لم تقدم أي مقاولة على تنفيذ أي حجز حتى الآن، علما أن أغلب الدائنين من صغار المقاولين لا يتوفرون على الإمكانيات الكافية لتحمل تكاليف التقاضي”.
من جهته، كشف ممثل شركة “صوماشام”، الذي تحفظ وغيره من الحاضرين في الندوة الصحافية عن كشف هوياتهم، عن تعثر شركة “البناؤون الشباب” في أداء حوالي 25 فاتورة عن مشاريع في “المدينة البيئية لزناتة”، بقيمة بلغت 4 ملايين درهم (400 مليون سنتيم)، رغم وفاء شركته بالتزاماتها فيما يخص تسليم الأشغال المتعاقد بشأنها في الآجال المحددة مسبقا، مبرزا أن مثل هذا المبلغ يعادل كتلة الأجور الخاصة بالعمال لمدة سنة كاملة، حيث يتراوح عددهم بين 40 و50 عاملا، دون إغفال العمال غير المباشرين، الذي يشتغلون بواسطة المناولة. وأشار إلى أن المبلغ المذكور كان بالإمكان استغلاله في تطوير الأنشطة والتوسع وإحداث مناصب شغل جديدة، مؤكدا أن إدارة الشركة مستعدة للعمل مع الشركة المدينة من جديد شرط أداء ما بذمتها من متأخرات، ولفت إلى أن الخلاف معها يظل تجاريا وقانونيا فقط.
وكشف مقاول متضرر، خلال الندوة ذاتها، عن تسبب توقف شركة “البناؤون الشباب” عن أداء الفواتير المستحقة لفائدة شركته في توقف نشاطها بشكل نهائي، وتسريح ما بين 50 و200 عامل كانوا يشتغلون بها، مضيفا أنه كان إطارا كبيرا في الإدارة العمومية قبل أن يتحول إلى الاستثمار في القطاع الخاص، إلا أنه فوجئ بصعوبة تحصيل ديونه من الشركات الكبرى. وقال إنه مستعد لإيجاد صيغة للتفاهم مع الشركة المدينة إلى غاية استئناف نشاطه، وتغطية المتأخرات العالقة بذمته لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والبنوك والممونين.
ووفق المعطيات المتوفرة حاليا، تجر شركة “البناؤون الشباب” وراءها مديونية ثقيلة تجاه موردين، إضافة إلى حجوزات تحفظية بقيمة 5 ملايين درهم لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومليون درهم لصالح “مصرف المغرب ليزينغ”، وكذا ديون متفرقة بقيمة 4 ملايين درهم لفائدة موردين آخرين، ناهيك عن أقساط غير مسددة تتعلق بقروض ممنوحة من قبل شركات “إيكدوم” و”صوفاك” و”المغربية للإيجار” و”فيفاليس” و”وفا باي” ومؤسسات أخرى.
يشار إلى أن شركة “البناؤون الشباب” تواجه مشاكل في الحصول على تمويلات بنكية لتغطية التزاماتها المتفاقمة تجاه الأجراء والموردين والمزودين، حيث أغلقت مجموعات بنكية أبوابها في وجه الشركة بسبب تورطها في حالات عدم الأداء incidents de paiement، خصوصا خلال فترة تسيير رئيس “الباطرونا” لها، مما يطرح تساؤلات حول إدراج رجل الأعمال في قوائم “المنع البنكي”، باعتباره مسيرا مباشرا لشركة ذات المسؤولية المحدودة SARL يوجد مقرها الاجتماعي لفاس، علما أن جميع أنشطتها متركزة بالدار البيضاء.
" frameborder="0">