أشادت الجاليات المغربية المقيمة بالخارج بمضامين خطاب الملك محمد السادس أمس الأربعاء، بمناسبة تخليد البلاد الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، حيث خصص حيزا كبيرا منه لقضايا مغاربة العالم، موجها الحكومة إلى إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية، خاصة مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي دعا إلى الإسراع في إخراج إطاره القانوني الجديد.
في السياق ذاته، أشار ملك البلاد، في خطابه، إلى التوجه نحو إحداث “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج” التي ستُعنى بتنسيق وإعداد الاستراتيجيات الوطنية الموجهة لفائدة الجالية في إطار هذا التحول الجديد في تدبير شؤون قضايا الجاليات بالخارج، معربا في الوقت ذاته عن انتظاره من هذه المؤسسة، عبر القطاعات الوزارية المعنية ومختلف الفاعلين، إعطاء دفعة قوية للتأطير الثقافي واللغوي والديني لمغاربة العالم على اختلاف أجيالهم.
وفي هذا الإطار، قال يحيى الوطواط، مغربي مقيم بإيطاليا وعضو المجلس الاستشاري الترابي للهجرة بمقاطعة ميلانو، إن “خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء هو خطاب قوي يحمل رسائل واضحة لمن يهمه الأمر، ويؤكد على تعلق كل المواطنين المغاربة، سواء في الداخل أو الخارج، بمقدسات الوطن ودفاعهم المستميت عن سيادته ووحدة أراضيه”.
وأكد المصرح لهسبريس أن “الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا تشيد بالاهتمام الذي يوليه ملك البلاد لقضايا الجالية، وليست هذه هي المرة الأولى، إذ كانت الجاليات دائما في صلب اهتمامات جلالته”، مضيفا: “استقبلنا بارتياح كبير توجيهات الملك بشأن إعادة هيكلة مجلس الجالية المقيمة بالخارج؛ وهو مطلب طالما نادت به فعاليات المجتمع المدني وأفراد الجالية في إيطاليا في أكثر من مناسبة”.
وتابع: “نسجل كذلك ارتياحنا لقرار إحداث المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج، وهي مبادرة تعكس النظرة المتقدمة لصاحب الجلالة؛ ذلك أنه بالموازاة مع التطور الحاصل في عدد من الميادين، كان لا بد من مواكبة هذا التطور من خلال إحداث مؤسسة تستجيب لمتطلبات الجالية، والتي من خلالها سيتم فتح آفاق وإعداد استراتيجيات لاستثمار العنصر البشري والاستفادة من التجارب التي راكمها مغاربة العالم في عدد من المجالات”.
قاسم أشهبون، مغربي مقيم بهولندا، قال: “كواحد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، تلقيت خطاب الملك محمد السادس حفظه الله، بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، بترحيب كبير وتقدير بالغ؛ فقد جسّد هذا الخطاب الاهتمام المعهود والحرص المستمر من جلالته على العناية بمصالح مغاربة العالم وتطوير آليات دعمهم على جميع الأصعدة”.
وأضاف متحدثا لهسبريس: “لقد سبق لجلالته أن دعا الحكومة والأطراف المعنية بملف مغاربة العالم إلى ضرورة وضع الإطار التنظيمي لمجلس الجالية المغربية؛ ولكنه في هذا الخطاب يدعو هذه الأطراف وبكل حزم وبما لا يدع مجالا للتسويف أو التأخير إلى تسريع إخراج القانون الجديد للمجلس، في أفق تنصيبه في أقرب الآجال”، مشيرا إلى أن “فعاليات المجتمع المدني لمغاربة العالم عبرت، في عديد المناسبات، عن ضرورة توحيد الصلاحيات المتعلقة بالجالية المغربية المتفرقة حاليا بين عدد كبير من المتدخلين (وزارة الخارجية، مؤسسة الحسن الثاني، وزارة التعليم، وزارة الداخلية، وزارة الأوقاف) لدى جهة واحدة”.
