مع استمرار عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة تتفاقم معاناة وآلام الفلسطينيين النازحين الفاقدين لأبنائهم، إذ ينغص عليهم الاحتلال معيشتهم، ويسلب منهم صغارهم، لتجتمع لديهم مرارة الحياة مع آلام الفقد.
وسط تلك الظروف المأساوية يطفو سؤال على سطح المعاناة والألم: «كيف يعيش الآباء بعدما يموت الأبناء؟»، سؤال صعب تجيب عليه أم قلبها محروق ومكلوم بفقد فلذة كبدها، الفلسطينية نور الهدى إياد، في منشور لها على صفحتها الخاصة على منصة «فيسبوك»، بعدما فقدت طفليها البريئين أحمد ورشا جراء غارات إسرائيلية في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
أم: المشاعر التي أشعر بها لا يمكن وصفها أبدًا
وأكدت الأم الفاقدة لأطفالها، المعلمة في مدرسة خليل النوباني الثانوية الموجودة في حي الزيتون بغزة، أنه بعد موت الأبناء قد يتراءى للجميع أن الآباء يكملون حياتهم ويتابعون أعمالهم ويقومون بواجباتهم، ولكن حياتهم تصبح بلا روح أو حياة، تتفاقم وتتزاحم الذكريات لديهم بينما تسقط الدمعات دون توقف -«على حد وصفها»-.
«هم طفلان بريئان لم يرتكبا إثمًا، يملكنا مرح الأطفال وقت اللعب، وصفات الجد والاجتهاد وقت الحاجة» هكذا وصفت طفليها أحمد ورشا الصغيرين، بينما تحاول كتابة بعض الأسطر لوصف المشاعر التي تشعر بها، إلا أنها لا توصف أبدًا.
هدى تروي أحداث يوم استشهاد طفلها
«أنا أمه أنا أمه»، هكذا صرخت الأم عندما رأت طفلها الصغير أحمد معلقًا من الطابق الثاني، ولم تستوعب شيئًا إلا عندما حمله بعض الرجال يركضون به نحو سيارة الإسعاف في غزة حيث قالت: «لم أعرفه سوى من شعره الذي يطير من نعومته».
وكانت هدى تنتظر بفارغ الصبر الوصول إلى المستشفى ليطمئنها الطبيب، رغم أن أحمد صغيرها لم يكن يتحرك من على سريره قط، ولكن للأسف لم تستوعب ما قاله الطبيب: «البقاء لله، ادعوله بالرحمة».
وتقول هدى، بعد أن اقتربت من رأس صغيرها بحرقة: «حبيبي يما.. روحك أنت يا أحمد، روح قلبي يما»، بعد أن خرجت روحه بين يديها بسلام.
أضافت هدى: «هذا كله حدث وأنا أعتقد بأن رشا ما زالت حية، وذهبت أبحث عنها على جميع الأسرة في المشفى فلم أجدها، رأيت عمها فسألته أين رشا، أجابني: ادعيلها الله يرحمها».
لم تستوعب هدى ما يحدث معها، بينما كانت تردد باستمرار: «يالله.. يالله». طلبت من الطبيب أن ترى ابنتها، ولكن قالوا لها: «خلي صورتها حلوة بعقلك».
وبعدما حملوها ببطانية هي وشقيقها أحمد ليذهبوا إلى مكان الشهداء، لم تدري هدى إلى أين تذهب، ففي كل اتجاه يذهب قطعة من روحها.
اقتربت هدى وأصرت بإلحاح على رؤية صغيرتها رشا، وبعد أن اقتربت منها، رفعت عن رأسها، ولكن مع الأسف لم تجد شيئًا، ولم تجد من طفلتها لا شيء من أعضاء وجهها سوى خدها الأيسر الذي كانت تطلب منها دائمًا أن تقبله.
وانتهت هدى بإجابة سؤالها: «مع ذلك، صورتها في عقلي هي الأجمل على الإطلاق»، متمنية أن يجمعها الله بهما غير خير في الجنة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.