خفضت الحكومة الاعتمادات السنوية المخصصة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بحوالي 60 مليون درهم، إذ انتقلت الميزانية الفرعية للهيئة برسم السنة المالية 2025 إلى 210 ملايين و178 ألف درهم كمجموع عام سنوي، بعدما وصلت إلى 269 مليون و386 ألف درهم خلال سنة 2024، وفق ما أوضحه رئيس الهيئة، محمد بشير الراشدي، اليوم الجمعة.
الراشدي وهو يقدم الميزانية الفرعية للهيئة لسنة 2025، أشار إلى أن الميزانية تندرج وفق البرمجة الميزانياتية متعددة السنوات (2025-2027)، حسب الفصول، موضحا أنها اعتمادات إجمالية موزعة بين ميزانية التسيير التي تبلغ منها نفقات الموظفين 114 مليون درهم، فيما تبلغ قيمة المعدات والنفقات المختلفة 46 مليونا و350 ألف درهم”.
أما ميزانية الاستثمار، فقد بين رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها خلال عرضه أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أنها بلغت 28 مليونا و828 ألف درهم ضمن اعتمادات الأداء و21 مليون درهم ضمن اعتمادات الالتزام.
وخلال اللقاء نفسه، جدد محمد بشير الراشدي التنبيه إلى كون الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد المعتمدة سنة 2015، والمتمحورة حول عشرة برامج، تظل “مشوبة بمجموعة من النواقص الجوهرية على مستوى الانسجام، والتقائية المحتويات، والتفعيل والإشراف بما جعل الهيئة تدعو منذ 2019 إلى إعادة هيكلة معمقة للاستراتيجية، رغم أنه تم إعدادها على أسس صلبة”.
وأوضح المسؤول أن هذه العوائق والنواقص “ظلت تتجلى في عدم احترام النهج المنهجي والتنسيق لضمان الانسجام والالتقائية والفعالية، فظلت المقاربة القطاعية طاغية”، مضيفا أن عددا كبيرا من المشاريع كانت بلا أي صلة حقيقية بصلب الأهداف وبالهيكلة العامة للاستراتيجية، فضلا عن ضعف الحكامة وغياب تفعيل آليات التنسيق وقيادة البرامج.
ولفت المتحدث في هذا السياق إلى كون الأهداف المنشودة من هذه الاستراتيجية “تبدو بعيدة المنال”، مرجعا ذلك إلى “ضعف الأثر المتوخى على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين رغم الإنجازات الأكيدة”، مبرزا “وجود إجراءات مجزأة على مستوى كل إدارة، وتغليب العمل العمودي المنعزل على مستوى كل قطاع”، فضلا عن “غياب عناصر مهمة ومؤثرة على سبيل المثال لتخليق المجال السياسي والانتخابي”.
وتحدث كذلك عن غياب أو ضعف تغطية مواضيع أساسية ومؤثرة على ظاهرة الفساد، مما أفرز فجوات في المقاربة الشاملة، بالإضافة إلى مستوى غير متجانس لدقة المشاريع، مما يؤدي إلى عدم القدرة على الانجاز وتحديد أولوياتها، زيادة على “حكامة وإسناد غير كافين، مما أثر على التنفيذ المنسق والفعال للمشاريع”، مذكرا بالتنفيذ القطاعي والمجزأ الذي لا يتوافق مع الرؤية الشمولية التي تستدعي الترابط القوي بين المشاريع.
وشدد المسؤول ذاته على ضرورة العمل المشترك لمحاربة الفساد والقضاء على انعكاساته السوسيو-اقتصادية، ومنها “الحد من القدرة على الإنتاج وخرق مبدأ الاستحقاق وتكريس التفاوتات”، و”تبديد الموارد وإعاقة التنمية، إذ تراجعنا بنقطة واحدة في مؤشر الفساد. ويجب أن نعرف أن الفساد يؤدي إلى تقهقر الإنتاجية بـ2 في المائة من الناتج الداخلي الخام”، متمسكا بأن الكلفة السنوية للفساد هي 50 مليار درهم.
وخلص المتحدث إلى أن هذه الآفة تعزز توطين الاقتصاد غير المهيكل والاختلالات المصاحبة له، وتعمل على توسيع دائرة اقتصاد الريع وتقوض الاستثمار، بالإضافة إلى تأثيرها على النمو الذي يقوده القطاع الخاص؛ فالاستثمار يمكن أن يكلف ما يناهز 20 في المائة أكثر في بلد يتفاقم فيه الفساد الذي يساهم بالضرورة، وفق الراشدي، في “قتل المبادرة الفردية والحد من الطاقات”.