وخلص المغربي المقيم بهولندا إلى أن “هذه المبادرة يمكن اعتبارها واحدة من بين أهم المحطات في تاريخ الهجرة المغربية الحديثة، حيث ستعمل على تقديم خدمات متكاملة ومنسقة تلبي احتياجات المغاربة في الخارج بفاعلية أكبر”.
من جهته، قال حسن حماني، مغربي مقيم بتونس ورئيس جمعية للتضامن للجالية المغربية بتونس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “مغاربة تونس تلقوا بكثير من الامتنان خطاب جلالة الملك محمد السادس الذي نشكره على اهتمامه وعنايته المولوية بقضايا مغاربة العالم من خلال توجيهه لإعادة تحيين وهيكلة عمل المؤسسات الوطنية التي تهتم بقضايا الجاليات في الخارج”.
وسجل المغربي المقيم بتونس أن “هذا التحول المرتقب في آليات ومؤسسات تدبير قضايا الجالية سينعكس بكل تأكيد إيجابا على أوضاع الجاليات المغربية المقيمة في الخارج، خاصة الجالية المقيمة في تونس التي هي في أمسّ الحاجة إلى مثل هذه الالتفاتات؛ بالنظر إلى حجم الإشكالات التي تعاني منه”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “مغاربة تونس سيظلون جنودا مجندين وراء صاحب الجلالة خدمة للوطن وقضاياه، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة”، مشيرا إلى أن “فعاليات المجتمع المدني المغربي في تونس تعمل دائما، من خلال اللقاءات والأنشطة مع أفراد الجالية، على زرع روح الانتماء الوطني في صفوفهم وتعزيز تشبثهم بقضايا وطنهم الحيوية”.
وفي تفاعل مع الموضوع ذاته، أورد محمد حسن الواثق، مغربي مقيم بليبيا والمدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية، أن “اهتمام صاحب الجلالة محمد السادس بالجالية المغربية في هذا الخطاب المهم هو دليل على أهمية هذه الجالية، خاصة لما لوحظ من المؤسسات السابقة التي، منذ استحداثها، لم تقدم الخدمات المفترضة لدعم وحث الجاليات المغربية المقيمة بالخارج على المشاركة الوطنية المواطنة”.
وأضاف الواثق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الأمر ينطبق خصوصا على الجالية المغربية في ليبيا، خاصة بعد الأحداث التي عاشها هذا البلد منذ 2011″، مبرزا أن “بعض المؤسسات تخاذلت في أداء مهامها ولم تهتم مطلقا بوضع هذه الجالية، رغم ما تعانيه من مآسٍ؛ فمؤسسات الإصلاح والتأهيل في ليبيا مثلا مكتظة بالمغاربة، ولا حياة لمن تنادي.. وبالتالي، فإن ما جاء في الخطاب الملكي وضع الأصبع على الجرح، كما يقال”.
وتابع المغربي المقيم بالأراضي الليبية: “مغاربة ليبيا ينتظرون من المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج المرتقب إحداثها أن تحلحل وضعيتهم”، مؤكدا على ضرورة العمل على “إنشاء مؤسسة تعليمية لأبناء الجالية في ليبيا، وتفعيل المساعدة القضائية واتفاقية التعاون القضائي والضمان الاجتماعي؛ إذ من شأن ذلك أن يساهم في تقوية مساهمة الجالية في تطوير قدرات المملكة المغربية وطنيا وجهويا ومحليا، لكي تنخرط في المجهود الجماعي الراسخ لبناء مجتمع ديمقراطي حداثي متشبث بهويته المغربية الأصيلة، وتعبئة طاقات وكفاءات الجالية المغربية الخلاقة في مجهود التنمية البشرية المستدامة وتحديث مجتمعهم وتعزيز رصيده وإشعاعه الثقافي والحضاري الدولي”.