مع عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لولاية جديدة بعد انتهاء عهدة جو باين، يعود الحديث عن ملف الصحراء المغربية وإمكانية مزيد من الدعم للوحدة الترابية للمملكة، بعدما كان قد اعترف في آخر ولايته السابقة بمغربية الصحراء والحكم الذاتي.
ووجّه الملك محمد السادس رسالة تهنئة إلى المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمناسبة انتخابه، مرة أخرى، رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر الملك محمد السادس، في رسالة التهنئة نفسها، أن العلاقات الثنائية شهدت خلال الولاية السابقة لترامب مستوى غير مسبوق، عندما اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة المغربية الكاملة على صحرائها”، مشددا على أن “هذا الحدث التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنًا له إلى الأبد، شكل نقطة تحول تعكس عمق علاقتنا الخاصة والعريقة، وتحمل آفاقًا للتعاون المتزايد وشراكة استراتيجية أوسع”.
ويعول مراقبون على هذه العودة لإحراز مزيد من التقدم في هذا الملف، وإنهاء النزاع المفتعل بالصحراء المغربية الذي عمر طويلا.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد اعترفت في الفترة السابقة بسيادة المغرب على كامل ترابه، فإن هذه الحقبة الجديدة للرئيس دونالد ترامب ينتظر منها افتتاح قنصلية أمريكية بالأقاليم الجنوبية بمدينة الداخلة، وتعزيز التعاون المغربي الأمريكي، ودفع دول أخرى للقيام بالخطوة نفسها.
دعم أمريكي لمغربية الصحراء
بالنسبة إلى عبد الواحد أولاد ملود، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بمراكش، فإن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وفي ظل عدم سحب إدارة الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، الاعتراف الذي أقره ترامب في آخر عهدته، “يدخل ضمن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، خاصة على مستوى شمال إفريقيا”.
فهذا الاعتراف، وفق تصريح أستاذ التعليم العالي لجريدة هسبريس الإلكترونية، “لا يتعلق برئيس دون آخر، بل بالدولة العميقة، ولو أن للرئيس اختصاصات يخولها له الدستور، لكن نرى أنه استمرار لتوطيد العلاقات بين البلدين”.
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة تدعم دائما الاستقرار في شمال إفريقيا، لأنه “ليس في مصلحتها إنشاء كيان داخل الشمال الإفريقي الذي يشهد نوعا من النظرية الصفرية”، موردا أن استمرار العلاقات التي تحكمها قضية الوحدة الترابية “لها تأثير وانعكاس على مستوى توطيد النفوذ الأمريكي على مستوى شمال إفريقيا”.
وبخصوص تأثير عودة ترامب في هذا الملف، قال أولاد مولود: “إن لم يكن دعما لهذا الاعتراف، أي إنشاء قنصلية في الأقاليم الجنوبية والمساندة على مستوى مجلس الأمن وقرارات الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الأمور ستبقى على ما هي عليه”، وزاد موضحا: “ترامب لن يغامر بالتراجع عن دعم مغربية الصحراء. فإن لم يكن هناك دعم مستمر، فإن الأوضاع ستبقى في توازن”.
وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم مغربية الصحراء والحكم الذاتي، وبالتالي فأي دولة تقوم بالاعتراف بمغربية الصحراء، فإن أمريكا إذا لم ترسخ هذا الاعتراف فهي فبلا شك لن تعارضه.
وحول اعتماد المغرب على ترامب في حث دول أخرى لدعم القضية الوطنية، ذكر أولا مولود أن المملكة تعول على منظورها الدبلوماسي، وليس على الولايات المتحدة، لدفع دول أخرى للاعتراف بالوحدة الترابية، موردا أن “المغرب ماض في توطيد علاقات مع مجموعة من الدول بإفريقيا وغيرها، ويستحضر المشترك بين الدول”.
عدم التحمس
من جانبه، يرى الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، أن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية “لا يجب أن يجعلنا متحمسين أكثر”.
وسجل بنطلحة، ضمن تصريح لهسبريس، أن “ترامب يعد أول رئيس أمريكي وغربي أقر بمغربية الصحراء، لهذا يأمل المراقبون أن ينهي هذا المشكل الذي عمر طويلا”.
وأضاف: “لا يجب علينا أن نكون متحمسين، بل يجب أن يتسم خطابنا بالحذر الابستيمولوجي حتى نتعرف على الكيفية التي سيسير بها دفة الحكم وبرنامج عمله”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “قرارات ترامب تكون جريئة وتنهل من الواقعية السياسية ولغة المصالح، وهو يعرف جيدا خبايا الملف والدور القذر للنظام الجزائري في صنع هذا المشكل الإقليمي، وكلنا أمل أن يدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية وأن تحذو حذوه دول أخرى في هذا المجال”.